اعداد: د/ فهد محمد بن جمعه عدد الكلمات: 1498
التاريخ: 13-11-2001
ن الفلسفة الحقيقية لسعوده تتمحور حول كيف نوظف الموارد البشرية السعوديه بشكل فعلي وليس أسمي كما هو حاصل هذه الأيام. فكلمه السعوده قد يفهمها الباحثين عن العمل على أنها تعني فقط طرد العامل الأجنبي و إحلاله مكانه مهما كانت مؤهلات ذلك العامل وهذا طبعا مفهوما خاطئ.كما أن السعوده فهمت على أنها نسبة توظيفيه يتم تطبيقها والذي أدى إلى نتائج سلبية على طالب العمل السعودي وإنتاجيه المنشاة نفسها ثم الاقتصاد ككل. لذا لابد أن نغير تلك المفاهيم ونبنيها على فلسفه واقعية بدلا من سعوده الوظائف أو توطين الوظائف آلتان تعني نفس المفهوم إلى شغل الوظائف الشاغرة التي لا بد لكل منشأه مهما كان حجمها توفيرها. لذا فان فلسفه السعوده تعتمد كليا على عدد الوظائف الشاغرة وعلى تصنيفاتها ومدى ملاءمتها لسعودي إذا ما رغب في العمل بها وليس على عدد السعوديين المفروض توظيفهم إجباريا. وهذا المفهوم يتطلب إلغاء نسب توظيف السعوديين تماما على أن تقدم منشئات القطاع الخاص بيانا عن الوظائف الشاغرة لديهم إلى مكاتب أهليه متخصصه ولا يمكن أن يستقدموا أي عماله عندما يوجد سعودي يرغب في العمل في تلك الوظيفة عند الحد الأدنى للرواتب أو ما تحدده عوامل العرض والطلب وذلك خلال شهرا واحد من تقديم بيان الوظائف الشاغرة لدى الجهات المختصة. على أن تقتصر مهمة الدولة فقط على وضع ألانظمه لتشغيل السعوديين في الوظائف المتاحة عندما يكونوا قادرين و راغبين في العمل بها. فلقد خلق دعم الدولة المتواصل للسعوده روح الاتكاليه في نفوس السعوديين والذي يعتبر مرضا اقتصاديا واجتماعيا أدى إلى تدني معدل التوظيف وزرع الغرور في انفس الباحثين عن العمل على اعتقاد انهم يستحقون اكثر من الأيدي العاملة الاجنبيه و ليس لهذا أي مبررات عند بداية المشوار ألا في حدودا ضيقه وعندما يبرهن على انه اكثر جداره من غيره.
الاتكاليه:
أننا دائما نتكلم عن وطنيه القطاع الخاص ونتجاهل ان أساس الوطنية هو العامل فأين تلك الوطنية التي تترجمها انخراط الشاب السعودي في العمل في جميع المجالات وخدمه بلده. أخي السعودي انه من المحزن أن نرى الأجانب يسخرون من العمالة السعودية بسبب سلوكهم الغير عملي وعدم تحمل مسؤولية العمل. فكم من أجنبي قال لي ان السعوديين لا يعملون الا كمدراء او إداريين فقط مع الغياب المستمر. أننا لا نستطيع تعميم تلك القاعدة على جميع السعوديين ولكن اكبر شاهدا على صحة كلام هؤلاء الأجانب عندما تزور مطعما او محل قوه او المعارض المنتشرة في الأسواق فانك تجد القليل من السعوديين وفي ملفات رجال الأعمال الدلائل التي تثبت فشل السعودي في تلك المجالات الى هذه الحظه. هل فعلا أننا نترفع عن الوظائف العادية لما يشوبنا من غرور وتخلفا في معرفة الحياة المتحضرة ومتطلباتها ونفقد الوعي الذي لم نجني ثماره حتى الآن. لقد عززت اتكاليه العامل على الدولة لتوظيفه من تلك الظاهرة. وهذا يذكرني بحالة السود في أمريكا بعد مظاهرات عام 1960 والتي طالب السود فيها الحصول على حقوقهم ومحاربة التمييز ضدهم في الحصول على فرص عمل يسيطر عليها الاغلبيه من البيض. مما دفع الدولة الامريكيه الى توفير العديد من البرامج الاجتماعية والاقتصادية التي تشجع على توفير مستوي معين من المعيشة للسود. فأصبحت الدولة توفر لهم فرص التعليم المجانية والبيوت الحكومية ذات الأجور المخفضة وكوبونات الغذاء مما جعلهم يتكلون على تلك البرامج في حياتهم اليومية بشكل أساسي فلا يبذلون أي جهود للحصول على فرص عمل بعيده عن تلك البرامج مما انعكس سلبيا على مستواهم العلمي والعملي والأخلاقي. فمازال معظم السود الأمريكان يعملون في وظائف متدنية ولا يتمتعون بمستوى علمي عالي حتى أن الكثير منهم لا يستطيعون الكتابة وهذا قد شجع بعضهم على اتباع سلوكيات سيئة مثل بيع المخدرات والسرقات المسلحة لأجل الحصول على المال بصوره سريعة. هذا ما اجبر رؤساء السود على دعوه اتباعهم إلى الاعتماد على أنفسهم والابتعاد عن الاتكاليه على الدولة والبحث عن حياه ذات مستوى جيد. فأن ما تعمله الدولة هذه الأيام بتبني توظيف السعوديين كأرقام أصافيه في سوق العمل يقود إلى نفس الحالة وانحراف الشباب عن الطريق السليم. فعلى الدولة أن تزرع روح الاعتماديه في قلوب الشباب على أن يقتصر عمل الدولة على وضع القرارات المناسبة وعدم التدخل بشكل مباشر وترك الفرصة لشاب لكي يتعلم كيف يسوق لنفسه ويبحث عن افضل وظيفة له تتناسب مع رغبته ظمن عوامل السوق الحرة. وأني لا أتعجب لماذا ترهق الدولة نفسها في توظيف من لا يريد العمل مع وجود فرص العمل المتعددة للسعوديين. وإذا ما سحبت الدولة نفسها عن سوق العمل وعدم التدخل المباشر فيه فان البطالة سوف تبدأ في الاضمحلال. أن تدخل الدولة قد خلق بطالة مصطنعه يتكلم عنها الكثير ويلقى ألوم على الدولة دون إلقاء ألوم على العامل الذي لا يبذل قصارى جهده للحصول على الوظيفة وإذا حصل عليها فانه لا يستمر فيها لعدم اتفاقها مع طموحاته فتراه يتمرد على مسؤولية و يطالب الدولة بتوفير وظيفة له وهذا لا تعمل به أي دوله في العالم. علما انه لا يمكن الحصول على أرقام عن حجم البطالة السعودية ولم يتم تعريفها حتى الآن ولا يوجد استفتاء بياني للحصول على المعلومات الشهرية وكأن تلك البطالة شبحا يلوح في الأفق. و ان النسب التي يتكلم عنها بعض الاقتصاديين ليست دقيه أبدا وتعتبر تشويها لتعريف البطالة فليس كل من لا يعمل باطل وليس كل كسلان و غير منضبط عاطلا فهناك تضخيما كبير للبطالة السعودية. و يبقى السؤال إذا ما كان لدينا اكثر من 4 ملايين عامل أجنبي تقريبا فكيف يكون لدينا بطالة والذي يعني عدم توظيف السعوديين؟ وقد وجهت هذا السؤال الى وزير العمل وما زالت الاجابه تحت البحث وعسى أن نجدها في زمن الجيل هذا قبل ان يأتي الجيل الجديد فتكون جميع الجهود مشتتة ولا تخدم أي هدفا اقتصادي او اجتماعي.
4 ملايين أجنبي وبطاله:
لقد وضعت النقاط على الحروف عندما وجهت السؤال السابق ذكره في لقاء رجال الأعمال يوم 29-9-2001 الى وزير العمل والشؤون الاجتماعية الذي يبدو انه كان منزعجا منه حيث لم تكن أجابته الدبلوماسية او العفوية التي يستعملها للأجابه على كل سؤال يوجه له مقنعة للحضور. انه لم يستطع الرد على ذلك السؤال ما عدا انه بدأ يرد عل أن مليون عاطل غير أكيد لماذا؟ انه وزير العمل ولا يعرف كم عدد السعوديين العاطلين مع ان موضوع توظيف السعوديين قديما و يأتي في مقدمه الأوليات التي تم تعيين الوزير من اجلها. فكيف يتم وضع قرارات العمل ونسب لتوظيف قبل ان يعرف بكل دقه حجم البطالة وهذا مثل الغوص في بحرا عميقا لا يدري الغائص ماذا ينتهي الأمر به. أن اقتصادنا السعودي وتنميه الموارد البشرية لا يمكن أن تتم عبر قرارات عشوائية عندما لا تبني على معلومات إحصاءيه دقيقه تشخص المشكلة الحقيقية وتحدد علاجها. للأسف فمازلنا مستمرين في طريقا شائك لم يتم تمهيده إحصائيا.
الحل الأمثل:
أن صياغة عمليه السعوده لا بد ان تتمحور حول الاجابه على السؤال الاقتصادي المشهور والذي يقول هل العمل يتبع العامل أو العامل يتبع العمل؟ ان حرية السوق تؤكد أن العامل دائما يتبع العمل عند عروضا متباينة من الأجور كلا حسب مهاراته الفنية والعملية. فالذي تطبقه وزارة العمل هذه السنوات الأخيرة مغايرا لذلك وتحاول ان تقلب الموازن على أعقابها بإخضاع العمل للعامل وهذا ما جعل عمليه السعوده تتعثر ويكون لها اثر سلبي وأخلاقي عل سوق العمل والاقتصاد. فانه لا يمكن أن نقف في وجه النظريات الاقتصادية والتغيرات العارمة بشكل عكسيا يؤدي إلى نتائج سلبيه بل من المفروض أن نعمل في إطار تلك النظريات والاتجاهات الاقتصاديه مع وضع القرارات المناسبة و التي تجعل من عمليه السعوده ورقه ناجحة. أننا نستطيع ان نقول ان الحل الأمثل يتمحور في سياسة ذلك السؤال المشهور أن نجعل السعودي يتبع العمل وليس العكس. فعلى القطاع الخاص تحديد الوظائف الشاغرة قبل أن يتقدم بأي طلب على العمالة ألاجنبيه فإذا ما وجدت العمالة السعودية التي ترغب العمل في تلك الوظائف خلال شهرا من تقديم الطلب كان بها وآلا استبدلوا بعماله اجنبيه على الفور منعا للأضرار بمصالح القطاع الخاص التي هي تخدم مصلحه الاقتصاد السعودي وأصحاب الأعمال الذي هم سعوديين أيضا و بذلوا جهدا كبير لتوظيف أنفسهم لرفع إنتاجيه أجمالي الناتج المحلي فهم يستحقون التشجيع المستمر وليس تطفيشهم في وقت يتزامن مع تغيرات عالميه ضخمه في إطار التجارة العالمية.
المعادلة المجهولة:
ان وجود سوق عمل منظمه يمكن الدولة والباحثين عن العمل او العمال من تقييم حجم الطلب من قبل منشئات القطاع الخاص وحجم العرض من قبل العمالة السعودية. فكلما زادت الفجوة بين الطلب والعرض في سوق العمل كلما أصبحت الحاجة ملحه على استقدام العمالة الاجنبيه. وعلى النقيض كلما أصبحت الفجوة تضيق كلما زاد توظيف السعوديين و ضعف الطلب على العمالة الاجنبيه. فمن تلك المعادلة تستطيع وزارة العمل معرفة العوامل المجهولة ثم إصدار القرارات السليمة والمنطقية التي فعلا توظف السعوديين وكذلك الاقتصاد. وهذا يرفض القرارات الارتجالية التي عادة ما تكون قاتله لكل من الأطراف المشتركة السعوده والقطاع الخاص والاقتصاد لان معرفة المجهول وما يخبأه المستقبل من مفاجئات ومضاعفات قد لا تحمد عقباها. مما قد ينتج منها تراجع عكسي في توظيف السعوديين وتراجع في معدلات النمو الاقتصادي من تضخم مشكله البطالة بدلا من تقليصها.فان العبرة ليست في عدد السعوديين الذين تم توظيفهم فقط وإنما في نسبه التغير والتقدم في التوظيف المستمر مقارنه بالفترات السابقه قبل صدور تلك القرارات وبعدها.ان حاله سوق العمل السعودية ما زالت يرثى لها وتخيم عليها أجواء من الإحباط وضياعا لثروات البشرية التي يمكن للاقتصاد السعودي من الاستفادة منها وتوظيفها عند أقصى طاقه لها.
اقتراح:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق