11/23/2011

المستشفى التخصصي


أعداد: د/ فهد محمد بن جمعه                                      عدد الكلمات: 1697

التاريخ: 20-1 –2002 م                                                             

أن قرار مجلس الوزراء بتحويل مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث إلى مؤسسه عامه يأتي ضمن قرارات الإصلاحات الاقتصادية التي يشهدها هذا البلد بعد تفاقم عجز الميزانية والدين العام وكشف الأوراق العامة أمام المواطن.فانطلاقا من سياسة ترشيد الأنفاق وزيادة الإيرادات وتحسين الإنتاج فانه ينبغي هيكله ذلك المستشفي العام الذي شهدت ميزانيته تضخما كبيرا في المصروفات ونقص في الإيرادات رغم دعم الدولة  المتواصل له. فلم تعد الدولة قادرة على تسديد الديون المتراكمة على أداره ذلك المستشفى حيث بلغ العجز فقط في بند الادويه والمستلزمات 150 مليون ريال مما اضطرها إلى إلغاء بدالات 1906 موظفا سعودي. وقد علل الدكتور أنور الجبرتي المدير التنفيذي للمستشفي أن تراكم عجز المستشفى يعود إلى ارتفاع الضغط على الخدمات وارتفاع تكاليفها نتيجة زيادة أسعار ألا دويه وارتفاع تكاليف الحالات التي يتم معالجتها باستخدام بعض الآلات الدقيقة والمتطورة التي تستدعي بعض الأطباء الأجانب المتخصصين ذو التكاليف المرتفعة التي تتزايد كلما تزايدت مهاراتهم. فقد ركز الدكتور الجبرتي فقط على جانب التكاليف ولكنه لم يضع النقاط علي الحروف لماذا هذا العجز وما هي أسبابه وكيف يقلص ذلك العجز؟.  وأني استغرب كيف يتم توسعه المستشفى بأضافه 120 سريرا بينما هو يعاني عجزا في ميزانيته مما يدل على سوء أدارته وعدم قدرتها على وضع الخطط المتناسبة مع وضعه المالي.وأني متأكد انه يعرف جيدا مصادر الخلل التي يمكن إصلاحها بعمل بعض التعديلات الجذرية التي تمنع المريض من استغلال خدمات هذا المستشفي وإهدار ثرواته. فضلا عن أيجاد مصادر أخرى لتعزيز إيراداته. فهنا سوف يتم مناقشه مدى أهميه تلك المؤسسة العامة وكيف يمكن تفعيلها  من صالح توفير الميزانية الكافية لهذا المستشفى ورفع خدماته وتحسين أدائه الطبي.

تحليل الميزانيه:
أن التحليل الدقيق لميزانية المستشفى يكشف ألازمه التي يواجهها . وهذا يتناقض مع تصريحات الدكتور الجبرتي الذي ادعي أن زيادة تكاليف الخدمات والأدوية هي المشكلة الاساسيه. حيث أن حجم المصروفات قد بلغ ما يقارب 1.57 مليار ريال في عام 1421ه  بينما الميزانية المعتمدة من وزاره المالي1.51 مليار ريال  مما يجعل العجز 21 مليون ريال في نفس ألسنه الذي تم تسديده من الإيرادات الأخرى. ولكن العجز المتراكم من عام 1419/1420 بلغ 691 مليون ريال تقريبا. والذي أدهشني في تلك الميزانية ان مصروفات البند الأول والثاني من رواتب وبدالات موظفين قد بلغ 1.5 مليار ريال تقريبا أي ما يقارب 95% من أجمالي المصروفات.بينما الإيرادات التي حصل عليها المستشفى لم تتجاوز 240 مليون ريال وهذا بتأكيد لن يحل ازمه العجز والتي قد تتزايد في السنوات القادمة. فالسؤل هل مصروفات البند الأول والثاني فعلا ضرورية لتشغيل المستشفي؟ وإذا كانت ضرورية فانه لا بد من زيادة إيرادات العيادات الخارجية وعمل الإصلاح الضرورية.



الإيرادات الفعلية والمتوقعه للمستشفى




(ألف ريال)


إيرادات
1423/22
1422/21
1421/20
1420/19
مرضى
       230,489
       219,781
       213,919
       208,071
مستلزمات وخدمات طبيه
          16,062
          15,316
          11,268
          11,045
أجمالي  إيرادات التشغيل
       246,551
       235,097
       225,187
       219,116
إيرادات متنوعة
            4,606
            4,391
            3,317
            5,899
الإجمالي
       251,157
       239,488
       228,504
       225,015
المصدر: الكاتب

المؤسسة الجديدة:
انه يوجد أمام تلك الاداره العامة خيران فقط هما:
1-      إدخال بعض التغييرات التجميليه فقط لتلطيف الأجواء دون نتيجة فاعله أو عمل أي تغيير.
2-      عمل تغييرات جذريه وهيكليه للجهاز الإداري بكامله وأعاده ترتيب الميزانية بجميع بنودها.
و بما أن الاختيار الأول ليس مرغوبا به فأنني سوف اقتصر حديثي على الاختيار الثاني والآلية التي يمكن تطبيقها لتحقيق الأهداف من هذا المؤسسة المستقلة.

جذور المشكلة:
أن تحديد العوامل التي أدت إلى ذلك العجز المتفاقم في ميزانية الادويه أو الميزانية العامة بجميع بنودها أمرا أساسيا لعلاج تلك ألازمه المالية والقضاء على جذور التقصير والإسراف في الأنفاق ضمن الميزانية التشغيليه التي لا يمكن تجاوزها ألا في حدودا ضيقه. وبعد التحدث مع مسؤولا ما في المستشفى نفسه لم يصرح باسمه أفادني بالمعلومات التالية إلهامه التي يبدو أنها صحيحه على مستوى العيادات الخارجية وسوف اذكر بعضها:
1- اكثر من 35%  من الذين تستقبلهم العيادة الخاصة لا يقومون بدفع فواتيرهم حتى أن بعض المرضى قد وصلت فاتورته إلى 1.5 مليون  ريال.
2-   اكثر من 20% من المرضى غير سعوديين فكيف يتم هذا دون مقابل؟.
3-   الذي يصدر الأمر بإدخال المريض لا يتكفل بدفع فاتورة علاجه وإنما يحملها المستشفى.
4- لا تفريق بين المريض الذي يعالج في العيادة الخاصة وبين المريض الذي يعالج في مركز الأمراض المستعصية التي تدعمه الدولة بل اصبح دعمها ينفق على كلا العيادتان.
5-   قبول المريض لتعرضه لأي حاله لا تستدعي دخوله المستشفى دون أن يقوم بدفع علاجه.
6- الاستعمال السيئ للخدمات المستشفى من قبل بعض المرضى وعدم قدره الاداره المالية للمستشفى على التحكم في هذا النوع من السلوك المسرف.

أما على مستوى المصروفات فان مصروفات الموظفين يمثل الجزء الأعظم من المصروفات.

استنتاج:
لذا نستطيع أن نستنتج أن ذلك المستشفى يواجه مشكلتين رئيسيتين هما:

1-   مشكله الاداره العامة وما يترتب عليها من عدم الفعالية وسوء الخدمات المقدمة للجمهور وعدم القدرة على التحكم في أداره الموارد المالية.

2-   العجز الضخم في الميزانية الرسميه وأشاكها على التفليس الأمر الذي اجبر الاداره على سلب موظفيها السعوديين من جميع ميزاتهم وأدى إلى نقص في ألا دويه الازمه للمرضى. وكان الاداره تعرف أن مصروفات موظفيها قد تكون مبالغ فيها إذا ما تم مقارنتها مع احتياجات العمل وانتاجيته.


الإصلاحات:
أن المؤسسة الجديدة تستطيع عمل إجراءات حقيقية تضيق من الفجوة بين الأنفاق والإيرادات  كما يلي:
1- اشتراط التامين الصحي لجميع المرضى الذين يرغبون العلاج في ذلك المستشفى أو الدفع الفوري عند قبول المريض للعيادات الخاصة  لمن ليس لديه تامين صحي.
2-   توسعه نطاق الخدمات الخاصة إلى الدرجة التي يستطيع المستشفى تمويل نفسه ذاتيا.
3- أعاده هيكله السلم الوظيفي وتوظيف بناءا على احتياجات العمل و تقليص تكاليف المستشارين والأطباء الذين يعملون في القطاع الخاص بالاضافه لعملهم الحالي باستقطاع نسبه معينه من رواتبهم وكذلك ميزاتهم مقابل السماح لهم بممارسه ذلك العمل الخاص.
4-   منع صرف أي دواء أو علاج لا يتعلق بالأمراض المستعصية مباشرة قبل دفع قيمته.
5-   تقليص مده أقامه المريض في المستشفى إذا لم يكن ضروريا.
6- عدم قبول أي أمر بإدخال أي مريض إذا لم يرفق مع ذلك الأمر اعتمادا ماليا أو أن  يكون من الأوامر المعتمدة من السلطة العليا.
7- تشجيع أهل الخير بتقديم ما في وسعهم لدعم ذلك العمل الإنساني وعمل البرامج الدعائية الكافية لجذب المبالغ الضرورية لدعم الميزانية.
8- تقييم تكاليف علاج الأمراض المستعصية في ذلك المستشفى ومقارنتها مع تكاليف العلاج في البلدان الأخرى للاستفادة من الميز النسبية المتوفرة لدى تلك البلدان مثل انخفاض أجور الأطباء وتكاليف الخدمات. فقد تستطيع تلك المؤسسة العامة تحويل بعض المرضى ذوي التكاليف المرتفعة إلى هذه البلدان.
مع ان هذه الإصلاحات لا تخلي الدولة من دعمها لتلك المؤسسة ولكنها سوف تقضي على العجز في الميزانية تدريجيا ويخفف الاعتماد على الدولة.

توصيات:
أن تلك التوصيات مبنية على المشاكل الحقيقية التي أدت بذلك المستشفى إلى التدهور المالي والذي سوف ينعكس مباشرة على أداء خدماته. فان على المؤسسة الجديدة القيام بعمل التالي على الفور:
1-   مشاركة القطاع الخاص الصحي في أدارته من خلال الاستثمار المشترك وهي افضل طريقه لتحسين مركزه المالي و خدماته و رفع مستوى فعاليته. كما أني اقترح أن تصل مشاركة القطاع الخاص إلى 50% من أجمالي التكاليف بينما تحتفظ الدولة على الأقل 50% لوضع الضوابط ألازمه لتقديم تلك الخدمات العامة. هذا سوف يؤدي إلى تفعيل الاداره وتحسين التحكم في الإيرادات والمصاريف ولن يسمح للمصاريف أن تتجاوز الإيرادات. فضلا عن تقليص الدعم الحكومي له و حل مشكله العجز المالي المتكرر. علما أن هذا لا يتنافى مع مبدأ أن تلك المؤسسة غير ربحية حيث أن الأرباح التي يحققها سوف يتم صرفها على خدمات ذلك المستشفي وتسديد حقوق القطاع الخاص المساهم.
2-    تطبيق نظام التامين الصحي على جميع الفئات التي تعالج في ذلك المستشفى بغض النظر عن المستوي فهذا لا يمس بشخصيه أي فرد وإنما أجراء أداري لوضع حدا لذلك العجز دون إلغاء أي خدمات سابقه. هذا يتطلب وضع برنامج تأميني خاص لبعض الفئات التي لا بد لدوله أن تقوم بدفع تأمينها. فضلا عن استمرار دعمها لعمليات التشغيل بينما تتقاضى تكاليف العلاج و ما يترتب على ذلك من شركات التامين. فرغم تلك التكاليف فأني أتوقع أن تخفض تكاليفها بنسبه قد تتجاوز 50% في المدة القصير بينما سوف ترتفع تلك النسبة لصالحها تدريجيا في المدى الطويل.
3-   تحديد عدد المرضى الذي يستطيع المستشفى علاجهم في حدود ميزانيته وما زاد على ذلك لا بد أن يدفع المريض قيمه علاجه لأنه لا يمكن الاستمرار في  قبول المرضي بهذا الشكل العشوائي.
4-   لا يسمح للأجانب العلاج في ذلك المستشفى ألا باعتمادات مالية أو الدفع الفوري. 
5-   التعاقد مع مكتب محاسبي مهمته التدقيق على الحسابات المالية  ومراقبتها وإعداد التقارير ألازمه بكل استقلالية وحرية.

نظام تأمين عام:
انه لا بد أن نتعلم درسا في الاقتصاد ونبحث عن الطرق التي تعظم الإيرادات والانتاجيه لخدمه المجتمع وعدم الإخلال بتوازن الدولة المالي. فان العجز المتراكم في ميزانية المستشفى التخصيصي وعدم قدره الدولة على تسديد ذلك العجز يجعلنا نتساءل ماذا قدموا هؤلاء المستشارين لدوله ولماذا تترك المشاكل حتى تصل إلى نقطه النهاية؟ أن النظم التي يصعب التحكم فيها و التي لا تستطيع تصحيح نفسها لا بد أن نتخلص منها.لا سيما في زمنا تغيرت فيه الظروف الاقتصادية العالمية وتزايد فيها عدد السكان المحلي الذي جعل الدولة في موقف حرجا أمام مواطنيها. أنها فعلا تجربه مريرة مع تزايد العجز في الميزانية و تراكم الدين العام ولكن الفرصة مازالت موجودة أمام الدولة فأنها تستطيع أن تقلب الموازين على أعقابها وتصحح الوضع بشكل سريعا .إذا ما عملت تغييرات جذريه في القطاع الصحي بتخلص من  الانظمه التي لا تخدم مصلحه هذا البلد في المجال الصحي وإنما أدت إلى تزايد العجز وتقديم خدمات سيئه. فان أمام الدولة اختيارا واحد فقط لتمويل القطاع الصحي إذا لم ترغب في فرض تكاليف على المواطن والذي لا اتفق معه وهو أن تقوم بعمل التالي:
1-   إصدار قانونا رسميا بالتـامين الصحي الشامل لكل مواطن إذا ما رغب في العلاج المجاني أو أن يقوم بدفع فواتيره كاملة حسب سعر السوق.
2-    هيكله نظام التأمينات والضمان الاجتماعي ووضعه لنقاش من قبل رجال الأعمال والمواطنين. فانه نظام مرفوضا ولا يتفق مع الانظمه العالمية ولا يخدم المصلحة العامة.
3-    إلزام أصحاب العمل بالتامين الصحي على جميع موظفيهم وعائلاتهم مقابل تخفيض نسبه 9% التقاعديه لكل موظف إلى 5% وإلغاء 2% التامين ضد الأخطار وهو أمرا مضحكا للغاية في هذا العصر الحديث التي يغطي نظام التامين الصحي جميع الحالات.فهذا  يحفز صاحب العمل لتأمين على عامله مقابل 6% التي خصمت لصالحه.

4-   استخدام 5% المتبقية من نسبه التقاعد التي يدفعها صاحب العمل لتأمين على هؤلاء الأفراد الذين لا يعملون أو لا يستطيعون دفع قيمه التامين الصحي.

 فهل تدرك الدولة أن ذلك الأجراء يوفر عليها أموالا طائلة اكثر مما تحصل عليه من صاحب العمل في جميع المجالات حيث يتم استثمار 11% في تمويل القطاع الصحي وخلق توسع في المجال الصحي العام والخاص وتحسين خدماته. أني اطلب من السلطة العليا تفتيت الانظمه المتخلفة التي لا تواكب المتغيرات ووضعها لنقاش فانه يبدو لي أن المستشارين لم يتلا فوا تلك المشاكل إلى أن وصلت إلى نقطه يصعب التراجع عنها. 

ليست هناك تعليقات:

الطلب على النفط.. يحدد الاستثمارات

  الثلاثاء 21 ذو الحجة 1446هـ 17 يونيو 2025م المقال الرياض د. فهد محمد بن جمعة صرّح هيثم الغيص، الأمين العام لأوبك، خلال معرض الطاقة العالمي...