العدد: 4497 old الموافق: 2006-02-02
رفع الحماية الجمركية لوقف استنزاف
المياه
المياه
د. فهد محمد بن جمعة
علينا أن نضع النقاط على الحروف ونحذر من خطر محدق بمستقبل
الأجيال المقبلة يهدد الحياة المدنية من جميع الجوانب عندما تستنزف بعض المنتجات
الزراعية المياه الجوفية الصالحة للشرب ويكون الاعتماد على مياه البحر المحلاة
بصفة مستمرة هو الاختيار الوحيد أمامنا في هذا البلد الصحراوي الذي لا توجد به
أنهار جارية ويعاني من قلة منسوب الأمطار سنويا وتجفف حرارته الحارقة قطرات الماء
إن وجدت. فقد أدركت الدولة خطر جفاف منابع المياه في السعودية مما اضطرها إلى
إنشاء وزارة المياه مستقلة عن وزارة الزراعة لتدرس وتبحث في كيفية حماية أكبر كمية
من المياه الجوفية وإلى أقصى مدة ممكنة, وإيجاد مصادر أخرى بأقل التكاليف وتوعية
أفراد المجتمع بأن الماء ثروة غير متجددة تشبه إلى حد بعيد الثروة النفطية فإن
عليهم أن يحافظوا عليها ويطبقوا مبدأ الترشيد بدلا من الإسراف. إننا هنا نتحدث عن
قضية مصيرية قبل الحديث عن المكاسب أو الخسائر الاقتصادية والاجتماعية حتى تتكون
لدينا رؤية عامة ومستقبلية لهذا القطاع الزراعي الاستهلاكي للمياه وكيف يتم تنميته
بما يتلاءم مع ندرة المياه عند معدل منخفض من استهلاك المياه, فلا يكون هناك تناقض
أو تعارض بين السياسات العامة التي تهدف إلى توفير المياه وترشيد استهلاكها من
خلال وزارة المياه. فهل يا ترى أخذت وزارة الزراعة الأمر بكل جدية لكي تنسجم
سياستها الزراعية مع السياسات العامة للدولة في إطار متوازن بين الإنتاج الزراعي
واستهلاك المياه؟ لأن حساب الأرباح والخسائر يؤكد أن المستثمر الزراعي في المحاصيل
ذات الكثافة الاستهلاكية للمياه يحقق أرباحا هائلة ويحقق فائضا هامشيا من الدعم
الحكومي المباشر وغير المباشر على حساب المجتمع (الوطن) الخاسر في تلك المعادلة.
وأخيرا أشكر وزير المياه على تصريحاته من موقع المسؤولية والحرص على المصلحة الوطنية
بالعمل وليس بالقول عندما أعلنها على الملأ في جريدة "الرياض" سابقا أن
الزراعة تستنزف 89 في المائة (18.3 مليار متر مكعب سنويا) من استهلاك المياه في
المملكة, في حين أن بقية أنواع الاستهلاك لا تمثل سوى 11 في المائة من الكمية
المستهلكة بما في ذلك مياه الشرب والاستخدامات السكنية والصناعية والتجارية
وغيرها, وهذا يعني أن جميع أنواع الاستهلاكيات لا تتجاوز 2.3 مليار متر مكعب مقابل
ذلك الاستنزاف الزراعي الخطير.
الأجيال المقبلة يهدد الحياة المدنية من جميع الجوانب عندما تستنزف بعض المنتجات
الزراعية المياه الجوفية الصالحة للشرب ويكون الاعتماد على مياه البحر المحلاة
بصفة مستمرة هو الاختيار الوحيد أمامنا في هذا البلد الصحراوي الذي لا توجد به
أنهار جارية ويعاني من قلة منسوب الأمطار سنويا وتجفف حرارته الحارقة قطرات الماء
إن وجدت. فقد أدركت الدولة خطر جفاف منابع المياه في السعودية مما اضطرها إلى
إنشاء وزارة المياه مستقلة عن وزارة الزراعة لتدرس وتبحث في كيفية حماية أكبر كمية
من المياه الجوفية وإلى أقصى مدة ممكنة, وإيجاد مصادر أخرى بأقل التكاليف وتوعية
أفراد المجتمع بأن الماء ثروة غير متجددة تشبه إلى حد بعيد الثروة النفطية فإن
عليهم أن يحافظوا عليها ويطبقوا مبدأ الترشيد بدلا من الإسراف. إننا هنا نتحدث عن
قضية مصيرية قبل الحديث عن المكاسب أو الخسائر الاقتصادية والاجتماعية حتى تتكون
لدينا رؤية عامة ومستقبلية لهذا القطاع الزراعي الاستهلاكي للمياه وكيف يتم تنميته
بما يتلاءم مع ندرة المياه عند معدل منخفض من استهلاك المياه, فلا يكون هناك تناقض
أو تعارض بين السياسات العامة التي تهدف إلى توفير المياه وترشيد استهلاكها من
خلال وزارة المياه. فهل يا ترى أخذت وزارة الزراعة الأمر بكل جدية لكي تنسجم
سياستها الزراعية مع السياسات العامة للدولة في إطار متوازن بين الإنتاج الزراعي
واستهلاك المياه؟ لأن حساب الأرباح والخسائر يؤكد أن المستثمر الزراعي في المحاصيل
ذات الكثافة الاستهلاكية للمياه يحقق أرباحا هائلة ويحقق فائضا هامشيا من الدعم
الحكومي المباشر وغير المباشر على حساب المجتمع (الوطن) الخاسر في تلك المعادلة.
وأخيرا أشكر وزير المياه على تصريحاته من موقع المسؤولية والحرص على المصلحة الوطنية
بالعمل وليس بالقول عندما أعلنها على الملأ في جريدة "الرياض" سابقا أن
الزراعة تستنزف 89 في المائة (18.3 مليار متر مكعب سنويا) من استهلاك المياه في
المملكة, في حين أن بقية أنواع الاستهلاك لا تمثل سوى 11 في المائة من الكمية
المستهلكة بما في ذلك مياه الشرب والاستخدامات السكنية والصناعية والتجارية
وغيرها, وهذا يعني أن جميع أنواع الاستهلاكيات لا تتجاوز 2.3 مليار متر مكعب مقابل
ذلك الاستنزاف الزراعي الخطير.
فلا بد أن نستثمر انضمامنا إلى منظمة التجارة العالمية لنوقف
الممارسات الزراعية الاستهلاكية للمياه غير المتجددة والتي تقوم بها بعض الشركات
الزراعية من خلال وقف زراعة بعض المحاصيل من أجل إنقاذ ما تبقى من تلك المياه. إني
أنادي جميع أصحاب القرارات الوطنية بأن يرفعوا الحماية الجمركية عن تلك المنتجات
الزراعية التي تستنزف المياه وتقنينها وإيقاف الدعم الحكومي لها مرة واحدة ومن
الآن حتى نسبق جفاف المياه. وعلى ذلك ألا ننجرف وراء الشعارات التي تنادي ببقاء
بعض تلك المنتجات الزراعية ولو كان على حساب الوطن والأجيال ويخلطون بينها وبين
قطاع الزراعة ككل, فيقولون إن الزراعة توظف الشباب السعودي وتحد من هجرتهم من
القرى إلى المدن مع أن تلك الهجرة مستمرة منذ سنوات ولم تتوقف ولن تتوقف إذا لم
تنشأ مدن تعليمية وصناعية في مناطقهم. وإننا نستطيع أن نرد على ما يدعيه بعض
المحللين بأن الدول المتقدمة تدعم الزراعة في بلدانها وهذا صحيح, ولكن عندما نتكلم
عن حماية المنتجات الزراعية في البلدان الغنية كما ورد في "توديز أدشن"
25/11/2005 نجد أن المواطنين هم الذين يتحملون تكاليف تلك الحماية. فما زال الدعم
الحكومي في تلك البلدان يأتي على حساب دافعي الضرائب, وفي بلادنا يأتي من ميزانية
الدولة التي عانت من عجز طوال السنوات ما قبل الأخيرة ومازال الدين العام يتجاوز
600 مليار ريال. إن الدعم الحكومي للمزارعين لا يعني أن المنتجات تقدم للمواطن
بأسعار تنافسية وبجودة عالية وإلا لم تكن هناك حاجة إلى الحماية. فنحن نعرف أن
قيمة الدعم الزراعي في الاتحاد الأوروبي EU 133 مليار دولار وفي اليابان 49 مليار دولار
والولايات الأمريكية 47 مليار دولار وكوريا الجنوبية 20 مليار دولار وفي كندا
وسويسرا ستة مليارات دولار. ولكن المستهلكين في الدول الأوروبية يعتقدون أنهم
يدفعون 42 في المائة زيادة عنع لو لم يكن هناك حماية ودعم بينما يعتقد الأمريكان
أنهم يدفعون 10 في المائة زيادة واليابانيون يدفعون الضعفين وهكذا. وعلى ذلك فإن
حماية الزراعة في أوروبا أعلى منها في أمريكا وهذا ما جعل الباحث فردرك نيومن Friedrich Naumann يجد أن سعر الخبز في فرنسا وألمانيا 45
في المائة أعلى منه في أمريكا, وسعر اللحم في فرنسا 56 في المائة, وفي ألمانيا 87
في المائة أعلى منه في أمريكا. لذا فإن الحقيقة هي أن تلك الإعانات معظمها من أجل
إبقاء بعض المزارعين الأرستقراطيين في أعمالهم لأسباب سياسية وانتخابية. ولكن
الأهم ما اكتشفه الاقتصادي الفرنسي باترك مزرلن Patrick Messerlin أن متوسط التكلفة التي يتحملها كل دافع
ضرائب في أوروبا لكل عمل يتم المحافظة عليه من خلال الحماية يقارب 200 ألف دولار
في السنة خلال فترة التسعينيات، ومن المدهش أنه في الفترة نفسها كل عمل يحتفظ به
في صناعة السكر يكلف دافع الضرائب في أمريكا 800 ألف دولار سنويا. فمن الواضح أن
دعم تلك الدول عبارة عن تحقيق المزيد من الرفاهية الاقتصادية لأصحاب الشركات
الزراعية حيث وثقت منظمة دول التعاون الاقتصاد والتنمية OECD, إن أغنى 20 في المائة من المزارعين في
أوروبا يحصلون على 80 في المائة من الدعم الحكومي. وفي بريطانيا على سبيل المثال
أغنى رجال مثل دووك the
Duke of Westminster ونوبلمن noblemen وهم الذين يتلقون معظم الدعم الزراعي.
وهذا ينطبق أيضا على أمريكا ففي عام 1999م حصل 7 في المائة من المزارعين على 45 في
المائة من إجمالي الإعانات ومن أشهر الحاصلين على ذلك الدعم اسنتر ويب Senate Minority Whip Dick J. Durbin. وحديثا في مؤتمر الدوحة كم Kym Anderson وويل Will Martin من البنك الدولي قالوا إن تحرير
المحاصيل الزراعية في عام 2015م يؤدي إلى مكاسب اجتماعية في دول أوروبا وإفريقيا the EU and EFTA قد تصل إلى 65 مليار دولار في حالm تحرير تجارة الزراعة وفي أمريكا إلى 16
مليار دولار والبرازيل عشرة مليارات دولار وفي أستراليا ونيوزلندا إلى ستة مليارات
دولار واليابان 55 مليار دولار وكوريا الجنوبية 45 مليار دولار وهونج كونج
وسنغافورة 11 مليار دولار.
الممارسات الزراعية الاستهلاكية للمياه غير المتجددة والتي تقوم بها بعض الشركات
الزراعية من خلال وقف زراعة بعض المحاصيل من أجل إنقاذ ما تبقى من تلك المياه. إني
أنادي جميع أصحاب القرارات الوطنية بأن يرفعوا الحماية الجمركية عن تلك المنتجات
الزراعية التي تستنزف المياه وتقنينها وإيقاف الدعم الحكومي لها مرة واحدة ومن
الآن حتى نسبق جفاف المياه. وعلى ذلك ألا ننجرف وراء الشعارات التي تنادي ببقاء
بعض تلك المنتجات الزراعية ولو كان على حساب الوطن والأجيال ويخلطون بينها وبين
قطاع الزراعة ككل, فيقولون إن الزراعة توظف الشباب السعودي وتحد من هجرتهم من
القرى إلى المدن مع أن تلك الهجرة مستمرة منذ سنوات ولم تتوقف ولن تتوقف إذا لم
تنشأ مدن تعليمية وصناعية في مناطقهم. وإننا نستطيع أن نرد على ما يدعيه بعض
المحللين بأن الدول المتقدمة تدعم الزراعة في بلدانها وهذا صحيح, ولكن عندما نتكلم
عن حماية المنتجات الزراعية في البلدان الغنية كما ورد في "توديز أدشن"
25/11/2005 نجد أن المواطنين هم الذين يتحملون تكاليف تلك الحماية. فما زال الدعم
الحكومي في تلك البلدان يأتي على حساب دافعي الضرائب, وفي بلادنا يأتي من ميزانية
الدولة التي عانت من عجز طوال السنوات ما قبل الأخيرة ومازال الدين العام يتجاوز
600 مليار ريال. إن الدعم الحكومي للمزارعين لا يعني أن المنتجات تقدم للمواطن
بأسعار تنافسية وبجودة عالية وإلا لم تكن هناك حاجة إلى الحماية. فنحن نعرف أن
قيمة الدعم الزراعي في الاتحاد الأوروبي EU 133 مليار دولار وفي اليابان 49 مليار دولار
والولايات الأمريكية 47 مليار دولار وكوريا الجنوبية 20 مليار دولار وفي كندا
وسويسرا ستة مليارات دولار. ولكن المستهلكين في الدول الأوروبية يعتقدون أنهم
يدفعون 42 في المائة زيادة عنع لو لم يكن هناك حماية ودعم بينما يعتقد الأمريكان
أنهم يدفعون 10 في المائة زيادة واليابانيون يدفعون الضعفين وهكذا. وعلى ذلك فإن
حماية الزراعة في أوروبا أعلى منها في أمريكا وهذا ما جعل الباحث فردرك نيومن Friedrich Naumann يجد أن سعر الخبز في فرنسا وألمانيا 45
في المائة أعلى منه في أمريكا, وسعر اللحم في فرنسا 56 في المائة, وفي ألمانيا 87
في المائة أعلى منه في أمريكا. لذا فإن الحقيقة هي أن تلك الإعانات معظمها من أجل
إبقاء بعض المزارعين الأرستقراطيين في أعمالهم لأسباب سياسية وانتخابية. ولكن
الأهم ما اكتشفه الاقتصادي الفرنسي باترك مزرلن Patrick Messerlin أن متوسط التكلفة التي يتحملها كل دافع
ضرائب في أوروبا لكل عمل يتم المحافظة عليه من خلال الحماية يقارب 200 ألف دولار
في السنة خلال فترة التسعينيات، ومن المدهش أنه في الفترة نفسها كل عمل يحتفظ به
في صناعة السكر يكلف دافع الضرائب في أمريكا 800 ألف دولار سنويا. فمن الواضح أن
دعم تلك الدول عبارة عن تحقيق المزيد من الرفاهية الاقتصادية لأصحاب الشركات
الزراعية حيث وثقت منظمة دول التعاون الاقتصاد والتنمية OECD, إن أغنى 20 في المائة من المزارعين في
أوروبا يحصلون على 80 في المائة من الدعم الحكومي. وفي بريطانيا على سبيل المثال
أغنى رجال مثل دووك the
Duke of Westminster ونوبلمن noblemen وهم الذين يتلقون معظم الدعم الزراعي.
وهذا ينطبق أيضا على أمريكا ففي عام 1999م حصل 7 في المائة من المزارعين على 45 في
المائة من إجمالي الإعانات ومن أشهر الحاصلين على ذلك الدعم اسنتر ويب Senate Minority Whip Dick J. Durbin. وحديثا في مؤتمر الدوحة كم Kym Anderson وويل Will Martin من البنك الدولي قالوا إن تحرير
المحاصيل الزراعية في عام 2015م يؤدي إلى مكاسب اجتماعية في دول أوروبا وإفريقيا the EU and EFTA قد تصل إلى 65 مليار دولار في حالm تحرير تجارة الزراعة وفي أمريكا إلى 16
مليار دولار والبرازيل عشرة مليارات دولار وفي أستراليا ونيوزلندا إلى ستة مليارات
دولار واليابان 55 مليار دولار وكوريا الجنوبية 45 مليار دولار وهونج كونج
وسنغافورة 11 مليار دولار.
جميع
الحقوق محفوظة لـصحيفة الاقتصادية الإلكترونية 2009
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق