3/22/2016

سياسة العرض.. تعزز اقتصادنا

الثلاثاء 13 جمادى الآخرة 1437 هـ - 22 مارس 2016م - العدد 17438

المقال


د. فهد محمد بن جمعة
    سياسة جانب العرض تؤدي إلى تحسين القدرة التنافسية للاقتصاد وتساعد على جعل الصادرات أكثر جاذبية، وهذا ينتج عنه تحسن في الحساب الجاري، إذا ما اتبعت الحكومة سياسة الخصخصة وتخفيف الضوابط التنظيمية التي تدعم زيادة الكفاءة الاقتصادية وربحية القطاع الخاص من خلال رفع كفاءته الإنتاجية وزيادة صادراته. وتشمل سياسات جانب العرض الإنفاق الحكومي على التعليم والحد من التشريعات الحكومية من أجل تحقيق الأهداف الاقتصادية الكلية الرئيسة ومنها: ارتفاع النمو الاقتصادي، انخفاض معدل التضخم، تخفيض البطالة، وتحقيق التوازن في ميزان المدفوعات. رغم تعارض بعض هذه الأهداف مع بعضها البعض، على سبيل المثال، قد تسهم السياسة المالية التوسعية في زيادة النمو الاقتصادي وانخفاض البطالة ولكن ذلك سيكون على حساب التضخم والحساب الجاري.
وبنظرة دقيقة إلى تحركات النمو الاقتصادي خلال العقد الماضي نجد ان أدنى مستوى لمعدل النمو وصل الى (-2.06%) في 2009م، بينما أعلى معدل وصل اليه 9.96% في 2011م، وبلغ متوسط النمو في الأعوام الثلاثة الأخيرة 3.22%. لكن الأمر الغريب هو عدم ترابط معدلات النمو بمعدلات التضخم كما هو معروف بان العلاقة بينهما طردية حتى يصل التضخم الى مستوى عال من الارتفاع، ليبدأ بعدها النمو بالتراجع. فقد اوضح تحليل الترابط (Correlation Analysis) ان معامل الترابط بينهما عكسي وبنسبة (-6%)، لكنه يدل على عدم ترابطهما. وهنا نتساءل لماذا يسلك نمو اقتصادنا سلوكاً مغايراً لما أثبتته النظريات الاقتصادية؟ هل هذا الخلل يعود الى ضعف الهياكل الاقتصادية، المزيج الاقتصادي، السياسات المالية والنقدية، الخطط الاقتصادية أو مجتمعة؟.
أما العلاقة بين التضخم والبطالة فعكسية كما وصفها (منحنى فليبز)، فكلما زاد التضخم كلما تقلص معدل البطالة. فقد وصل معدل البطالة الى 8.1% في 2000م قبل ان يصعد الى 12% في 2006م، ليعكس مساره في 2008م متراجعا الى 9.8%، لكنه عاد مره ثانية ليقفز الى أعلى قمة له عند 12.4% في 2011م، ثم تراجع طفيفا الى معدل 11.5% في 2015م. فهل سلوك معدل البطالة لدينا يتناغم عكسيا مع سلوك التضخم؟. الاجابة نعم، فعندما وصل التضخم الى 0.5% في 2005م زاد معدل البطالة بنسبة 0.5% ثم استمرت معدلات البطالة تتجاوب عكسيا مع تحرك معدلات التضخم، حيث اوضح تحليل الترابط بأن هناك ترابطا قويا وعكسيا بينهما بنسبة 60% وهذا هو المتوقع طبقا لنظرية فليبز.
وبالنظر في جزئية الميزان التجاري، نجد ان الصادرات غير النفطية ارتفعت بنسبة 71% في 2008م مقارنة بعام 2005م، لكنها تراجعت بنسبة 10% في 2010م، ولم تستطع مواصلة ارتفاعها بعد 2014م، حيث تراجعت بنسبة 15% في 2015م ووفقا للمصلحة العامة للإحصاء (17.99%). وعندما ننظر الى هذه الصادرات غير النفطية كنسبة من اجمالي الواردات نكتشف سلوكا مغايرا بتراجع هذه النسبة خلال الفترة ما بين 2005 و 2008 مع زيادة الواردات ولكنها ما لبثت وعاودت الارتفاع في 2009م حتى وصلت الى أعلى قمة لها عند 35.78% وبنمو نسبته 23.1% في 2011م، بعدها بدأ منحنى النمو ينحدر بحدة وبمعدل سلبي (-2.2%) في 2015م لتتراجع معه نسبة تلك الصادرات من الواردات الى 29.3%.
إن التركيز على خيار سياسة جانب العرض يدعم الأهداف الاقتصادية الكلية لاقتصادنا ويجعل الترابط بين معدلات النمو ومعدلات التضخم يأخذ مساره الطبيعي. رغم ان هذه السياسة تستغرق وقتاً طويلاً حتى تحقق آثارها الإيجابية، إلا انها سياسة تزيد من جاذبية اقتصادنا للمزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية التي تستخدم التكنولوجيا الجديدة، والابتكارات في تنميته، مما ينتج عنه التوظيف الأمثل للموارد المتاحة وتنمية رأس المال البشري في ظل معدلات من التضخم تخفض البطالة ولا تتجاوز معدلات النمو المرتفعة على المدى الطويل.

ليست هناك تعليقات:

الطلب على النفط.. يحدد الاستثمارات

  الثلاثاء 21 ذو الحجة 1446هـ 17 يونيو 2025م المقال الرياض د. فهد محمد بن جمعة صرّح هيثم الغيص، الأمين العام لأوبك، خلال معرض الطاقة العالمي...