في هذه الأيام ينشغل مفاوضو الزراعة الذين شاركوا في مفاوضات الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية في إلقاء المحاضرات وتعريف المزارعين على الالتزامات والاستثناءات والحماية الجمركية التي حصلت عليها المملكة مقابل هذا الانضمام، وهذا عمل عظيم لا يمكن إنكاره، لكن لم تكن تلك المنظمة صنيعة اليوم بعد أن مضى عليها أكثر من نصف عقد وضمت 148 عضوا من قبلنا وتمتعوا بمزايا هائلة لحماية منتجاتهم المحلية قد تصل في بعض الأحيان إلى مئات مضاعفة، بينما نحصل فقط في أحسن الأحوال على 40 في المائة من الحماية لبعض المحاصيل الزراعية فقط. فالآن وفي هذا اليوم أصبحت السعودية رسميا العضو 149 في منظمة التجارة العالمية ولا بد أن يتم ترتيب البيت الزراعي السعودي وإعادة هيكلته من أجل جودة الإنتاجية عند أسعار تنافسيه لا تقلص من فائض المستهلك السعودي ولا يتم تنمية هذا القطاع على حساب الثروة المائية الجوفية غير المتجددة، بل لا بد من تقليص حجم تلك المحاصيل الزراعية التي تستهلك كمية هائلة من المياه الصالحة للشرب سنويا من خلال إنهاء الدعم الحكومي المباشر وغير المباشر لها، بل تحديد الكميات المفروض زراعتها وفرض رسوم محددة ليتوجه هؤلاء المزارعون إلى زراعة المنتجات ذات الاستهلاك المائي البسيط من خلال استعمال التقنيات المتطورة وترشيد استخدام المياه الجوفية.
فإننا لا نتفق مع سياسة التوسع في زراعة القمح التي تؤدي إلى استنزاف مصادر المياه، ولا نتفق أيضا مع الدعم الحكومي الذي يحفز الشركات الزراعية على التوسع ثم هدر الثروة المائية غير المتجددة، ما قد يهدد حياة أفراد المجتمع عامة، وهذا أهم وأغلى من زراعة القمح الذي يزيد من عجز الميزانية العامة ويقلص من عمر المياه الجوفية، فإن على الشركات الزراعية أن تتوقف عن التوسع في زراعة القمح واستبدال المنتجات الأقل استهلاكا للمياه بها، ما يتفق معه كل المهتمين بشؤون المياه، فإن المقصود هنا ليس زراعة القمح بحد ذاته إنما الطريقة التي تستخدمها الشركات في جذب المياه، حيث ذكر الدكتور محمد حبيب أنه عام 1994 عندما كان مديرا لشركة بيشة الزراعية استطاع أن يغير نظام الري من الغمر إلى التنقيط، ما أدى إلى توفير 60 في المائة من المياه المستهلكة في ري مزارع الشركة، فهل يا ترى تأخذ الشركات الزراعية الأخرى بهذا المنحى الرائع؟ كما أن هذا الخبير يعلن عدم موافقته على سياسة التوسع في زراعة القمح فإنه أيضا لا يوافق على التوسع في زراعة النخيل التي أهدرت وضيعت تريليونين من الأمتار المكعبة من المياه خلال الـ 25 سنة الماضية، حتى أنه قال حان (شد الأحزمة بالنسبة للزراعة)، فعلينا وقف زراعة المزيد من أشجار النخيل، لأن لدينا 25 مليون نخلة تستهلك 3.7 مليار متر مكعب من المياه سنويا ما يعادل 22 في المائة 16 مليار متر مكعب من مياه الزراعة تقريبا، بينما الاستهلاك السنوي للمياه في السعودية بلغ 19 مليارا، متخوفا من ظاهرة الجفاف ما قد يكون على حساب الأجيال المقبلة، حيث تنتج السعودية نحو مليون طن سنويا من التمور وكل نخلة تحتاج إلى 50 لترا من المياه، وأعطى مثلا أن القصيم وحدها يوجد فيها مليونا نخلة تقريبا تنتج 180 ألف طن من التمور، وحسب قوله، إن حجم مبيعاتها ثمانية آلاف طن في القصيم وثمانية آلاف طن في مناطق أخرى من السعودية، أما الباقي فكانت نهايته التلف دون فائدة ونتيجة تبخر الماء وجفاف الأرض والماء وهما أهم من التمور. لذا يجب علينا إيقاف التوسع في زراعة النخيل وحصر العدد في نطاق ستة ملايين نخلة منتجة من الأصناف الممتازة والفاخرة ووقف الأنواع الأخرى الرديئة ليتم توفير3.7 مليار متر مكعب من المياه، وبالنسبة للأعلاف أن يتوقف المزارعون من زراعة البرسيم الدروس أو حشيشة السودان التي تستهلك المياه بطريقه وحشية.
إن هذا الحديث يدق أجراس خطر المياه وينذر بجفاف منابعه إذا ما استمر الحال على ما هو عليه دون اتخاذ قرارات حاسمة في هذا الاتجاه.
وعلى ذلك لا يمكن أن نتجاهل أو نغض النظر عن استنزاف قطاع الزراعة المياه في بلدنا الصحراوي القاحل ولا يجوز أن نخطئ في حساباتنا مرة أخرى، لأنه سوف يكون على حساب الأجيال المقبلة عندما تقرأ تلك الأجيال تاريخ المياه وتعرف أننا كنا مقصرين، وقد جشعت قراراتنا الاقتصادية والاجتماعية على زراعة تلك المنتجات الزراعية التي تمتص مخزوننا من المياه غير المتجددة ليصبح ظاهر الأرض مثل باطنها، فلم يكفنا استهلاك جميع أنواع الثروة الحيوانية على سطح هذه الصحراء، بل إن أنانيتنا وحبنا لمصالحنا الخاصة دفعتنا إلى استهلاك المياه الجوفية بشكل وحشي وفي إطار رؤية ضيقة وقصيرة العمر.
لقد حان الوقت لكي نضع في حساباتنا معدل المنافع الاقتصادية والاجتماعية على أن مترا مكعبا من المياه بعد عقد أو عقود من الزمن سوف يكلفنا أضعاف منافعنا من المحاصيل الزراعية الآن لنحصل على القيمة الحقيقية للمياه مقسومة على القيمة الزراعية لكل نخلة أو مساحة من القمح موزونة بأخطار المستقبل والاحتمالات والتكهنات الدقيقة حتى نرجح كفة المصلحة الوطنية على كفة حفنة من المزارعين الذين يصرون على استمرارهم في التوسع في زراعة تلك المنتجات وهم يدركون جيدا مدى خطورة استنزافهم المياه على الأجيال المقبلة. هكذا يتم تحديد مشكلة المياه وما علينا إلا نختار ما هو أفضل ضمن خطة استراتيجية وطنية تساندها التشريعات القانونية التي تمنع استنزاف المياه الجوفية من خلال تقنين أنواع النشاط الزراعي الذي يستهلك مياهنا وإنهاء الدعم الحكومي الذي دائما يشجع تلك المنتجات الزراعية على توسعها واستهلاكها للمياه، ليس بقصد الإنتاج، إنما بقصد تحصيل الإعانة لنفسها وأن نضع تسعيرة على الاستهلاك الزراعي للمياه حتى تبرز عوامل السوق التكلفة الحقيقية للماء، ونعوض النقص في العرض الزراعي عن طريق الاستيراد وبتكاليف منخفضة تزيد من رفاهية المواطن السعودي، فإن الرياح تجري بسفن المياه في اتجاه الاخطار والعواصف التي تبرق دون أمطار، فهل من منقذ لأغلى ثروة لدينا حتى لا نكرر أخطاء الماضي مرة ثانية وننتقل من عصر الاستنزاف إلى عصر الاحتياجات بعد أن قبضنا بمؤخرة العولمة وقدمنا تنازلات كنا في غنى عنها لضعف قوتنا التفاوضية بعد أن فات زمن الميزات وقبلنا بما قبلنا لنكون فقط جزءا من العالم الاقتصادي حين لا ملاذ لنا إلا انفتاحنا على العالم.
فإننا لا نتفق مع سياسة التوسع في زراعة القمح التي تؤدي إلى استنزاف مصادر المياه، ولا نتفق أيضا مع الدعم الحكومي الذي يحفز الشركات الزراعية على التوسع ثم هدر الثروة المائية غير المتجددة، ما قد يهدد حياة أفراد المجتمع عامة، وهذا أهم وأغلى من زراعة القمح الذي يزيد من عجز الميزانية العامة ويقلص من عمر المياه الجوفية، فإن على الشركات الزراعية أن تتوقف عن التوسع في زراعة القمح واستبدال المنتجات الأقل استهلاكا للمياه بها، ما يتفق معه كل المهتمين بشؤون المياه، فإن المقصود هنا ليس زراعة القمح بحد ذاته إنما الطريقة التي تستخدمها الشركات في جذب المياه، حيث ذكر الدكتور محمد حبيب أنه عام 1994 عندما كان مديرا لشركة بيشة الزراعية استطاع أن يغير نظام الري من الغمر إلى التنقيط، ما أدى إلى توفير 60 في المائة من المياه المستهلكة في ري مزارع الشركة، فهل يا ترى تأخذ الشركات الزراعية الأخرى بهذا المنحى الرائع؟ كما أن هذا الخبير يعلن عدم موافقته على سياسة التوسع في زراعة القمح فإنه أيضا لا يوافق على التوسع في زراعة النخيل التي أهدرت وضيعت تريليونين من الأمتار المكعبة من المياه خلال الـ 25 سنة الماضية، حتى أنه قال حان (شد الأحزمة بالنسبة للزراعة)، فعلينا وقف زراعة المزيد من أشجار النخيل، لأن لدينا 25 مليون نخلة تستهلك 3.7 مليار متر مكعب من المياه سنويا ما يعادل 22 في المائة 16 مليار متر مكعب من مياه الزراعة تقريبا، بينما الاستهلاك السنوي للمياه في السعودية بلغ 19 مليارا، متخوفا من ظاهرة الجفاف ما قد يكون على حساب الأجيال المقبلة، حيث تنتج السعودية نحو مليون طن سنويا من التمور وكل نخلة تحتاج إلى 50 لترا من المياه، وأعطى مثلا أن القصيم وحدها يوجد فيها مليونا نخلة تقريبا تنتج 180 ألف طن من التمور، وحسب قوله، إن حجم مبيعاتها ثمانية آلاف طن في القصيم وثمانية آلاف طن في مناطق أخرى من السعودية، أما الباقي فكانت نهايته التلف دون فائدة ونتيجة تبخر الماء وجفاف الأرض والماء وهما أهم من التمور. لذا يجب علينا إيقاف التوسع في زراعة النخيل وحصر العدد في نطاق ستة ملايين نخلة منتجة من الأصناف الممتازة والفاخرة ووقف الأنواع الأخرى الرديئة ليتم توفير3.7 مليار متر مكعب من المياه، وبالنسبة للأعلاف أن يتوقف المزارعون من زراعة البرسيم الدروس أو حشيشة السودان التي تستهلك المياه بطريقه وحشية.
إن هذا الحديث يدق أجراس خطر المياه وينذر بجفاف منابعه إذا ما استمر الحال على ما هو عليه دون اتخاذ قرارات حاسمة في هذا الاتجاه.
وعلى ذلك لا يمكن أن نتجاهل أو نغض النظر عن استنزاف قطاع الزراعة المياه في بلدنا الصحراوي القاحل ولا يجوز أن نخطئ في حساباتنا مرة أخرى، لأنه سوف يكون على حساب الأجيال المقبلة عندما تقرأ تلك الأجيال تاريخ المياه وتعرف أننا كنا مقصرين، وقد جشعت قراراتنا الاقتصادية والاجتماعية على زراعة تلك المنتجات الزراعية التي تمتص مخزوننا من المياه غير المتجددة ليصبح ظاهر الأرض مثل باطنها، فلم يكفنا استهلاك جميع أنواع الثروة الحيوانية على سطح هذه الصحراء، بل إن أنانيتنا وحبنا لمصالحنا الخاصة دفعتنا إلى استهلاك المياه الجوفية بشكل وحشي وفي إطار رؤية ضيقة وقصيرة العمر.
لقد حان الوقت لكي نضع في حساباتنا معدل المنافع الاقتصادية والاجتماعية على أن مترا مكعبا من المياه بعد عقد أو عقود من الزمن سوف يكلفنا أضعاف منافعنا من المحاصيل الزراعية الآن لنحصل على القيمة الحقيقية للمياه مقسومة على القيمة الزراعية لكل نخلة أو مساحة من القمح موزونة بأخطار المستقبل والاحتمالات والتكهنات الدقيقة حتى نرجح كفة المصلحة الوطنية على كفة حفنة من المزارعين الذين يصرون على استمرارهم في التوسع في زراعة تلك المنتجات وهم يدركون جيدا مدى خطورة استنزافهم المياه على الأجيال المقبلة. هكذا يتم تحديد مشكلة المياه وما علينا إلا نختار ما هو أفضل ضمن خطة استراتيجية وطنية تساندها التشريعات القانونية التي تمنع استنزاف المياه الجوفية من خلال تقنين أنواع النشاط الزراعي الذي يستهلك مياهنا وإنهاء الدعم الحكومي الذي دائما يشجع تلك المنتجات الزراعية على توسعها واستهلاكها للمياه، ليس بقصد الإنتاج، إنما بقصد تحصيل الإعانة لنفسها وأن نضع تسعيرة على الاستهلاك الزراعي للمياه حتى تبرز عوامل السوق التكلفة الحقيقية للماء، ونعوض النقص في العرض الزراعي عن طريق الاستيراد وبتكاليف منخفضة تزيد من رفاهية المواطن السعودي، فإن الرياح تجري بسفن المياه في اتجاه الاخطار والعواصف التي تبرق دون أمطار، فهل من منقذ لأغلى ثروة لدينا حتى لا نكرر أخطاء الماضي مرة ثانية وننتقل من عصر الاستنزاف إلى عصر الاحتياجات بعد أن قبضنا بمؤخرة العولمة وقدمنا تنازلات كنا في غنى عنها لضعف قوتنا التفاوضية بعد أن فات زمن الميزات وقبلنا بما قبلنا لنكون فقط جزءا من العالم الاقتصادي حين لا ملاذ لنا إلا انفتاحنا على العالم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق