8/08/2011

المدن الاقتصادية ليست اول الاوليات


إعداد: د/ فهد محمد بن جمعه
لقد شهد عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله العديد من الإصلاحات الاقتصادية الفاعلة التي تجسدت في دفع عجلة التنمية الاقتصادية المتوازنة بين المناطق السعودية من خلال زياراته المتكررة لهذه المناطق ما بعث السرور والغبطة في قلوب سكان هذه المناطق. إن أهداف خطط التنمية الخمسيه المتتالية دائما تتحدث عن تنميه تلك المناطق التي هي اقل حظا من غيرها من خلال التنمية المتوازنة والمستديمة ولكن لم  يبدأ التنفيذ حتى أمر الملك عبدالله بتحقيق أهداف التنمية المتوازنة بين المناطق من خلال  دراسة الأسباب والمعوقات التي أدت إلى هذا الخلل في عمليات التنمية الاقتصادية لكي يكون القرار الاقتصادي مثمرا وفاعلا لسد هذه الفجوات الاقتصادية بين مناطق المملكة.  فكان أول ما تم طرحه من خيار هو إقامة مدن الاقتصادية في أنحاء متفرقة من المملكة دون أن ندرس جيدا الاختيارات الأخرى المتاحة في نطاق مواردنا المحدودة سواء كانت المالية أو البشرية مع الأخذ في الاعتبار الميز النسبية التي يمكن استغلالها في كل منطقه من اجل تعزيز القيمة المضافة إلى إجمالي الناتج المحلي وتجنبا للازدواجية في علميات الاستثمار بين تلك المدن و ما هو قائم من مدن صناعية.  
 إن فكره  إنشاء المدن الاقتصادية وتوزيعها في مناطق مختلفة من المملكة بدعوى تحقيق التنمية المتوازنة بين المناطق يقلقلنا نوعا ما لعدم وضوح الرؤية الاقتصادية المرتكزة على معلومات اقتصاديه دقيقه تتفق مع ما يؤرقنا من قضايا اقتصاديه ويؤدي إلى معالجتها. وإذا ما كانت تلك المدن أول الأوليات التي من المفروض أن نستثمر فيها ونحفز القطاع الخاص على المشاركة فيها لكي يتحقق لها النجاح. إن حرصنا على استخدام الموارد الاقتصادية بكل فعاليه وتطوير الموارد البشرية طبقا لمتطلبات سوق العمل جعلنا نتسآل عن المعايير التي تؤكد إن تلك المدن الاقتصادية سوف تخدم مناطقها و كذلك الاقتصاد الوطني, وهل تم اختيار تلك المواقع بناءا على توفر الميز النسبية في كل إقليم إن وجدت؟, وهل هذه المعايير اقتصاديه بحته تهدف إلى رفع الإنتاجية الاقتصادية وزيادة فعاليه استخدام الموارد أو إنها معايير تهتم بموضوع العدالة الاجتماعية وإعادة توزيع الدخل الاقتصادي فيما بين تلك المناطق؟. كما إن المواطن أيضا يتسآل عن قدرة تلك المدن الاقتصادية على زيادة رفاهيته الاقتصادية والاجتماعية في الأجل القريب والبعيد؟ وما علاقة تلك المدن بالاستثمارات في الموارد البشرية؟ وما علاقتها بإقامة مراكز للبحوث العلمية المتطورة؟ وما علاقتها برفع الكفاءة والقدرات العلمية في جامعات متخصصة تخرج أيدي عامله ذات ميز نسبيه في مهارتها على ألطريقه اليابانية أو السنغافورية؟.
انه لا يمكن أن نتجاهل القضايا المعاصرة ونذهب بعيدا عن الحلول ونبدل الأوليات الأساسية و نفرط في تفاؤلنا وطموحاتنا ونغض النظر عن ما نملكه من قدرات ماليه وبشريه في الوقت الحاضر وفي المستقبل, ما قد يوقعنا في مأزق اقتصادي واجتماعي لم نعمل على تشخيصه جيدا انطلاقا من واقع قضايانا القائمة التي عجزت المدن الصناعية العاملة على سد الفجوة بين ما تنتجه وما يتوقعه المواطن السعودية رغم تحقيقها لبعض الانجازات في السنوات الأخيرة ومشاركتها بشكل أكثر فعاليه في إجمالي الناتج المجلي. فما أشبه اليوم بالأمس مدن اقتصاديه جديدة ومدن صناعية قديمه تم تشييدها لأكثر من 25 عاما أنها رؤية اقتصاديه يجني ثمارها شركات التعمير والتشييد, النقل, رؤوس الأموال الاجنبيه.
 إن قضايانا الاقتصادية ممكن علاجها إنها فقط تحتاج إلى استراتيجيه واضحة المعالم سهله التطبيق والمتابعة يحدد أهم أهدفها الاستثمار الحقيقي في الموارد البشرية وكسب ميزه نسبيه جديدة ترفع من الطلب علي تلك العماله من خلال خلق الفرص الوظيفية المرتبطة بمعدل نمو اقتصادي حقيقي متصاعد يدعم ما تهدف إليه خططنا الخمسية من تنويع مصادر الدخل و تحسين رفاهية المواطنين. إن الميز النسبية الطبيعية لا تكفي لتحقيق طموحاتنا إذا ما نستثمر في الموارد البشرية ونكسب ميزة نسبيه إضافية حقيقية مثل ما كسبا اليابانيون و غيرهم من الدول الآسيوية. فلا نستطيع أن نتجاهل عدم اليقين في المستقبل المملوء بالمخاطر المرتفعة والمرتبطة بإقامة تلك المدن اقتصاديه العملاقة عند مقارنتها بالمدن الصناعية القائمة التي يمكن تقييمها بكل دقه.فدعنا لا نختلف على تسميتها مدن اقتصاديه أو صناعية لان الأهداف والغايات متشابه إن لم تكن متطابقة ولنا عبره وتجربه في مدينتي الجبيل وينبع الصناعتين التي تديرها الهيئة الملكية وتشارك فيها شركه سابك وارامكو وشركات أجنبيه أخرى كنقطه مقارنه لما سوف نقدم عليه .فهل تعلم هيئه الاستثمار إن موقع الهيئة الملكية للجيبل وينبع يؤكد إن عدد سكان الجبيل 139،170 نسمة منهم 45،070 فرداً يمثلون القوى العاملة التي تعمل في المدينة وتسكن خارجها. أما مدينة يتبع  فيبلغ عدد سكانها 85،979 نسمة منهم 26،289 فرداً يمثلون القوى العاملة التي تعمل في المدينة وتسكن خارجها. وإذا ما نظرنا إلى بعض إنجازات الهيئة الملكية بالجبيل كما ورد في موقعها والتي أصبحت واضحة وفاعله في السنوات الأخيرة بعد إن استغرقت العملية أكثر من عقدين من الزمن حيث بلغ معدل النمو الصناعي هذا العام 6%, ًوبلغت حصة المدينة في السوق العالمية للبتروكيماويات 7% من الإنتاج   العالمي, وبلغت حصة مدينة الجبيل الصناعية غير النفطية من أجمالي الناتج المحلي حوالي 11.5%, وبلغ رأس المال المستثمر في المدينة أكثر من 237 مليار ريال .
إن اقتصادنا لن ينتظر عقودا أخرى حتى تصبح تلك المدن الاقتصادية منتجه سواء كانت تلك المشاريع تمتلكها الحكومة أو القطاع الخاص. فلماذا لا نوجه مواردنا إلى زيادة الطاقات الإنتاجية لتلك المصانع العاملة والناجحة والتي نستطيع أن نقيم أدائها وجودة استثماراتها الاقتصادية بدلا من الخوض في المجهول ونتحمل معدل مرتفع من المخاطرة على استثماراتنا ونخلق منافسه مضادة بين تلك المدن ما قد يضعف قدرتها التنافسية و حصتها في السوق المحلية والعالمية بعد إن تصبح تلك الميز النسبية التي كانت تتمتع بها بمتناول جميع الشركات حتى الاجنبيه في إطار منظمة التجارة العالمية.

ليست هناك تعليقات:

الطلب على النفط.. يحدد الاستثمارات

  الثلاثاء 21 ذو الحجة 1446هـ 17 يونيو 2025م المقال الرياض د. فهد محمد بن جمعة صرّح هيثم الغيص، الأمين العام لأوبك، خلال معرض الطاقة العالمي...