11/26/2010

المخاوف من استقدام

 
المخاوف من استقدام
    العمالة
   
 
 
فهد محمد بن جمعة
إن مؤشرات سوق العمل
  الحالية تؤكد أن الطلب على العمالة السعودية والوافدة ما زال في تصاعد، فقد
  اختنقت مكاتب العمل بطلبات المنشآت الاقتصادية على هذين النوعين من العمالة دون
  أن تسد حاجاتها، إما لنقص في عرض العمالة السعودية المسجلة أو لنقص في عدد
  التأشيرات الأجنبية. إن الإحصائيات أوضحت بشكل مباشر أن عدد المسجلين لدى مكاتب
  العمل من السعوديين مازال منخفضاً ولا يتجاوز في عدده حجم البطالة التي تقدر بـ
  300ألف تقريبا، علماً أن حجم البطالة المذكورة لا يخضع للتعريف الاقتصادي
  المعروف وإلا كانت أقل من ذلك العدد مع أن هذا لا يشكل قضية اقتصادية ما دام حجم
  الترشيح في المنشآت الخاصة الذي يعكس الطلب على تلك العمالة أعلى بكثير مما هو
  معروض. إذاً هذا يشير إلى أن هناك خللا في سوق العمل في الفترة التي تتصاعد فيها
  الأصوات بأن البطالة متفشية وتهدد الاقتصاد السعودي، بينما نرى في المقابل زيادة
  متصاعدة في الطلب على تلك العمالة. فعندما نقرأ بين الأرقام بكل حرص فإننا نجد
  أن نسبة الزيادة على العمالة الوافدة طبقا للتأشيرات الموافق عليها عام 1425هـ
  لا تتجاوز 4 % وهذا لا يقارن بنسبة الطلب على العمالة السعودية الذي تجاوز نسبة
  50 % من إجمالي طالبي العمل، ولكن نسبة العمالة السعودية من حجم القوى العاملة
  لا يتجاوز 13 %، فهل فعلاً تقليص حجم العمالة الوافدة بنسب متدرجة يزيد من
  مشاركة العمالة المحلية في سوق العمل بالأعداد الحقيقية وليست النسبية؟. إن
  الإجابة على ذلك السؤال تتمحور بكل وضوح حول مدى جدية ورغبة السعودي في العمل
  واستمراريته فيه، فخبرة القطاع الخاص في معظم الحالات سلبية وتؤكد أن معظم
  العمالة السعودية لا تتمتع بروح الحماس والانضباط العملي والسلوكي في إطار عملهم
  وتنفيذ الواجبات المطلوبة منهم، فلو فرضنا أنه تم توظيف جميع السعوديين في
  القطاع الخاص فهل هذا سيسد الفجوة بين الطلب والعرض على العمالة؟ طبعا لا فما
  زالت نسبة الطلب مرتفعة على العمالة بشكل عام التي تمثل حجم العمالة السعودية
  جزءا بسيطا منها ولن تكون العمالة السعودية كافية في المنظور القريب. إذا تستطيع
  وزارة العمل تقليص حجم العمالة الوافدة، لكنها لن تستطيع تقليص الطلب على
  العمالة الذي يزيد حجمه الحالي عن إجمالي العمالة الموجودة بقدر الزيادة النسبية
  في حجم الطلب السنوي دون الإضرار بالمصلحة الاقتصادية، وعدم الاستفادة من
  الميزات النسبية لتلك العمالة الوافدة الرخيصة. إن تقليص حجم السوق عن نقطة التوازن
  التي يلتقي فيها الطلب والعرض على العمالة يعتبر إهدارا للاستثمارات الاقتصادية
  المحلية وتنفيرا للاستثمارات الأجنبية ولا يعني في مضمونه توظيف السعوديين، لأن
  المشكلة الحقيقية ليست عدم وجود الوظائف الشاغرة، إنما تغير متطلبات سوق العمل
  ومدى قدرة العامل السعودي على التأقلم في ظل تلك المتغيرات وإدراكه أن القطاع
  الخاص يوظفه لإنتاجيته قبل كل شيء، فإن السؤال الذي يفرض نفسه: كيف تقلص وزارة
  العمل الفجوة بين الطلب والعرض التي تعني الحاجة إلى ملايين العمالة غير
  المتوافرة في ظل الاتجاه نحو تقليص العمالة الوافدة وشح الأيدي السعودية العاملة
  التي لا تتجاوز مئات الآلاف؟. إن أسهل قرار عمدت إليه وزارة العمل ولا يحتاج إلى
  درجة من الإبداع أو الذكاء هو ما تعمله الآن من زيادة نسبة توظيف السعوديين وحصر
  بعض المهن على السعوديين في تزامن مع تقليص حجم العمالة الوافدة، لكن الذي يحتاج
  إلى إبداع هو حل مجاهيل معادلة سوق العمل اقتصادياً واجتماعياً ونظامياً ووضع
  الحلول والتسويات العادلة التي تشمل جميع الأطراف المشتركة في تلك المعادلة على
  أن يكون الخط الأحمر الذي لا تستطيع تلك الوزارة تجاوزه هو عدم تعطيل عناصر
  السوق التي يحتاج إليها قطاع المال والأعمال في زيادة مساهمته في إجمالي الناتج
  المحلي، وتحفيز النمو الاقتصادي لمواصلة نموه عند معدل من النمو الحقيقي يفوق
  معدل النمو السكاني. * نقلا عن جريدة "الاقتصادية" السعودية
 

  
 

ليست هناك تعليقات:

الطلب على النفط.. يحدد الاستثمارات

  الثلاثاء 21 ذو الحجة 1446هـ 17 يونيو 2025م المقال الرياض د. فهد محمد بن جمعة صرّح هيثم الغيص، الأمين العام لأوبك، خلال معرض الطاقة العالمي...