11/25/2010

السعودة والمنشآت في مأزق .. أنقذوهما




العدد: 4525   old   الموافق: 2006-03-02


السعودة والمنشآت في مأزق .. أنقذوهما
(1 من 2)


د. فهد محمد بن جمعة


<a href="mailto:fahedalajmi@saudi.net.sa">fahedalajmi@saudi.net.sa</a>


يعاني معظم السعوديين الباحثين عن فرص عمل من ندرة الوظائف
التي تتوافق مع رغباتهم عندما تكون مهاراتهم أو تخصصاتهم لا تلبي احتياجات سوق
العمل رغم وجود الوظائف الشاغرة التي لم يحلم هؤلاء الباحثون أن يشغلوها في يوم من
الأيام, فلم تكن لديهم ثقافة العمل اللازمة لتقبل مثل تلك الوظائف التي أقحمتهم
قرارات العمل فيها وشتت أحلامهم فتجدهم لا يتمتعون بممارستها وفي معظم الأحيان لا
يستمرون فيها. ناهيك عن عدم توافر بيئة العمل المناسبة لهم في نظرهم مقارنة
بالوظائف الحكومية شبه المؤبدة والسهلة ودوامها لفترة واحدة وأقل من ثماني ساعات
عمل في اليوم. لقد أصبح هؤلاء السعوديون ضحية الدعاية الوطنية وقرارات العمل التي
مارست ضغوطا على العامل نفسه وعلى منشآت القطاع الخاص لتوظيفهم في أي مهنة شاغرة
دون مراعاة رغبة العامل السعودي في شغلها ما جعل كليهما ضحية لمثل تلك الممارسات،
وهدرا لمستقبل العامل ولاستثمارات المنشآت ومساهمتها المهمة في إجمالي الناتج
المحلي. إن السعودة وكذلك المنشآت تمر بأصعب مراحلها وأكبر شاهد على ذلك عندما تمت
مناقشة استراتيجية التوظيف التي طرحها بعض المستشارين الخاصين أمام وزير العمل
ومجموعة من رجال الأعمال في غرفة تجارة الرياض وكانت ردة الفعل عنيفة من قبل رجال
الأعمال إلى درجة أن بعضهم غادر صالة المناقشة بعد دقائق من تقديم تلك
الاستراتيجية بينما البعض الآخر كان يناقش بكل دهشة وتشاؤم فلا من مستمع ولا من
مجيب على تساؤلاتهم. إن توظيف السعوديين من المفروض أن يتصاعد مع زيادة الاستثمارات
وارتفاع معدل النمو الاقتصادي الذي قد تجاوز 6 في المائة فلماذا لم يحدث هذا؟ إن
الزيادة المتواضعة في معدل التوظيف تعتبر زيادة طبيعية بعد رضوخ بعض الباحثين عن
العمل للأمر الواقع والانخراط فيما هو متاح من وظائف لسد رمق عيشهم حتى ولو كان
ذلك مؤقتا. إن الآثار السلبية لمثل تلك القرارات قد انعكست على سلوك المنشآت
الخاصة عندما ما منعت من استقدام العمالة الأجنبية الضرورية على أداء أعمالها
فبدأت خدماتها تتدنى وأسعارها ترتفع في المدى القصير وسوف تتقلص مساهمتها في زيادة
معدل النمو الاقتصادي غير النفطي في المدى الطويل, ما سوف يقلل من خلق فرص عمل
جديدة لسعوديين. لقد كانت التحذيرات التي تطلقها وزارة العمل في الصحف المحلية
بصفه متقطعة على أن الاستثمار في أي مشروع من قبل المواطنين لا يعني أنهم سوف
يحصلون على العمالة التي يحتاجون إليها مهما كانت طبيعة مشروعاتهم, إلا مثابة
منعطف خطير يهدد مستقبل نمو المنشآت الصغيرة والمتوسطة وعقبة في طريق الاستثمارات
المحلية والأجنبية ذات الكثافة العمالية, وتعارضا مع استراتيجيات الدولة والتي
يمثلها مجلس الاقتصاد الأعلى, بعد أن اتخذت الدولة خطوة جريئة لتشجيع البنوك
المحلية على منح القروض اللازمة للسعوديين الراغبين في ممارسة أنشطة صغيرة ومتوسطة
من خلال تقديم ضمانات لتلك البنوك المقرضة حتى لا تتعرض لخطر عدم التسديد من
المقترضين, فما هذا التعارض بين سياسات الدولة التي تدعم عنصر رأس المال اللازم
لإقامة مثل تلك الأنشطة وبين سياسة وزارة العمل التي تعطل أهم عناصر الإنتاج ألا
وهو العمالة. ولا بد أن نعي إن عدم تراجع وزارة العمل عن قراراتها يعني أن مستقبل
الأعمال سوف يعيش في حيرة من أمره مغمور بالشكوك وعدم الثقة لا في الاقتصاد ولا في
الاستثمار, فعلا إن ديناصور المنشآت في انقراض سريع لم يشهده تاريخ سوق العمل من
قبل وعسى ألا يتحول الازدهار إلى كساد, لأنهم غاضبون وعلى الأطراف المعنية أن
تستمع لهم دون انفرادية في القرار الذي لا تحمد عقباه, بعد أن بدأت بوادره تشد
انتباه المستهلك قبل المستثمر. لقد انتابنا الملل كسعوديين وأصحاب منشآت وأصابنا
الإحباط فلا لغة العصا والجزرة مهدت الطريق نحو مستقبلا أفضل ولا الوطنية التي
يدعيها المروجون والبعيدون عن الواقع قد أنتجت ثمارها. فليعلم الجميع أن نسبة تدني
استقدام العمالة لا يعتبر إنجازا حقيقيا عند تضرر الاقتصاد وإنما الإنجاز عندما
يتم تزامن زيادة معدل التوظيف مع زيادة معدل نمو المنشآت الخاصة والاقتصاد ككل.
نحن نقول لا تنظير ولا مبالغة بعد اليوم فلن نقبل المزايدة على التوظيف الفعلي
لأبناء هذا البلد مهما كلف الأمر أو طال الزمن ولكن أن نكون صادقين أولا مع أنفسنا
وثانيا مع وطننا في كلما يعزز اقتصاده وإمكانياته.


انظر إلى ما طرحه الدكتور عبد الرحمن السلطان في
("الاقتصادية", 23/1/2006م) كعينة حية لما أفرزته قرارات العمل من آثار
نفسية على المواطنين وكتابنا الأعزاء وهم يحاولون دعم السعودة وبحسن نية إلى درجة
أن العاطفة وجهل الحقائق أوقعتهم في اتهامات القطاع الخاص وكأنه المذنب في تلك
القضية متجاهلين أن للمعادلة أطرافا عدة. فما اتهام القطاع الخاص بالتنصل من توظيف
السعوديين، بل إنه يوضح أن توظيفهم أمر لا يمكن تعميمه، فلو كان ذلك صحيحا لما
رأينا بعض السعوديين يعملون في هذا القطاع ولما رأينا تكدس طلبات هذا القطاع في
مكاتب العمل في كل مكان ولكن في الحقيقة الأعمال تبحث عن الأرباح مهما ذهبت فهل
ترضى أن يستقطع جزء من دخلك وأنت غير قانع منه؟ طبعا لا. وعلى ذلك لم يكن القطاع
الخاص في يوم من الأيام عقبة في طريق توظيف السعوديين ولم يكن صاحب القرار في
استقدام العمالة الأجنبية، بل إن احتياجات التنمية الاقتصادية في فترة السبعينيات
وعدم توافر العمالة المحلية قد فرضت نفسها وألقت بظلالها على استقدام العمالة
كقرار اقتصادي واجتماعي لا غنى عنه. ولم يعد تدني راتب العامل الأجنبي عاملا
أساسيا يميزه عن العامل السعودي منذ إنشاء صندوق الموارد البشرية الذي يدفع نصف
راتب العامل السعودي ما جعل تكلفته أقل بكثير من تكلفة العامل الأجنبي الإجمالية,
ولكن العوامل الأخرى هي الأهم مثل الانضباط العملي والحضور والغياب في الأوقات
المحددة والمرتبطة ارتباطا طرديا مع معدل الخطر المحتمل تعرض صاحب المنشأة له عند
ترك العامل لعمله دون إشعار مسبق يمكنه من توفير البديل له, مع أن تدني مستوى
الإنتاجية يمكن معالجته فهل تستطيع الدولة أن تضمن خطر المنشآت عندما تتوقف
أعمالها لعدم التزام العامل السعودي بشروط عمله قدوة بالبنوك لأنهما يؤديان الهدف
نفسه؟


جميع
الحقوق محفوظة لـصحيفة الاقتصادية الإلكترونية 2009


ليست هناك تعليقات:

الطلب على النفط.. يحدد الاستثمارات

  الثلاثاء 21 ذو الحجة 1446هـ 17 يونيو 2025م المقال الرياض د. فهد محمد بن جمعة صرّح هيثم الغيص، الأمين العام لأوبك، خلال معرض الطاقة العالمي...