11/23/2011

الاقتصاد و الميزانية العامة


أعداد: د/ فهد محمد بن جمعه                                      عدد الكلمات: 1545

التاريخ: 12-1 –2002

أن القرن الجديد لا بد أن يشهد تحولا جذريا في القرارات الاقتصادية وزيادة فعاليتها وتحقيق نمو اقنتصاديا حقيقيا و إيرادات لدوله بعيده عن إيرادات النفط المتذبذبة.فلقد ودعنا القرن الماضي بكلمة ربط الحزام  التي قالها ولي العهد الأمير عبد الله بن عبد العزيز نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني لتحسين الوضع الاقتصادي والقضاء على عجز الميزانية العامة وتقليص الدين العام عند اكبر حدا ممكن تحقيقه. ثم استهل سموه هذا القرن بكلمه أخرى قالها في اجتماع دول الخليج الثاني والعشرون في عمان بأن على المجلس أن يزيد من فعاليته ويكون وحدة اقتصادية وسياسية لها أبعاد استراتيجية طويلة الأمد تحقق الأهداف المتوقعة منه. فضلا انه قد أكد في نفس الاجتماع على دول مجلس التعاون أن تحد من ظاهرة التطرف الديني التي لا تخدم أي مصلحه عامه وإنما تسئ إلى الأمن الداخلي و علاقاتنا الدولية. ففي إطار تلك الكلمات المؤثرة اقتصاديا وسياسيا في نفوس المواطنين نستطيع أن نقوم بتحليل اقتصادي موضوعي في المديين القصير والطويل مع  مقارنه بعض النقاط الهامة تاريخيا في صياغ ذلك الحديث.

الوضع الاقتصادي:
لقد حرصت الدولة على مواصلة النمو الاقتصادي وترشيد الأنفاق كما ورد في طيات خطاب خادم الحرمين الملك فهد بن عبد العزيز الذي عقبه حديث ولي العهد الأمير عبد الله عند ظهور الميزانية الجديدة ليؤكد أن الأوليات الاقتصادية الهامة لا بد أن يتم برمجتها ضمن جدولا زمنيا محدد. فمازال الاقتصاد السعودي يتمتع بكثير من الميزات النسبية التي يمكن استغلالها بكل فعاليه لزيادة أجمالي الناتج المحلي وكذلك دخل الفردي إذا ما تم التخلص من البروقراطيه الحكومية التي يمارس معظمها على المستوى التنفيذي. فقد علل بعض الاقتصاديين أن انخفاض دخل الفرد كنسبه من أجمالي الناتج القومي منذ عام 1981م  والذي استقر عند معدل  3000 ريال تقريبا في عام 2001 إلى زيادة عدد السكان المطردة وكأن تلك الزيادة غير متوقعه أو غير مخطط لها ضمن خططنا المستقبلية مما يجعل خططنا مجرد فقط تجاوب مع ردة الأفعال وتبقى تحت رحمة المتغيرات والمستجدات. أن انخفاض دخل الفرد ناتجا عن سوء القرارات الاقتصادية والخطط التي تعتبر مجرد حبرا على ورق حيث أن نسبه الزيادة السكانية قد ارتفعت إلى 53% في عام 2000م مقارنه بعام 1981م بينما زادت نسبه التغير في أجمالي الناتج المحلي إلي 21%  في نفس الفترة. هكذا تبد لنا المشكلة الاقتصادية  والتقصير في أداء التحسين الاقتصادي واضحا والذي يمثل الفرق بين نسبه الزيادة السكانية والزيادة في أجمالي الناتج المحلي التي بلغت 32%  وهذا يعتبر مقياسا واقعي لمدى فشل الخطط الاقتصادية لدينا. وإذا ما تمعنا في الخطط الخمسية وما حققته من نتائج في المجال الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل وتوظيف العمالة السعودية فأننا لابد أن نشعر بالخجل الشديد من ما تم تقديمه من أعمال في ذلك المجال مع توفر البنية التحتية الجيدة على عكس البنية الفوقية التي مازالت متدنية. ولكي أكون اكثر موضعيه فلنقيس إنتاجيه تلك الوزارات التي هي مسؤولة عن تلك الأعمال منذ أن بدأت الخطة الخمسية الأولى في عام 1970م والنتائج التي حققتها طبقا للمعايير الاقتصادية المعروفة لكي نضع النقاط على الحروف كما يأتي:

1-   أن الفعالية الاقتصادية في الاقتصاد السعودي مازالت ضعيفة رغم ارتفاع نسبه مشاركة القطاع الخاص إلي 48% في أجمالي الناتج المحلي في عام 2000م. فما زال القطاع النفطي يسيطر على معظم الناتج المحلي وهذا ما حاولت الخطط الخمسية أن  تغيره فلماذا فشلت؟ ولماذا لم توازن بين النمو السكاني والنمو الاقتصادي؟ من هو المسؤول الآن عن تلك النتائج الاقتصاد  السيئة التي تهدد مستقبل اقتصادنا؟.
2-   القوه التصديرية مازالت محدودة ولم تؤدي إلى تنويع مصادر الدخل وتكوين رؤوس أموال ضخمه مستورده.
3-   معدلات النمو ضعيفة وفي معظم السنوات متقلبة وسلبيه رغم تحقيقي معدلات حقيقية افضل في السنتين المنصرمتين. فمن قال أن معدل أعلى من معدل النمو السكاني مازال هدفا لخططنا فقد يكون هذا صحيحا قبل 30 عاما ولكن الآن نحتاج إلى معدل أعلى من النمو السكاني الحالي زائدا معدل النمو السكاني المستقبلي أي بشكلا مطرد مع ذلك النمو السكاني.
4-    تضخم عجز الميزانية  إلى أن اصبح 45 مليون ريال لميزانية عام ‏2002  ‏لفشل تلك الوزارات في أيجاد مصادر دخل جديده لدوله  وهذا لا يعني فرض ضرائب على المواطن.
5-   تراكم الدين العام والذي بلغ اكثر من 635 مليار ريال سعودي والذي لم يبرز للعيان حتى هذه ألحظه فما هو المسؤول عن تجاهل تلك المشكلة إلى أن استفحلت بشكل يزعج الدولة والمواطنين.
6-   ضعف قدره الاقتصاد السعودي على جذب الاستثمارات سواء المحلية الهاربة أو الاجنبيه نتيجة للعوامل السابق ذكرها مع سوء إجراءات ومعامله الجهات المختصة للمستثمرين المحليين فما بالك مع المستثمرين الأجانب.
7-   عدم استغلال السياحة المحلية والعربية والاجنبيه في مراحل متقدمة والى الآن لما نري أي تقدم على الصعيديين الأخيرين.

المشاكل الاقتصادية:
أن المشاكل الاقتصادية التي يعايشها اقتصادنا ومجتمعنا تتمحور حول الظواهر التالية والتي لا بد أن نتعامل مع كل منها على حذه حتى يؤدي أجمالي التعامل إلى نتائج اجماليه أيحابيه لقوة ترابط تلك العوامل فيما بينها:
1-   عجز الميزانية المتكرر.
2-   تراكم الدين العام بشكل مقلق.
3-   عدم قدرة الاقتصاد على تنويع مصادر الدخل.
4-   عدم قدرة الانظمه والإجراءات القائمة على جذب الاستثمارات بشكل المطلوب.
5-    انتشار البطالة المقنعة و المصطنعة.

أن العمل لأجل تقليص تلك الظواهر الاقتصادية تدريجيا وبشكل سريع  أصبح هدفا أساسيا لتقدمنا الاقتصادي ورفع أجمالي الناتج المحلي. 

توصيات:

1- الميزانية العامة:
أن ميزانية عام 2002 والتي انخفض حجم أنفاقها إلى 202 مليار ريال وكذلك إيراداتها  إلي 157 مليار ريال ليبلغ مقدار عجزها المتوقع 45 مليار ريال  نتيجة انخفاض أسعار النفط يؤكد على مدى هشاشه اقتصادنا والحاجة إلي زيادة الإيرادات الغير نفطية إلى ما يزيد على 60% من أجمالي إيرادات الدولة. وقد يعتقد بعض الاقتصاديين ان فرض الضرائب هي الطريقة الوحيدة لتحقيق ذلك وهذا قد يكون صحيحا ولكن كيف؟ إذا ما تم ذلك تحت مضله عدم الأضرار بأصحاب الدخل المحدود والنمو  الاقتصادي وهذا قد يتم تحت قانون باريتو الاقتصادي المشهور إذا ما قامت الدولة بعمل جماعي يجعل كل فرد في المجتمع في وضع افضل ولا يجعل أي فرد في وضعا أسوأ.  

2- الدين العام:
أن هذا الدين العام المتراكم باستطاعة الدولة معالجته بشكل تدريجي وفعلي إذا ما قامت بعمل الإجراءات التالية:
- هيكله الوزارات وإعادة ترتيبها ومحاولة دمج الوزارات التي لا يوجد مبررات هامة لاستقلاليتها مثل وزارات التخطيط والتي من المفروض تحويلها إلي هيئه أداريه تابعه للوزارة المالية والاقتصاد الوطني . كما ان هناك بعض الوزارات الأخرى والهيئات التي لابد من وضعها تحت مظلة واحده.
-  إلغاء أسماء بعض الوزارات وتحويلها إلي هيئات صغيره يسهل إداراتها وتحكم بها وقايس إنتاجيتها وكذلك كسر البرقراطيه وحب السيطرة على مجرى الإجراءات لإبراز الذات.
- تخصيص جميع ألا نشطه الحكومية التي يستطيع القطاع الخاص القيام بأعمالها على الفور.
- البدء في التمويل الذاتي للبرامج والمشاريع الحكومية مقابل تكاليف رمزيه يدفعها المستفيد منها.
- تقييم الأصول التي تمتلكها الدولة وكذلك الاستثمارات لبيعها و تصفيتها لصالح الدين العام.
- أعاده توزيع فوائد قروض الدين العام وذلك الحصول على قروض ذات فوائد اقل.

3- جذب الاستثمارات الاجنبيه:
أن جذب الاستثمارات الاجنبيه وتسهيل تدفقها يتطلب فتح الباب على مصراعيه للاستثمارات الاجنبيه و بدون أي ضرائب لعدد كافي من السنوات أغراء للمستثمر حتى يتم تأسيس قاعدة استثمارية واسعه وثابتة. فضلا عن تخفيف الانظمه والإجراءات الحكومية وتفتيت البروقراطيه والتعسف الإجرائي.

4- تنويع مصادر الدخل:
أن المجلس الاقتصادي الأعلى لا بد أن يمارس ضغوطا على الوزارات المسؤولة عن رسم السياسات  والاستراتيجيات الاقتصادية لتنويع مصادر الدخل وان يقيم فشلها من عدمه في ذلك المضمار ووضع الإصلاحات الاقتصادية التي تمنع تكرار فشل تلك الجهات في أداء أعمالها.أن إلقاء ألوم على عدم قدرة القطاع الخاص على توسيع القاعدة الصناعية وتنويع مصادر الدخل يعكس سوء السياسات التي تقدمها تلك الجهات الحكومية و التي لم تستطع حتى الآن التسويق لنفسها مما يدفع مؤسسات القطاع الخاص إلي تبني استراتيجياتها بحثا عن مصادر ربحية.فأن وضع الذرائع ومحاولة التهرب من المسؤولية العامة يؤدى إلي تفاقم المشاكل الاقتصادية ويقلل من الفرص المتاحة.هكذا اصبح الدعم ومنح التسهيلات الكافية وتقليل تدخل الحكومة في شؤون الأعمال الخاصة  أمرا ضروريا يؤدي إلي التوسع والنهوض بالحركة الاقتصادية.  

5- السياحة:
أن صناعه السياحة المحليه و العربية والاجنبيه تعتبر بديلا اقتصاديا لتنويع الدخل و ثروة اقتصادية ضخمه للاقتصاد السعودي إذا ما وفرنا المقومات السياحية وحرية التنقل ضمن ضوابط وانظمه مرنه تتمشى مع واقع عصرنا واقتصادنا.  لذا لا بد من أيجاد انظمه سياحية تشجع السائح من خارج المملكة على تكرار الزيارات لما لذلك من قوة أيحابيه مضاعفه على جميع الوحدات الاقتصادية المنتجة في المجتمع. فضلا عن تكوين مواقع سياحية متخصصة تتفق مع رغبه السائحين من كل شريحة.

5- البطالة:
أن دعم صندوق الموارد البشرية للموظف السعودي الذي يعمل في القطاع الخاص ضمن عقدا نظاميا وكذلك تدريبه قرارا هام لتشجيع السعوديين عل العمل فلا بد من تفعيلة ووضع اليه تدفع بالسعوديين للعمل في جميع المجالات. كما ان توفير المعلومات الإحصائيات الدقيقة يساعد على تحقيق أهدافنا ومن خلالها نستطيع تحديد مسار السعوده في المستقبل ووضع القرارات المناسبة لتنظيم  سوق العمل اخذين في الاعتبار حجم الطلب والعرض  على العماله.

أهداف استراتيجية:

إذا ما أردنا أن نضع ونقيس إنجازات وزاراتنا و ما تقدمه من جهد في خدمه الاقتصاد السعودي فلا بد من تحديد بعض الأهداف نسبيا كما يلي:

1-   تحقيق معدل نمو حقيقي  يتجاوز 6% سنويا.
2-   زيادة حجم الصادرات بنسبه لا تقل عن 25% سنويا من خلال توسيع القاعدة الصناعية وتعزيز قدرتها الانتاجيه وتحديد نسبه محدده لنمو الصناعي يتناسب مع معدل النمو السابق.
3-   رفع معدل نمو التعدين إلى 10% سنويا.
4-      زيادة تدفق الاستثمارات إلي الداخل بنسبه لا تقل عن 35% من أحمالي الاستثمارات الحالية سنويا.
5-      زيادة دخل السياحة بجميع أنواعها بنسبه لا تقل عن 25 % سنويا.
6-      زيادة نسبه توظيف السعوديين إلي 15 % سنويا من أحمالي القوه العاملة وفق رؤية مشتركة لا تعطل النمو الاقتصادي.
7-      زيادة إيرادات الدولة الغير نفطية بنسبه 20% سنويا وتقييد الأنفاق حسب الضرورات والأساسيات  التي لها علاقة بعمليه النمو الاقتصادي والاجتماعي.
8-       أزاله بروقراطيه الإجراءات  بعمل استفتاء عشوائي شهري يواسطة رجال الأعمال والمراجعين.

 

ليست هناك تعليقات:

الطلب على النفط.. يحدد الاستثمارات

  الثلاثاء 21 ذو الحجة 1446هـ 17 يونيو 2025م المقال الرياض د. فهد محمد بن جمعة صرّح هيثم الغيص، الأمين العام لأوبك، خلال معرض الطاقة العالمي...