أعداد: د/ فهد محمد بن جمعه
التاريخ: 20-4 –2002
ان قدرة الاقتصاد السعودي على جذب الاستثمار الاجنبي المباشر لم يكن بالقدر المتوقع. فقد يتساءل البعض لماذا لم نرى ان الاستثمار الاجنبي قد بدأ ينتشر وتزيد فعاليته في توظيف السعوديين ونقل التقدم التكنولوجي وماينتج عنه من مهارات عمالية وانتاجيه مرتفعة تنعكس على زيادة النمو في اجمالي الناتج القومي. فبتأكيد ان جذب الاستثمارات الاجنبية بجميع انواعها وخاصة الاستثمار المباشره ذات الجنسيات المتعددة تحتاج الى مناخ استثماري يتلائم مع طبيعة تلك الاستثمارات المتعدة. فان توفير المناخ الاستثماري المناسب يتطلب مناقشه الاستراتيجيات الاقتصادية السعودية وما ينبثق عنها من قرارات وانظمة لها تأثير مباشر وغير مباشر على جذب او تغيير أتجاه الاستثمارات سواء كانت محلية او اجنبية. فان الوجه الآخر للعوامل التي تدفع الى هروب رؤوس الاموال المحلية الى الخارج والتي تقدرها بعض الاحصائيات بحوالي 800 مليار دولار هي نفس العوامل التي تستطيع ان تجذب الاستثمارات الاجنبية. ولتأكد من ذلك الأمر فل نسأل بعض اصحاب الأموال الهاربة لماذا هربت اموالهم الى الخارج ؟ فان هؤلاء المستثمرين لن يترددوا في الاجابة على ذلك السؤال الذي نحن نعرف الاجابة عليه مسبقا. لذا فان جذب الاستثمارات الاجنبية وتكوين مركز قوة جذب لها يعتمد على العوامل التالية:
1- تحديد هدف اقتصادي موحد للاقتصاد السعودي تعمل من اجله جميع القطاعات الاقتصادية بدلا من التناقضات في الاستراتيجيات والقرارات التي تصدر من كل قطاع.
2- هيكله الانظمه والقوانين واعطائها طابع المرونه حسب الظروف الاستثماريه ونوعها.
3- توفير الاحصاءات الاقتصادية والاجتماعية التاريخيه والى اخر فتره زمنيه ممكنه مع التوقعات.
4- المعاملة بالمثل الى اكبر قدر ممكن حتى لا يشعر المستثمر الاجنبي بانه غير قادر على ممارسه حرياته الشرعيه.
5- قدرة المصارف والبنوك المحلية على تمويل المشاريع الاستثمارية المشتركة.
6- توفير مقومات الاستثمار الاجنبي والضروريه.
7- مشكله العماله و ارتفاع الرواتب عبر الزمن الذي يشجع الاستثمارات الاجنبية على الخروج. فان الذي يدفع الاستثمارات المباشرة للاستثمار في الدول النامية هو فقط بحثا عن الخامات الاستثماريه الرخيصة او العمالة الرخيصة.
منافع الاستثمار المباشر:
ان للاستثمارات المباشرة منافع متعددة وسببا في اتجاه الدول النامية لجذبها:
1- زيادة اجمالي الناتج المحلي.
2- زيادة معدل التوظيف والدخل.
3- اكتساب المعرفة وكيفية تنمية الاقتصاد واستغلال الموارد المتاحة.
4- استيراد التقنية ونشرها في الاقتصاد.
5- فتح اسواق جديدة عالمية.
6- تقدير الموقف السياسي واعطائه اهمية اكبر.
فقد أكدت الاحصاءات العالميه ان حجم الاستثمارات المباشره من غير مجموعه الدول المتقدمه قد زادت سته اضعاف الاستثمارات في السنوات السابقه حيث بلغت 168 مليار دولار بين عامي 1981 و2001. وهذا يشير الى ان الاستثمارات المباشره موردا اقتصاديا هام للدول الناميه اذا ما هيئت له المناخ الملائم.
11 سيتمبر:
لقد كانت لاحداث 11 سبتمبر اثار سلبيه مباشره على اتجاه الاستثمارات الاجنبيه المباشره في الدول الناميه فقد كان تقييم البنك الدولي لها على النحو التالي:
1- معدلات النمو لا بد ان يعاد حسابتها تراجعيا وكذلك معدل النمو السكاني.
2- ارتفاع معدل الفقر في الدول الناميه بما بين 5% الى 15% في عام 2002 عن النسبه الاصليه.
3- ارتفاع معدل الخطر على القروض التي سوف تحصل عليها تلك الدول الناميه.
4- تقلص اسعار المنتجات الزراعيه والخامات المستخرجه في تلك الدول الناميه غير النفطيه.
5- حجم الاستثمارات سوف ينخفض من 168 مليار دولار الى ما بين 150 مليار دولار و 160 مليار دولار مقارنه بعام 2001.
جذب الاستثمارات:
ان لحضور الاستثمارات المباشرة قوة تصديرية لما تضيفه من قيمة عالية الى الاقتصاد المحلي. وقد تنافست الكثير من الدول النامية بوضع حوافز استثمارية لجذب الاستثمارات بعمل بعض الخطوات الاجرائية مثل الديمقراطية واحترام حقوق الانسان والعمل بالقوانبن الشرعية وتعديل الوضع الاقتصادي والسياسات المالية. ولقد اشارت بعض الاستبيانات المقدمة لبعض المستثمرين الاجانب على ان قوة جذب المستثمرين الاجانب يتمحور حول النقاط التالية:
1- ترتيب الدولة المظيفه في التقرير التنافسي الذي تصدره ندوة الاقتصاد العالميه .
2- المدة التي يستغرقها الحصول على رخصة تصدير.
3- سهوله الاجراءات المطلوبة لشراء قطعة ارض.
4- سهولة الحصول على تراخيص عمل للأجانب.
5- سهولة حصول الأجانب على تأشيرات دخول.
6- كيف تحارب الدولة مستويات الجرائم.
7- هل الدولة تقدم مساعدات لأقاليمها المختلفة لمساعدة الأعمال الجديدة.
8- سهولة الحصول على القروض وهل سعر الفائدة معقولا.
وبتأكيد ان استقرار العوامل السياسية والعوامل الاخرى المجهولة عوامل اساسيه في قرارات أي مستثمر. ولكن غياب الكثير من المعلومات التي يحتاجها المستثمرين يزيد الموقف تعقيداً.
مناقشه:
ان سياسه جذب الاستثمارات المباشره في السعوديه تعارضه سياسات القطاعات الاقتصاديه الاخرى. فبينما الهيئه العليا للاستثمار تحاول ترجمه اهدافها الاساسيه على ارض الواقع و التي انشأت من اجلها الا ان قراراتها وتسهيل مجرى الاستثمارات المباشره يتصادم مع القرارات الاقتصاديه الاخرى التي تصدرها او تعمل بها الجهات الاخري. فهناك انظمه وقوانين قد بنى الدهر عليها وهناك قرارات اخرى لا تأخذ في الاعتبار تاثير تلك القرارات على قدره الاقتصاد على جذب الاستثمارات وكأن كل وزاره او هيئه حكوميه تعمل في معزل عن اخواتها. فنرى ان قرارات وزارة العمل والشؤون الاجتماعيه وتحديد نسب السعوده في كل شركه عشوائيا يتعارض مع قاعده توفر العماله الماهره والرخيصه التي تستعملها الشركات الاستثماريه مما يكون سبب في عدم ترغيبها. وهذا لا يتفق مع اهداف جذب الاستثمارات الاجنبيه التي أنشأت الهيئه من اجله والذي يؤكد اهميه تلك الاستثمارات فتوضع بعض العراقيل في طريقها مما يحرمها من تحقيق اهدافها المتوقعه. فانه لا يمكن للهيئه تحقيق اهدافها الاستراتيجيه اذا لم يكن هناك اهداف عامه تتكاتف حولها جميع جهود القطاعات الحكوميه لمساندتها وتوفير الاجواء المناسبه لترسيخ الخطى الاستثماريه المخطط لها. فاننا نرى ان عمليه السعوده بثوبها الحالي تقف عقبه في طريق الاستثمارات الاجنبيه التي ترغب في اصطحاب عمالتها الماهره معها وترغب في توظيف العماله الرخيصه في عمليات الانتاج والتي تتميز بها الدول الناميه عن غيرها. وهذا لا يعني ابدا عدم توظيف السعوديين ولكن قد تحتلف نسب التوظيف.واذا لم تغير وزارة العمل ذلك السلوك فانه يعني اننا نبحث عن استثمارات ذات كثافه راسماليه وليست كثافه عماليه. مما يعني ان توظيف السعوديين ليس من الاوليات في جذب الاستثمارات ولكن اذا اردنا ان جذب الشركات ذات الكثافه العماليه فلا بد ان نراعي ظروفهم وان تكون تكاليف العماله معقوله ولهم الحق في استقدام العماله الرخيصه اذا ماردوا ذلك. لان زياده اجمالي الانتاجيه في الاقتصاد توظف اكبر عدد من السعوديين تلقائيا وليس بالضروري في نفس تلك الشركات وانما من خلال عمليات التكامل والدفع الامامي والخلفي للقطاعات الاخرى المشاركه. اما مشكله الانظمه والقرارات الاقتصاديه فمازالت تشكل عقبه في طريق الاستثمارات المباشره والتي عانى منها المستثمرين الاجانب والمحليين على السواء وتلك القضايا يتم نشرها دائما في الصحف المحليه.فقد نشرت الاقتصاديه في عددها 3113 تاريخ 2002-4-19 مطالبه عدد من المستثمرين السعوديين والاجانب والعرب بضروره تدخل الهيئه العليا للاستثمار ببمارسه الضغوط على مكتب العمل , مصلحه الزكاه, والبلديات بهدف تخفيف صرامه قوانينها وانظمتها التي تعيق من فسح وتسهيل طريق هؤلاء المستثمرين في مئات المشاريع القادره على ضخ مليارات الريالات في الاقتصاد السعودي.
تنسيق:
ان على وزاره العمل والشؤون الاجتماعيه ان تعيد حسابتها وان تعرف جيدا ان توظيف السعودييين هو عناية الدوله ولكن قوة الاقتصاد السعودي هو اهم عامل يمنح السعوديين فرص وظيفه اكبر من فقط النسب المحدده فاذا لم يتحقق نموا اقتصاديا فلن يتم توظيف السعوديين على كل حال.وهذا ما اجبر رجال الاعمال على تقليص فروعهم الاستثماريه ومن اجل تقليص حجم العماله لديهم و تخفيض التكالبف العماليه مما اضعف فرص التوظيف امام السعوديين. لذا لا بد من تمهيد الطريق امام جذب الاستثمارات وتسهيل جميع عملياته. وان على وزارة الماليه والاقتصاد الوطني وضع السياسات الماليه والنقديه التي تشجع القطاع المالي على تقديم خدمات افضل للمستثمرين من قروض وتسهيلات ماليه دون أي تعقيدات. فضلا عن ما تستطيع وزاره التجاره والوزارات الاخرى من تقديم تسهيلات اجراءيه وانظمه متقدمه تدفع بعمليه جذب الاستثمارات الى الامام.
هدف موحد:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق