أعداد: د/ فهد محمد بن جمعه
التاريخ: 24-5 –2002
لقد عمدت وزارة التجارة إلى إلغاء نظام الوكالات الحصريه بغيه في عدم حدوث أي نوع من الاحتكار الذي قد يؤدي إلى تكليف المستهلك وما ينتج عن ذلك من عدم الفعالية الاقتصادية. ولكن لا أجد مبررات لاتخاذ مثل تلك القرارات مع أن الوكالات الحصريه مسموح بها في الدول المتقدمة تحت نظام ما يعرف بالتوزيع أو الوكالة الحصريه لمنطقه ما مع مراعاة القوانين التي تنص على أن لا تسيطر شركه ما على معظم السوق في تلك المنطقة. ولكن تلك الدول تطبق ما يسمى بمقاييس القوة التركزيه لأجل معرفة إذا ما كانت شركه تسيطر على السوق بقصد طرد الشركات الأخرى وتثبيت أسعارها عند مستوى لا يتفق مع توازن السعر مع التكاليف لتحقيق اكبر قدر من الأرباح دون أن تنحدر مبيعاتها بشكل ملحوظ. فعندما ألغت وزارة التجارة الوكالات الحصريه هل جاء ذلك بناءا على المبررات التالية:
1- أن تلك الوكالات تثبت أسعارها لتخلق عرضا غير مرن في وجه طلب المستهلك وانه لا يوجد منافس لها في السوق.
2- قوة سيطرة تلك الوكالات على معظم السوق فيما قد يتجاوز 50% من السوق لسلعه ما قد لا يوجد لها بديل إلى درجه أنها قد ألحقت الضرر بالمستهلك.
3- تطبيق مقاييس تركز القوه السوقية في ظل بحوث سوقيه وتسويقه تستخدم المتغيرات التي تكشف حقيقة الأمر وان ذلك ليس مجرد أفكار خطرت على بال وزارة التجارة فأرادت أن تطبقها.
4- عمل مقارنه ميدانيه بين الأسعار هنا وبين مناطق مشابه لمعرفة التباين الحقيقي في الأسعار بعد اتخاذ في الاعتبار الفروقات في التكاليف.
هذه بعض المبررات التي قد تكون مقبولة لدى الجميع لفك وكالة حصريه وهذا لا يعني أن ذلك ينطبق على كل الوكالات الموجودة في السعودية. فأن اتخاذ قرارات مثل إلغاء الوكالات الحصريه قد يضر بلاسواق والمستهلكين على السواء ويشجع على سياسة الإغراق السوقية التي تغص بها الأسواق الآن وتحمل معها سلع رديئة وفي معظم الأحيان مقلده. فان غياب الوكالات الحصريه قد يلغي ارتباط الشركة بتوفير قطع الغيار وو ضع ألوم على شركه ما لان المشكلة أصبحت مشتركة. وهذا قد يدفع الشركات إلى التحول من تقديم الجودة المرتفعة إلى تقديم جوده رديئة وهذا ما هو حاصل مع غير الوكالات.كما أن الأثر الاقتصادي اعظم لان إلغاء تلك الوكالات قد يجبر بعض الوكلاء على إغلاق شركاتهم مما يتسبب في تقليص مشاركتها في القيمة المضافة إلى أجمالي الناتج المحلي و تسريح العاملين السعوديين. كما أن تلك الخطوة تشجع وكلاء تلك المنتجات في البلدان الأخرى ليغزوا السوق السعودية فتصبح وارداتها في تزايد مستمر بينما صادراتنا تكون في حاله تناقص.
الوكالات الحصريه:
أن وزارة التجارة لا تستطيع منع الوكالات إذا ما أراد الموكل أن يستمر في التعامل مع موكله وذلك عن طريق إبرام عقدا معه في بلد الوكالة والذي يتعهد فيه الموكل بان لا يبيع نفس المنتجات إلى أي شركه في بلد الوكيل وهكذا. فان وجود الوكالات يؤدي إلى رفع جودة السلع والخدمات وتقديمها عند أسعار مناسبة وتوفيرها في أي وقت يطلبها المستهلك وكذلك توفير قطع الغيار ألازمه بعكس لو كانت غير موجودة. أن السوق السعودية يشوبها نوعا من عدم التنظيم التجاري الذي يشجع على استيراد السلع الرديئة ذات الأسعار المنخفضة مما يوحي إلى المستهلك انه قد حصل على عرضا جيدا بينما في الحقيقة قد حصل على سلعه اقل من رديئة. ونتيجة لذلك تم إغراق الأسواق بسلع رديئة تجعلنا نردد كلمه اقتصاد رديء ومتخلف مما يخالف ما تسعى أليه وزارة التجارة.هكذا خلقت الوزارة أزمة جديده فحاولت محاربة الاحتكار عشوائيا فحلت مكانه سياسة إغراق السوق والذي في الحقيقة أسوأ من سياسة الاحتكار النادر وجودها بين تلك الوكالات الحصريه في شكلها العام. فقد أدى إلغاء الوكالات إلى تدهور الأعمال التجارية المرتبطة بتلك الوكالات وهذا يهدد الاقتصاد السعودي حيث أن ذلك الإلغاء يمنح دول الخليج ميزه نسبيه ونظاميه لغزوا السوق السعودية وإضعاف قدره رجال الأعمال السعودية على الاستمرار في أداء أعمالهم. وهذا له تأثير سلبي على اجمالي الناتج الوطني وعدم قدره القطاع الخاص على استقدام التكنولوجيا المتطورة والمنتجات ذات المواصفات المرتفعة. لا سيما أن ذلك يشجع على خلق أسواق سوداء ينتشر فيها عمليات التقليد والمخادعة مما سوف يرهق وزارة التجارة و يضعها في موضعا حرج أمام المواطن.
احتكار أو حصار:
إذا كانت وزارة التجارة تقصد من فك حصر الوكالات التجارية هو ما يقتضيه انضمامنا إلى منظمه التجارة العالمية فان ذلك يعتبر هدفا قاصرا ولا يخدم المصلحه الاقتصادية السعودية بل انه يهددها. علما أن الوكالات الحصريه لم يثبت احتكارها فلماذا تتهرب الوزارة من تحديد القطاعات الاحتكارية التي قد ثبت احتكارها من خلال الزيادة المستمرة في أسعارها وقد اضرت بلحياه الاجتماعية والاقتصادية على أنها استثمارات غير فاعله وقد أنهكت قوى المستهلك. فالاحتكار الأكبر والضار والذي يجب فكه وتنظيمه هو سوق العقار ومخططاته العريضة والطويلة والتي يسيطر عليها عدد قليل من تجار العقار الظاهرين والباطنيين مما تسبب في استغلال المواطن و تحميلها أسعار مضاعفه عشرات المرات. فهل وزارة التجارة لديها القدرة على معالجه تلك المشكلة أو أنها لا تستطيع تنظيم السوق العقارية لشفافيتها فهل كل موضوعا يهم هذا البلد اصبح ذو شفافية ويلزمنا الصمت ولكن لا نستطيع أن نصمت؟ نحن نطالب وزارة التجارة وما يتبعها من مؤسسات حكومية أن تفك احتكار أصحاب العقار المستبدين من خلال اسعارهم الفاحشة.
احتكار العقار:
لقد شهدت السعودية تطورا في سوق العقار منذ السبعينات مع صفقات المنح ورخص أسعار الأراضي التي شجعتهم على الاستثمار مع توفر العوامل التالية:
1- التوسع الحكومي في بناء الطرق والمشاريع العامة.
2- ازحف السكاني والتفجر العمراني.
3- كثره الشركات والعمالة الاجنبيه التي تبحث عن استئجار ما هو موجود.
4- ضيق السوق الاستثمارية وارتفاع معدل الخطر مما فضل الكثير من المستثمرين استثمار أموالهم في العقار بجميع أنواعه.
5- توسع البنك العقاري العشوائي في استثماراته في منح القروض لذوي الدخل المحدود والتي انتهت بعضها في أيدي غير الدخل المحدود أو بناء منازل في أراضى بعيده عن مناطق التخطيط المدني.
هكذا انعكست تلك العوامل على صحة وفعالية السوق العقاري في المملكة مما نتج عنه المساوئ الاحتكارية التالية:
1- ارتفاع أسعار الأراضي لعدم وجود سقف أعلى لقيمتها وإنما تبنى تلك القيم على تكاليف هامشيه تحدد بشكل عشوائي في صكوك الأراضي وأهل العقار يعرفون ذلك جيدا. مما نتج عنه عدم قدره المواطن على شراء أرضا ما.
2- ارتفاع أسعار بيع المساكن المنزلية والتجارية إلى درجه أن بعضها لم يتم شرائها وفضل المحتكر أن تبقى خاليه إذا لم يحقق القيمة المناسبة له.
3- ارتفاع إيجارات المنازل والشقق وانه لا يمكن للمحتكر أن يأجرها إذا لم يحقق الإيجار المرغوب فيه. وقد انعكس هذا على وجود العديد من الشقق والبيوت الغير مستأجره لعدد من السنوات مما يعتبر ضياعا لتلك الاستثمارات. وهذا قد افقد السعودي القدرة على توفير سكنا له في نطاق دخله المحدود.
4- تشويه منظر المدينة لوجود العديد من الأراضي ذات المساحات الكبيرة داخل الأحياء التي لم يتم تعميرها مما يشكل خطرا على الجيران من تكدس الأوساخ وغير ذلك.
احتكار الكثرة:
فإذا كانت وزارة التجارة تبحث عن مصلحه المواطن فانه قد غاب عن نظرها أحتكار الكثرة والذي بدأ ينتشر في السعودية وبشكل سريع إلى درجه أن مالكا واحد كما هو واضح للعيان قد احكم قبضته على السوق وان الشركات الأخرى مازالت فقط تعمل في المناطق الخارجية البعيدة عن مركز القوه الاحتكارية وتحاول اغتنام الفرص كلما سنحت لها. أن هذا النوع من الاحتكار اخطر بكثير من الاحتكار الواحد لعدم القدرة على ملاحقته واكتشافه في الوقت المناسب. لكن الوزارة لا يمكن أن تنكر عدم معرفتها بذلك وألا كان وجودها من عدمه شيئا واحد. فلو تجولنا في أحد الأسواق السعودية الكبيرة كعينه عشوائية فأننا سوف تجد أن مالكا واحد يسيطر على نسبه قد تتجاوز 50% من سلعه ما في ذلك السوق . حيث يحاول ذلك التاجر أن يعتمد على احتكار الكثرة بتنويع أسماء وكالاته التي تعمل في مجال واحد حتى يخرج الشركات الصغيرة من السوق ويخلق قلق وهمي لدي الشركات التي تنوي دخول السوق على انه مغلق بوضع العراقيل في طريقها. وهذا يقضي على المنافسة وتحسين الأسعار كما هو حاصل هذه الأيام من خسارة لمعظم الأعمال الصغيرة بسبب احتكار الكثرة الذي يطبق السياسة المكانية ذات الأبعاد التوسعية لتنتشر على سطح الأرض ضمن مخطط يحاصر فيه منافسيه وإلحاق الضرر بهم.
توصيات:
أنه من الخطأ أن تصنع قرارات مبنية على قاعدة هشه لا تستمد جذورها من معلومات اقتصادية دقيقه تؤكد أو تنفي اتخاذ تلك القرارات ومدى تأثيرها الإيجابي أو السلبي على المستهلك والاقتصاد.فانه مطلوب من وزارة التجارة القضاء على الاحتكار العقاري بعمل التالي:
1- عندما يتم شراء أو بيع أي نوع من العقار فانه لا بد من تقييمه بناء على تكاليفه السوقية وليس على قيمته الشرائية وتوثيق ذلك في صك العقار. فقد شاهدنا تقلب أسعار الأراضي السكنية فيما بين 200 في أقصي الصحراء و اكثر من 1000 ريال في مناطق توفر الخدمات. بينما الأراضي التجارية تتراوح أسعارها من 400 ريال في المناطق الغير مرغوب بها إلى ما فوق 3000 في المناطق التي تتركز فيها الحركة التجارية.
2- إلغاء ومنع امتلاك المخططات بواسطة الأفراد وإنما يتم فقط امتلاك عدد بسيط من القطع داخل المخطط لكل فرد.
3- عند رغبه صاحب العقار في عمليه التقسيط فان يستطيع تقسيط قيمه العقار النقدية عند البيع دون أن يدفع المشتري أي تكاليف أخرى.
4- يطلب من أصحاب الأراضي القريبة من المناطق السكنية زفلتتها حسب مواصفات معينه لجعلها مواقف عامه يستخدمها المواطنين حتى أن يتم بناءها.
5- القضاء على احتكار الكثرة بعد إحصاء الوكالات التي يملكها تاجر واحد في كل منطقه سوقيه وعدد فروعها ثم حساب النسبة الاحتكارية في كل سوق لإثبات أنها محتكره أو لا.
ولا شك أن النظام الذي أصدره مجلس الوزراء أخيرا بتملك الشقق أو ما يسمى الطبقات ينصب في مصلحه المواطنين وإنعاش السوق العقارية لزيادة مساهمتها في أجمالي الناتج الوطني إلى ما فوق 10%. فان انخفاض أسعار العقار يزيد من حركته السوقية ويجعله في متناول الجميع ويشجع الأجانب على امتلاك العقارات الذين هم عازفين عنه حتى الآن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق