11/23/2011

نموذج الشارقة لسائقات


اعداد: د/ فهد محمد بن جمعه                 عدد الكلمات: 1399

التاريخ: 13-11-2001

أن نموذج أماره الشارقة لإحلال السائقات محل السائقين ليس فقط في المنازل بل في قياده سيارات الاجره يشير الى مدى نجاح ذلك الإحلال وتقليص أخطار السائقين مع النساء.فقد شد انتباهي الحملة الإرشادية التي قام بها رجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر منذ فتره عن طريق توزيع نشرات تحذر من خلو المرأه مع السائق على انه محرما طبقا للحديث الشريف و ما صدر من فتاوى في ذلك الموضوع من قبل كبار العلماء في السعوديه. فأنه بتأكد أن أفراد المجتمع  السعودي ليس عندهم شكا في ذلك الأمر أبدا ويعرفون جيدا أن خلو المرأه مع الرجل الغير محرم لها حراما وانهم حريصون على الابتعاد عن تلك الشبه بقدر ما يستطيعون ولكن الظروف الاجتماعيه لم تعد كما هي فالحاجه الى العمل وتحسين دخل العائله قد أجبر ألمرأه على الخروج من بيتها بحثا وراء طلب العيش واصبح وجود السائق ضروره من ضروريات هذا العصر لعدم وجود اختيارات افضل حتى لو أدعى البعض ان خلو السائق مع المرأة في داخل المدينة ليس خلوا فانه لا يحمي المر أه من أخطار السائق. لذا لا بد ان نسأل أنفسنا لماذا ظاهره السائقين منتشرة في مجتمعنا بنسبه تفوق أي مجتمع أخر من نفس الحجم؟ . و ما هي العوامل التي أدت الى بروز تلك الظاهره وضخمت من حجمها؟ وهل الانظمه القائمه قد ساعدت في تفاقم أزمه تلك الظاهره؟ ان الاجابه على تلك الاسئله قد يساهم في أيجاد الاختيارات التي تقلص من حده تلك الظاهره.
تطور المجتمع:
ان التيارات الاجتماعيه التي تؤدي الى تفكيك الروابط الاجتماعيه أمرا مسلم بها وتاريخ الأمم سواء كانت إسلاميه او غير ذلك يؤكد لنا صحة هذا القول. فان العائله السعوديه ليست مستثناة من ذلك فلم تعد تلك العائله التقليديه البسيطه التي تعيش عادة في القرى والمناطق الريفيه بل أنها انتقلت الى مدنا مغتصه بإسكان ذات الخليط المتعدد من مختلف الجنسيات في عاداتها وتقاليدها وتعج بعوامل التغير الحضارية التي لها تأثير مباشر على تكوين العائله وسلوكها.فقد فسرت لنا النظريات المدنيه كيف تم  تغير المجتمعات من شكلها البدائي الزراعي الى ان تم انتقالها الى مجتمعات مدنيه متقدمه وما صاحب ذلك من سلبيات أدت الى تفكيك العادات والترابط الاجتماعي والعائلي رغم ما قدمته تلك المدنيه من إيجابيات عديده. فقد كانت المرأه تعمل في حقول الزراعه القريبه من منزلها وزيارتها مقتصره فقط على زيارة جيرانها وقرائبها الذين عادة ما يسكنون على مقربه منها. ولكن تطور وسائل المواصلات مع توسع المدن قد خلق مسافات شاسعه بين المنزل والمؤسسات العامه والخاصه مما اضطر العائله في هذا المجتمع الى استقدام السائقين. هكذا تحولت تلك العائله المحافظه التي واجهت ضغوطا اجتماعيه واقتصاديه الى عائله يرافقها السائق في كل مكان. فانه من الممكن ان نلخص بعض العوامل الاجتماعيه والاقتصاديه التي دفعت المراه الى الخروج من بيتها: 
1-  أصبحت علاقه العائله مع قرائبها و أصدقائها تنتشر على مسافات بعيده من مقر سكنها فلم يعد  الجار هو الأقرب الى المنزل.
2-   أصبحت المرأة تعمل خارج المنزل بشكل أوسع.
3- أصبحت أعمال الزوج تزداد يوما بعد يوم ويتوافق ساعات عمله مع خروج عائلته فلا يستطيع أن يقوم بوظيفة توصيل زوجته الى عملها او أبنائه الى مدارسهم.
4-    أصبحت الاعتماديه على النفس هدفا لكثير من النساء بعيدا عن الاعتماديه على الرجل.
5-   أصبحت  ظاهره ارتفاع معدل المطلقات في السعوديه يدفع المطلقه الى الاعتماد على نفسها.
6-    أصبحت حريه التنقل جزءا هام من رفاهيه العائله وتمكنها من أداء أعمالها و احتياجاتها.
فنتيجة لذلك أصبحت العائله في حاجه للسائق في ظل تلك الظروف القائمه. فما هي الاختيارات المتاحه أمام العائله إذا كانت ألام تعمل وكذلك الأب ولديهم عدد من الأطفال الذين لا بد أن يذهبوا كل صباح الى مدارسهم في مواقع مختلفه؟. وما هي الاختيارات أمام العائله التي فقدت أباها وجميع أفرادها من البنات حتى ولو وجد لها أقارب فلن يكونوا موجودين في كل وقت عند حاجتها لهم؟. ماذا تعمل المطلقات من النساء؟ أنها أساله لا بد للمسؤولين في الدوله الرد عليها في ظل تحريم خلو المرأه مع السائق وهذا أيضا يحرم على المر أه المنفرده استعمال المواصلات العامه التي يقودها سائقين رجال. نعم أنها مشكله حقيقيه أصبحت تشكل خطرا على المجتمع السعودي.

الفساد الاجتماعي:
أن وجود السائق بين أفراد العائله هو الفساد بعينه كا وجود المرأه بين الرجال وهو محرما شرعيا. ولكن بما أننا قلنا ذلك فانه لا بد من أيجاد حلولا افضل. فكيف تذهب المرأه الى عملها؟ انه غير منطقي او واقعي ان نحمل رب الأسرة مسؤوليه هذا الأمر لأنه خطأ ولن يؤدي الى حل تلك المشكله. وانه مستحيل منع استقدام السائقين في ظل الظروف الحاليه لخطورة هذا الأمر وتهديده لمستقبل كل عائله تعمل نسائها.كما انه يمثل تهديدا لحقوق المرأه وتعديا على حريه اختياراتها الشرعيه. لذا اوجه سؤالا حاسما الى مجلس الشورى للاجابه عليه وعدم تجاهله كما حصل في السابق. هل الفساد الحالي الناتج عن وجود السائق بين أفراد العائله اعظم خطورة من الفساد المتوقع حدوثه عندما يطبق نموذج أمارة الشارقة؟ أن الأرقام الاحصائيه الموجوده لدى بعض الجهات المختصه تؤكد ان السائقين قد قاموا بجرائم بين نساء المجتمع  مما يخجل الرجل ان يتكلم عنها بينما المتوقع فقط مجرد احتمالات فرضيه قد تحصل وقد لا تحصل. ان تجارب البلدان الاسلاميه والعربيه تأكد لنا عدم صحة تلك التوقعات وأنها لا تستمد جذورها من دراسات علميه موثقه. أنني أناشد المسؤولين أين الغيره على نساء هذا المجتمع المحافظ ولماذا لا توجد حلول حتى الآن افضل تجنب عائلتنا خطر هؤلاء السائقين المحتمل وإبعادهم من الوقوع في شبهة الحرام وذلك بتطبيق الاختيار الأفضل لنا.نحن كموطنين طال انتظارنا فالآن نطلب حلولا جديده تقلص ظاهره السائقين في مجتمعنا التي تشمئز منها أنفسنا ولا يرتاح لنا بال ما دام هؤلاء السائقين موجدين داخل بيوتنا. أننا لا نستطيع ان ننتظر كثيرا فالخطر يطرق أبواب بيوتنا ويهدد أمن عائلاتنا فقد انتشرت الفضائح وتعددت جرائم السائقين  ومازالت في ازدياد يوما بعد يوم. ان أرقام جرائم السائقين وانتهاكهم لحقوق العائله يقشعر منه شعر رأسك ويرتعش له جسدك. لا لقد كفى ما حصل ولن نترك تلك الجرائم تنتشر بدون وجود حلولا جذريه تنطلق من قاعده الضرر والحاجه القصوى لحرية التنقل. ان إعادة النظر في خلق اختيارات جديده أمام العائله تنظم تنقلات المرأه وتقلص ظاهره السائقين وذلك بإيجاد البدائل المناسبه في وجه تحديات العصر الحديث الذي لا بد ان نتعايش معه في حدود ما تسمح لنا به شريعتنا الاسلاميه وعاداتنا الاصيله. ان السعوديه لم تعد تلك الدوله الصغيره بل أصبحت دوله عالميه تربطها مصالح مع العالم من حولها وتتأثر بما يصدر من قرارات من المؤسسات العالميه الانسانيه من حقوق الإنسان وغيرها وتتبع سياسة المعامله بالمثل بقدر ما تستطيع. لا سيما انه يقطنها العديد من الجنسيات العالميه المقيمه ذات العادات والتقاليد المتعدده.

الاختيارات :
  ان طرح أي اختيار لا يعني إحلاله وإنما مجرد مناقشته لمعرفه سلبياته وإيجابيته و توضيح نتائجه للمواطنين من خلال مجلس الشورى على انه الجهه التي يستشيرونها في مقترحاتهم وأراءهم أما لقبولها من عدمه.   فهناك اختيارين سوف أتكلم عنها لا بد من وضعها في الأوليات والإسراع في البت فيها إنقاذا لعائلاتنا من خطر السائقين:

الاختيار الأول:
توفير شبكه من المواصلات العامة مثل الحافلات وقطارات المترو تربط بين الأحياء السكنية والمراكز الرئيسية العامة والخاصة ومراكز الأعمال في جميع الاتجاهات لخدمه المر أه السعوديه. وهذا يتطلب مبالغ طائلة وفترة من الزمن يصعب تطبيقه على ارض الواقع.

الاختيار الثاني:
أمكانيه تطبيق نموذج الشارقة للسائقات. وهذا الاختيار لا يكلف الدوله الكثير وإنما يحتاج الى ضوابط معينه كالتالي:

1-    وضع نظام جديد يحكم ويحدد عمل تلك السائقات و ارتدائهم زي رسمي لا يخالف الشريعة الاسلاميه.
2-   أن يكون عمر السائقة لا يقل عن 35 عاما.
3-   إنشاء أداره مروريه من النساء لتعامل مع تلك السائقات عند مخالفتهن لتعليمات المرور.
أن أعتماد هذا الاختيار سوف تحصد كل عائله ثماره ويقلص تماما  أبعاد ظاهره السائقين ويمنح فرصه اختياريه جديده للعائله التي تحاول أن تبعد عن أجواء الخلوه.

المنافع الاجتماعيه:

لقد شهدت السعوديه تقدما حضاريا في جميع المجالات الاجتماعيه والاقتصاديه والذي أخرجنا من قوقعه العزلة الى الانفتاح على العالم الى درجه أننا أصبحنا جزءا من المنظمات العالميه. ولقد تعلمنا من الماضي واكتسبنا خبرات متراكمه تمكننا من صياغه القرارات التي تواكب تلك الثوره الحضاريه. فان أيجاد البدائل المناسبه لمهنه سائق العائله أمرا لا يمكن ان نتجاهله بل لا بد من مناقشته بكل واقعيه أملا في حماية العائلات السعوديه من أضرار هؤلاء السائقين. ان تمهيد الطريق للقضاء على وجود السائقين بين أفراد العائله وعدم مشاهده تجمعاتهم أمام المراكز التجارية والسياحية يعتبر نجاحا للمجتمع النسائي. فان المنافع التي سوف تنعكس على العائله التي هى أساس المجتمع من اخذ الاختيار المذكور في الاعتبار :
1-   عدم مخالفه تعاليم الدين الاسلامي والذي يحرم خلوه المراه مع السائق.
2-    الحد من جرائم السائقين في البيوت.
3-    تولد ارتياح نفسي لدى رب كل عائله بعدم وجود هؤلاء السائقين.
4-   سهوله تعامل السائقه مع المراه وخدمتها.
5-   خلو المراكز التجاريه والسياحيه من  زحمه السائقين.
6-   تقليص المشاكل التي عادة تتعرض لها الخادمات من السائقين.
7-   إعطاء المر أه السعودية فرصه العمل في أداره المرور النساء إذا ما تم إنشائه.

ليست هناك تعليقات:

الطلب على النفط.. يحدد الاستثمارات

  الثلاثاء 21 ذو الحجة 1446هـ 17 يونيو 2025م المقال الرياض د. فهد محمد بن جمعة صرّح هيثم الغيص، الأمين العام لأوبك، خلال معرض الطاقة العالمي...