12/05/2011

تأثير طلب الصين على أسعار النفط


 
الاثنين 10 محرم 1433هـ - 5 ديسمبر 2011م - العدد 15869

المقال

د. فهد محمد بن جمعة
    إن الطلب الصيني على النفط له أهمية كبيرة على تحرك الأسعار فهو ثاني اكبر مستهلك للنفط بعد الولايات المتحدة الأمريكية وذو أهمية كبيرة لصادرات السعودية إليها. فقد شد انتباهي تحليل (Xiaoyi Mu and Haichun Ye) في دورية الطاقة 32 (4) في 2011 بعنوان (فهم سعر النفط الخام: ما أهمية عامل الصين؟ ) اللذين استخدما في بحثهما بيانات شهرية تتضمن معدل نمو صافي واردات الصين النفطية خلال الفترة من يناير1997 حتى يونيه 2010 لتقييم أثر تلك الواردات على سعر النفط الحقيقي. فكانت النتيجة خلاف ما يتوقعه الكثير، حيث وجدا أن نمو واردات الصين ليس لها تأثير هام على تغيرات سعر النفط الشهري الحقيقي ولا يوجد هناك علاقة سببية (غرانجر) بين هذين المتغيرين، بينما أشار التحليل إلى أن القفزات في الطلب الصيني النفطي كان له فقط تأثير بسيط في الفترة من 2002 إلى 2005 بنسبة 5%، بينما مرونة سعر العرض في الأجل الطويل بلغت نسبتها 11-23% بين 2002 ومنتصف 2010 نتيجة نمو الواردات الصينية. كما أكدت أرقام وكالة الطاقة الدولية إن عامل الصين له تأثير أكبر على أسعار النفط من "عامل الخطر" القادم من التوترات العالمية.
فقد ارتفع الطلب الصيني على النفط من 4.2 ملايين برميل يوميا في 1997 إلى 8.7 ملايين برميل يوميا في 2010 أو 107%، بينما إنتاج الصين ارتفع من 3.2 ملايين برميل يوميا إلى 4 ملايين برميل يوميا خلال نفس الفترة وبنسبة 25%. لاحظ الفرق الكبير بين نمو الطلب والإنتاج المتدني الذي يبدو شبه مستقر في السنوات الأخيرة. فعندما قمت بإجراء عملية الترابط بين هذين المتغيرين وأسعار نايمكس على انفراد كانت نسبة الترابط قوية للغاية في كلتا الحالتين وبلغت 90%، حيث نما متوسط السعرمن 20.61 إلى 79.40 دولارا أي بنسبة 285% خلال نفس الفترة السابقة. لكن عندما أجريت الترابط بينهما في الفترة من 2002 و 2010 أصبح الترابط اقوى بكثير من الترابط بينها في الفترة ما بين 1997 و 2001 ما يتفق مع نتائج هذه الدراسة.
انه من الواضح ان عدم قدرة الصين على رفع إنتاجها وارتفاع طلبها على النفط ساهم بشكل كبير في ارتفاع الأسعار العالمية في العقد الماضي ومازال في 2011، رغم تراجع نموها الاقتصادي من 9.7% في الربع الأول إلى 9.1% في الربع الثالث بعد اتخاذها سياسة نقدية برفع معدل الاحتياط النقدي لدى البنوك إلى 21.5% للحد من معدل التضخم الذي تراجع من 6.5% في يوليه إلى 5.5% في أكتوبر، ولكنها تراجعت عن هذه السياسة الأسبوع الماضي بخفض معدل الاحتياط النقدي 50 نقطة إلى 21% من اجل دعم النمو الاقتصادي، مما سوف يرفع من طلبها على النفط في الأشهر القادمة.
وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يكون الطلب على النفط في 2012 أبطأ مما كان متوقعا إلا إن الجزء الأكبر من النمو سيأتي من الاقتصاديات الناشئة وبشكل خاص من الصين الذي سيمثل نموها 50% من إجمالي هذا الطلب تقريبا. إن النمو المطرد في الطلب الصيني سيدفع أسعار النفط إلى التصاعد كما هو متوقع له، حيث يلعب جانب العرض الذي اقترب من ذروة الإنتاج إن لم يكن قد وصل إليها دورا هاما في تحريك الأسعار العالمية، مما يجعلنا نقول انتهى زمن أسعار نفط الرخيصة وقريبا سنودع سعر 100 دولار وبحلول عام 2015 سنتكلم عن سعر 150 دولارا على انه السعر المناسب.

ليست هناك تعليقات:

ميزانية الإيرادات غير النفطية والأولويات

الثلاثاء 11 صفر 1447هـ 5 أغسطس 2025م المقال الرياض د. فهد محمد بن جمعة منذ إطلاق رؤية 2030 بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حققت الممل...