أعداد: د/ فهد محمد بن جمعه
التاريخ: 03-10-2001
لقد أثارت ظاهره تدني القوه الشرائية للمستهلكين قلقا لدى بعض أصحاب المحلات التجارية وأسواق الجملة وتجزئه وإذا ما كنت صاحب أعمال فلا بد انك تعرف حقيقة الأمر. علما أن ذلك التدني في القوه الشرائية والذي انعكس سلبيا على مستوي المبيعات كان حاصلا قبل الفترة التي سبقت حادث سبتمبر 11 والتي فاقمت من تلك المشكله. فهنا سوف القي بعض الضوء على العوامل التي مهدت لانخفاض القوة الشرائية للمستهلك السعودي وبشكل ملحوظ في الربع الثالث من هذا العام. فأنه من المنطق ان يعلل بعض المحللين ان تدني القوه الشرائية الاستهلاكية قد يكون عائدا لعاملين أساسين هما ارتفاع معدل البطاله وتزعزع ثقة المستهلك في الاقتصاد. ولكن هذان العاملين قد تتجاوزها القوه الشرائية عندما يستمر الأنفاق على السلع والخدمات فكيف يحصل ذلك؟. انه يحصل عندما تكون الزيادة الحقيقية في الرواتب والدخل أعلى و أسرع من الزيادة في معدل التضخم والعكس صحيح. لكن عند التدقيق في الجدول التالي فانه من الملاحظ ان معدل التضخم لم يتغير في الأشهر الاخيره من هذا العام مقارنه بنفس الأشهر في العام الماضي. مما يؤكد ان معدل التضخم كان مستقرا الى حدا ابعد مما يؤكد ان الزيادة في الرواتب لم تتغير أيضا وألا شاهدنا زيادة في القوه الشرائية للمستهلك. ولكن قد يسند البعض انخفاض هذه القوه الشرائية الى تدني معدل التوظيف لهذا العام مع ان معدل التوظيف السعوديين يزيد كل عام بنسبه 5% إلزاميا على القطاع الخاص وهذا يؤكد ان السعوديين الذين تم توظيفهم لهذا العام اكبر بكثير من العام السابق. إذا مازال عامل زيادة الرواتب الحقيقي عاملا هاما للغاية يحدد ضعف القوه الشرائية من قوتها. وإذا ما نظرنا الى القوه الشرائية في الولايات المتحدة في الربع الأول من هذا العام فأننا نجد ان القوه الشرائية للمستهلك قد ارتفعت رغم ارتفاع معدل البطالة وتدني النمو الاقتصادي مقارنته بالفترة السابقة. و قد كان السبب الرئيسي وراء الزيادة في الأنفاق الاستهلاكي هو الزيادة الحقيقية في الرواتب والتي كانت أعلى من الزيادة في معدل التضخم. و هذا سهل تحليله اقتصاديا لتوفر الأرقام الاحصائيه التي يتم نشرها شهريا او أسبوعيا من قبل المؤسسات الحكوميه الامريكيه. ولكن عندما نبدأ في تحليل الاقتصاد السعودي فان مجاعة الأرقام الاحصائيه المؤلمة تدفعنا الى عمل توقعات تستمد اتجاهاتها من ما تنص عليه النظريات الاقتصادية من ترابط بين العوامل والظواهر الاقتصادية. فتبقى الحقائق غير واضحة حتى ولو ان الاقتصاديين والخبراء في السوق يتمتعون بمعرفة لا يستهان بها لتقصي تلك الحقائق. فانه مؤكدا ان ضعف القوه الشرائية للمستهلك يشير الى ان الاقتصاد مقبلا على فتره ركود رغم الإحصائيات وتوقعات وزارة المالية بان معدل النمو الاقتصادي سوف يبلغ 4.5% تقريبا في نهاية هذا العام. فعلى ا لدوله ان تمارس سياسات اقتصاديه فعاله لمعالجه هذا الخلل الذي إذا ما استمر قد يعرض اقتصادنا الى تباطؤ في نموه. وهذا يبرز تحديا أمام الاقتصاد السعودي في كفيه التعامل مع مثل تلك الظواهر المحليه والعالميه التي جعلت بعض الاقتصاديين يتراجعون عن توقعاتهم عن معدل النمو السابق لوضعه عند معدل لا يتجاوز 3% لهذا العام.
مبيعات المحلات التجاريه:
أن مؤشر حجم مبيعات المحلات التجارية يدل على مدى ضعف أو قوة أنفاق المستهلك الذي يتذبذب مع التغيرات الاقتصادية. فالذي نريد أن نعرفه هو مبيعات المحلات التجارية لكل شهر لماذا؟ لأن تلك المبيعات تعطينا معلومات هامة عن مستوى الأنفاق الشخصي و تمثل جزءا هام من اجمالي الناتج الوطني وتقيس مقدار القوه الشرائية للمستهلكين والاتجاه الذي تسلكه من خلال ترابطهما الطردي. فانه باستطاعتنا تقييم مستوى القوه الشرائية وأتكهن بها إذا ما توفرت المعلومات الرقمية عن مبيعات المحلات التجارية. لذا لابد من أن نفرق بين مبيعات (Durables goods) مثل السيارات وقطع الغيار وما شابه ذلك وNo durable) ) مثل الوقود والمطاعم والمواد الغذائية وغيرها والتي تمثل جزاءا كبير من المبيعات المتعدده. فان تدني المبيعات عن ما هو متوقع يعني ضعف في نمو أجمالي الناتج القومي وبطئ في معدل التضخم والفائدة وعائد اكبر على الدخل الثابت في الأسواق المالية والعكس صحيح.
الأنفاق الشخصي الاستهلاكي:
ان الأنفاق الشخصي يمثل قيمه ما ينفقه الفرد على جميع السلع والخدمات في خلال فتره معينه. وهذا يعتمد على الدخل الفردي الحقيقي من رواتب او مصادر دخل أخرى. فل نذكر بعض العوامل التي تساعد على الأنفاق:
1- الدخل الحقيقي: إذا ما كانت الزيادة في الدخل تزيد عن الزيادة في معدل التضخم فأن الأنفاق سوف يزيد تبعا لذلك مما يرفع من القوه الشرائية لدى هؤلاء المستهلكين.
2- معدل الادخار: يشير الى التغير في أنفاق المستهلك فكلما انخفض ادخار الفرد فانه يوجهه الى تمويل مشترياته مما يؤدى الى تقليص استهلاكه وكذلك أجمالي الناتج الوطني.
3- التضخم: كلما كانت الزيادة في معدل التضخم اقل من الزيادة في الدخل كلما تحسنت القوة الشرائية للمستهلك.
4- معدل البطالة: انه من المتوقع أن زيادة معدل البطالة يؤثر سلبيا على القوه الشرائية للمستهلك.
5- داله ثقة المستهلك: كلما زادت ثقة المستهلك في قوه الاقتصاد كلما ازدادت قوته الشرائية.
مؤشرات السوق غائبة:
أن غياب الإحصاءات الاقتصاديه مثل المبيعات و متوسط الدخل الفردي و قيمه المشتريات وغير ذلك من الأرقام إلهامه لكل فتره زمنيه هامه سواء كانت أسبوعيه أو شهريه قد جعل الرؤية الاقتصادية غامضه لدى الكثير من المستثمرين والمستهلكين. فانه من الضروري معرفة ما قد تتعرض له المبيعات في وقت الدورات الموسمية التي تتباين فيها الأسعار والمبيعات أسبوعيا و شهريا لقياس تلك التغيرات وعمل التعديلات ألازمه للحصول على أرقام حقيقية وغير مشوهه خلال الفترة السنوية. فان ألوم يقع على عاتق وزارة الماليه والاقتصاد الوطني التي لم تعمل جادة حتى الآن لتوفير تلك المعلومات الاقتصاديه التي سوف يستفيد منها المستثمر والمستهلك على السواء . مما جعل رؤيتهم الاقتصاديه يشوبها نوعا من عدم التوازن وولدت لديهم قلقا افقدهم ثقتهم في الاتجاهات والتغيرات الاقتصاديه. فهم يعيشون فقط ليومهم ولا يستطيعون أن يتكهنوا عن ماذا سوف يحصل في الوضع الاقتصادي أسبوعا أو شهرا من الآن. ان تظليل الرؤية المستقبلية لعدم توفر الأرقام الاحصائيه أمرا يجسد نوعا من الإحباط وعدم التفاؤل لدى الأفراد مما يدفعهم إلى عدم الاستمرار في عاداتهم الانفاقيه خوفا من تدهور الحالة الاقتصادية ثم ضعف الدخل الحقيقي و القوه النقدية.
الأضرار المترتبة:
أن تدني القوه الشرائية للمستهلك قد يعزى أيضا إلى عدم قدرة قطاع المبيعات على تقديم ألاغراءات و المنتجات الجديدة التي تشجعهم على الشراء بشكل أوسع. وذلك نتيجة ما قد واجه القطاع الخاص من مشاكل لعدم حصوله على العمالة الكافية التي تساهم في تنشيطه و توسعه التجاري. فلقد أدى تقلص أنفاق المستهلك ثم تبعا لذلك تقلص مبيعات المحلات التجارية الى إرهاق قطاع التجارة و تسبب في بروز العوامل التالية:
1- تدني أجمالي المبيعات بشكل هام مما قد يتسبب في خسارة كبيره لتلك المعارض التجارية من خلال تقديمها عروضا خاصة قد تصل الى أسعار التكلفة.
2- تراكم في المخزون وزيادة التكاليف التي سوف ترحل للعام القادم قبل الاستفادة من التخفيض الجمركي الذي تم قبل عدة الشهر.
3- قد تخسر بعض الشركات عقودها في حاله عدم وفائها بالتزاماتها الشرائية من الشركات الأم.
4- تقليص حجم الدعاية والإعلان أملا في تخفيف حدة التكاليف المتراكمة.
5- احتمال خروج بعض التجار من السوق مما سوف يكون له اثر مباشر على رفع معدل البطالة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق