11/26/2010

صياغة قرارات العمل




   
صياغة قرارات العمل
    مقابل تقليص البطالة
   
   

د.فهد محمد بن جمعة
 
 
إن تحديد عوامل سوق
  العمل من طلب وعرض هو المشكلة الحقيقية التي تكمن وراء عدم فعالية قرارات العمل
  المحلية في تقليص حجم البطالة وتوظيف المزيد من الأيدي الباحثة عن فرص عمل. إن
  عدم وجود الإحصائيات التي تكشف النقاب عن حجم الطلب والعرض على العمالة ومعرفة
  تأثير الإخلال بعوامل سوق العمل على النمو الاقتصادي أولا ثم على مستوى المعيشة
  للفرد. إن قرارات العمل الحالية لا يمكن أن تستمر على النحو القائم دون أن يتم
  إعادة صياغتها طبقا للقواعد الاقتصادية وتحديد مرونة عوامل سوق العمل وقدرتها
  الاستيعابية، وكيف يتم تعزيز تلك العوامل التي تؤدي إلى التوظيف الكامل لعناصر
  السوق. إن البطالة بمعناها الاقتصادي عندما يبحث طالب العمل بشكل جدي عن فرصة
  عمل لفترة زمنية معينة ولم يجد تلك الفرصة مهما كان نوعها ما يفسر إن الطلب على
  العمالة يكاد يكون صفرا. ففي هذه الحالة يأتي دور التدخل الحكومي لتحسين وضع سوق
  العمالة بتقليص العمالة الأجنبية وجذب الاستثمارات الأجنبية وتشجيع الاقتصاد
  المحلي على توسيع نطاقه الذي يخلق فرص عمل جديدة ترفع من حجم الطلب على العمالة
  المحلية. وعندما ترى الحكومة أن الطلب على العمالة أعلى بكثير من عرضها رغم وجود
  عدد كبير من العمالة الأجنبية فإن ذلك يستلزم قرارات عمل تؤدي إلى توفير العمالة
  الضرورية قبل أن تنعكس تداعيات ذلك سلبيا على الاقتصاد السعودي. فإن المحور
  الأساسي الذي يلعب دورا حاسما في صياغة قرارات سوق العمل هو تحديد حجم الطلب
  الكلي على العمالة المحلية في هذه اللحظه وعشر سنوات من الآن حتى يكون اتخاذ تلك
  القرارات واضحا ولا يتعارض مع ما تتطلبه التنمية الاقتصادية من عناصر إنتاج
  والتي من أهمها توافر العمالة. نحن نعرف عدد العمالة المتوافرة في سوق العمل من
  سعوديين وغير سعوديين ولكن هل هذا العدد يفي باحتياجات قطاع الأعمال والمال؟. هل
  فعلا إضافة 200 ألف عامل سعودي إلى سوق العمل كاف؟. إن الفجوة بين العرض والطلب
  في سوق العمل تتسع يوما بعد يوم وهذا ما أكدته مؤشرات الطلب على العمالة والتي
  تشير إلى أن الطلب على العمال ما زال في تصاعد مستمر. ومن أهم تلك المؤشرات: 1-
  زيادة عدد نماذج طلبات القطاع الخاص على العمالة السعودية والمقدمة إلى مكاتب
  العمل في السعودية دون توفر تلك العمالة. 2- زيادة الطلب على التأشيرات الأجنبية
  التي لم يتم تلبية معظمها. 3- زيادة الطلبات لدى الغرف التجارية السعودية. إن
  تلك المؤشرات تجسد الحالة المريرة التي يمر بها سوق العمل السعودي حيث يوجد مئات
  الآلاف من الوظائف وملايين العمالة الأجنبية وبعض مئات الآلاف من السعوديين
  الذين لا يعملون ليس لأنهم لم يجدوا وظائف شاغرة ولكنهم لم يجدوا الوظائف التي
  تتناسب مع طموحاتهم وهذا شيء طبيعي في مجتمع مثل مجتمعنا ولكن عندما يصل هؤلاء الباحثون
  إلى درجة من الإحباط فإنهم سيرضون بما هو موجود ولكن ذلك يحتاج إلى فتره من
  الزمن. ففي السنوات الأخيره تغير سلوك القطاع الخاص بصورته العامة فلم يعد يعرقل
  توظيف السعوديين بل على العكس فإنه أدرك مدى المسؤولية والخطورة التي تترتب على
  عودة تلك العمالة الأجنبية إلى بلدانها لأسباب اجتماعية أو سياسية قبل أن تتوافر
  العمالة المحلية, ولكن للأسف إن معادلة التوظيف غير متوازنة وينقصها الكثير من
  الإجراءات النظامية والعملية التي بقدرتها إعادة ذلك التوازن دون إخلال بمستوى
  الإنتاجية التي يعتمد عليها القطاع الخاص في تحقيق أرباحه. إذن نحن نتكلم عن
  واقع حقيقي ومستقبل اقتصادي يتسم بتوازن في معاملاته لتحقيق نمو اقتصادي يؤدي
  إلى رفع دخل الفرد في المجتمع السعودي. فإن المشكلة القائمة ليست فقط في توفير
  الصفتين، وهما أصلا متوافر بكثرة ولكن في نوعية الوظائف التي يرغب السعوديون العمل
  فيها عند معدل من الدخل يرقى إلى مستوى تكاليف المعيشة في الاقتصاد. فلذا على
  قرارات العمل إن تحقق هاتين الصفتين وهما العمل المرغوب فيه والدخل المرتفع حتى
  يتناسب مع رغبات معظم الباحثين عن العمل. وإنه لا يمكن بأي مقياس اجتماعي أو
  اقتصادي أن نرغم القطاع الخاص على حل مشاكل العمالة عندما يوجد لديه وظائف شاغرة
  لا يرغب فيها العامل أو أن ذلك العامل لا يستمر في عمله تحت شعارات لا تخدم
  توظيف السعوديين. إن أهم ما نستنتجه هو أ ن السعودي له طموحات كبيرة فهو يرغب في
  وظائف تحقق طموحاته عند معدل من الدخل يضمن له تحقيق معيشة جيده تمكنه من تحقيق
  حلمه في بناء بيت عائلي سعيد. * نقلا عن جريدة "الاقتصادية" السعودية
 

  
 
 

ليست هناك تعليقات:

الطلب على النفط.. يحدد الاستثمارات

  الثلاثاء 21 ذو الحجة 1446هـ 17 يونيو 2025م المقال الرياض د. فهد محمد بن جمعة صرّح هيثم الغيص، الأمين العام لأوبك، خلال معرض الطاقة العالمي...