11/13/2010

التمور والقمح يستنزفان المياه

صحيفة الاقتصادية الالكترونية
العدد:4462  old  الموافق:2005-12-29

الاقتصادية

د. فهد محمد بن جمعة
إن الجانب الاقتصادي والأمني لقضايا وشؤون المياه لهما أهمية كبيرة تتناسب مع أهمية الرفاهية الاجتماعية في المديين القريب والبعيد. فقد برهنت الدراسات والأبحاث على أن قضايا المياه تعد من أهم القضايا الحيوية المرتبطة بشؤون الحياة بكافة نواحيها السياسية والاقتصادية والمحلية بشكل مباشر وغير مباشر حتى في الدول التي تتمتع بوفرة المياه المتجددة نراها تخطط وتضع استراتيجيات فاعلة لإدارة وتطوير مواردها المائية على أنها سلعة استراتيجية قابلة للنضوب فعندما ينخفض منسوب مياه الأنهار في موسم الصيف في تلك الدول التي توجد فيها أنهار من العالم المتقدم فإن حكوماتها المحلية لا تتردد في مطالبة مواطنيها بترشيد المياه وتتخذ إجراءات احتياطية من أجل المصلحة العامة. وإن ما يثير الاستغراب لو إن سعوديا ما ذهب إلى تلك البلدان وشاهد كثرة سدودها الكبيرة والعديدة مع غزارة هطول الأمطار فيها بصفة شبه مستمرة وكثرة أنهارها وبحيراته،ا لجعله يثير العديد من التساؤلات عن قضية المياه في بلدنا. إن بلدنا يستهلك 12 مليار متر مكعب سنوياً من المياه الجوفية غير المتجددة أو 57 في المائة من إجمالي الاستهلاك كما أنه يستهلك ثمانية مليارات مترا مكعب سنويا من المياه السطحية والجوفية المتجددة التي بلغت نسبتها 38 في المائة من إجمالي الاستهلاك و840 مليون متر مكعب سنويا من مياه البحر المحلاة بنسبة 38 في المائة من إجمالي الاستهلاك بينما بلغ حجم استهلاك الماء الفائض المسترد 210 ملايين متر مكعب سنوياً ما يعادل 1  في المائة من الاستهلاك العام.
وهنا نتفق مع الدكتور محمد حبيب بخاري على أن توجيه الجهات المعنية في السعودية إعاناتها التي تقدمها لمزارعي النخيل إلى فتح المزيد من المستشفيات أو تحسين خدماتها واستيراد المزيد من الأدوية وبناء مساكن للفقراء أفضل وأنفع بكثير من دعم زراعة النخيل غير المجدية اقتصاديا في ظل إتلاف نحو 80 في المائة من إنتاجها السنوي. كما أكد الدكتور بخاري في دراسته أنه من الأجدى توجيه الدعم الحكومي لتصنيع التمور بقصد التصدير إلى الأسواق العالمية بعد أن حصلنا على عضوية التجارة العالمية وتوفير كوادر فنية لتسويق الإنتاج وأن نكتفي بكمية النخيل الحالية التي تجاوز عددها 23 مليون نخلة من مختلف الأصناف حيث إن تكلفة إنتاج الطن الواحد من التمور غير مكلف اقتصاديا حسب قوله والذي تبلغ تكلفته دون قيمة الماء 20 ألف ريال (5.4 ألف دولار) تقريبا ودون إضافة أجور النقل والتغليف. كما أكد ضرورة التفكير في استغلال إنتاج التمور كمادة خام لإنشاء صناعات جديدة مهمة، مشبها التمر بالنفط كثروة وطنية يجب الاهتمام بها وتسويقها بطرق ناجحة. علما أن الحكومة السعودية تمنح المزارعين 50 ريالا عن كل فسيلة جديدة تزرع، و0.25 ريال لكل كيلو جرام ينتج في المزارع، مع 50 في المائة كدعم من قيمة المعدات والمكائن والآليات. ويبلغ مجموع ما تصرفه الحكومة السعودية لدعم زراعة النخيل أكثر من 18 مليار ريال سنويا لإنتاج 879 ألف طن في العام من التمور،  وحسب قوله يتلف منها 80 في المائة نتيجة لسوء التسويق. وتنتج السعودية أكثر من 490 صنفا من التمور منها 80 في المائة ذات جودة متدنية يعادل إنتاجها 703 آلاف طن غير قابلة للتسويق ولكن يمكن استعمالها في إنتاج الكحول الطبي والسكر والأنزيمات والأحماض.
لقد طالت فترة دعم الحكومة لإنتاج التمور لمدة 20 عاماً دون توقف حيث إنها اعتبرته أنه من أهم الثروات التي يمتلكها الوطن حيث تنتشر زراعة النخيل في جميع المحافظات والمدن والقرى وحتى الصحارى ومع ذلك لم يستطع أن يصبح قطاعا مستقلا وغير مستهلك للمياه الجوفية بشكل الحالي. ونتيجة لذلك الدعم وما تعرضت له هذه الثروة من مشاكل كثيرة من أهمها وفرة الإنتاج وعدم وجود منافذ للتسويق، فإن التوقعات تشير إلى إمكانية تجاوز أعداد النخيل خلال السنوات الخمس المقبلة 60 مليون نخلة. ويرجع بخاري ارتفاع أعداد زراعة النخيل في البلاد إلى الإعانات التي تدفعها الحكومة للمزارعين كون بعض المزارعين يهمهم تحصيل الإعانة أكثر من عملية التسويق.
ففي دراسة متخصصة نشرت أخيرا طالبت بوقف الدعم الذي تقدمه الحكومة سنوياً لزراعة القمح في السعودية مبررة ذلك بأن الاستمرار في هذا الدعم لإنتاج القمح المحلي يترجم إلى استهلاك قدره 32 في المائة من كمية المياه الجوفية العميقة غير المتجددة، في حين تستهلك جميع المحاصيل الأخرى مجتمعة ما يقارب 68 في المائة أو ما يعادل تسعة ملايين متر مكعب ما يجعلنا نشكك في الوقت نفسه حول الجدوى من استهلاك محصول واحد لثلث كمية المياه الجوفية. وبما أن الدكتور القنيبط قد ذكر أن معدل استهلاك الفرد السعودي من المياه يومياً قد وصل إلى 242 لتراً تقريبا لترتفع كمية العجز في المياه المتجددة إلى 14 مليار متر مكعب تقريبا تقابله فقط خمسة مليارا ت متر مكعب سنويا من كميات المياه السطحية التي يمكن استغلالها في المملكة طبقا لإحصاءات وزارة المياه والري بينما لا تتجاوز كمية المخزون الكلي من المياه الجوفية 500 مليار متر مكعب. وهذا ما يؤيد فكرة إنهاء الدعم لمزارعي القمح مقابل تسوية عادلة بينهم وبني الحكومة وسد حاجات السوق السعودية من القمح من خلال القنوات العالمية بعد أن أصبحنا عضوا في منظمة التجارة العالمية.إن هذه الخطوة سوف تزيل عبئا كبيرا من أكتاف الدولة حيث إن سعر القمح في الأسواق العالمية في الوقت الراهن 450 ريالاً للطن (120 دولاراً) تقريبا بينما تشير بعض المصادر إلى أن تكلفة الطن الواحد من القمح في السعودية (500 دولار) بينما سعره في السوق العالمية (170 دولارا) أي أن قيمة الخسارة تعادل (330 دولارا) تتحملها الدولة والمجتمع. ففي صياغ هذا الحديث استحوذت الزراعة على نحو 80 في المائة من إجمالي استهلاك المياه في السعودية رغبة في توفير المنتجات النباتية والحيوانية لأفراد المجتمع ومع ذلك وصفتها وزارة المياه بأنها نسبة طبيعية مقارنة بالقطاعات الزراعية في معظم دول العالم ولكنها مخطئة بالتأكيد فليست طبيعية أبدا في بلد توجد فيه ندرة مياه مطلقة.

لا يوجد تعليقات


ليست هناك تعليقات:

الطلب على النفط.. يحدد الاستثمارات

  الثلاثاء 21 ذو الحجة 1446هـ 17 يونيو 2025م المقال الرياض د. فهد محمد بن جمعة صرّح هيثم الغيص، الأمين العام لأوبك، خلال معرض الطاقة العالمي...