
العدد:4735 old الموافق:2006-09-28
ماذا يعني ارتفاع أسعار النفط؟
<a href="mailto:fahedalajmi@saudi.net.sa">fahedalajmi@saudi.net.sa</a>
يتساءل الكثير إذا ما كان ارتفاع أسعار النفط إلى ما فوق 65 دولارا للبرميل يشير إلى مؤامرة يحاك لها من قبل شركات النفط العالمية التي ترغب في تحقيق أكبر قدر من الأرباح ذات السعر المخصوم مستقبلا بدلا من التوسع في بناء معامل تكرير جديدة تفك من اختناقاتها التي أدت إلى ارتفاع الأسعار في الولايات الأمريكية بدعوى المحافظة على سلامة البيئة, فكيف أصبح عدو الأمس صديق اليوم وفي صف أنصار البيئة الذين يحملونها تكاليف إضافية ويفرضون عليها قيودا تحد من نشاطاتها, ما يجعلنا نشكك في نياتها على أنها مؤامرة ضد المستهلكين والمصدرين تخفي في طياتها توقعاتها عن مستقبل إنتاج النفط الذي تتوقعه له أن ينخفض قبل منتصف هذا القرن وهو ما دفعها إلى عدم التوسع في استثماراتها إذا ما كان الإنتاج سيتناقص, أو أن ارتفاع الأسعار يشير إلى أن هناك حملة استنفارية لإثارة الرأي العام في الدول الصناعية المستهلكة للنفط كما ورد في خطاب الرئيس الأمريكي في لقاء اتحاد الولايات الأمريكية عام 2006 بأن أمريكا قد زاد إدمانها على استهلاك النفط Addiction to oil وأن هذا الإدمان يهدد الأمن الأمريكي ولا بد أن تتم معالجته بعدم الاعتماد على نفط الشرق الأوسط ما يدعم اختيار بدائل الطاقة الأخرى التي لم يكن مرغوبا فيها إما لأخطارها وإما لتكاليفها المرتفعة كما هو الحال بالنسبة إلى الطاقة الذرية. أو أن ارتفاع الأسعار يشير إلى أن طبيعة النفط كمصدر طاقه غير متجدد سينضب عاجلا أو آجلا كما يدعيه أصحاب نظرية ذروة النفط على أن إنتاج النفط سيبلغ ذروته الإنتاجية Peak Oil بحلول عام 1939 عند قمة منحنى الجرس Bell curve التي يبدأ عندها الإنتاج يتناقص على طول الجانب الأيسر من الجرس بينما الطلب العالمي عليه يتصاعد فتسود حالة من عدم التوازن بين العرض والطلب تعمق من الفجوة بينهما كلما طالت الفترة الزمنية, ما يجعل الأسعار ترتفع بمعدلات متضاعفة حتى تضيق من حجم تلك الفجوة وتطيل من أمد الإنتاج إلى عقود أخرى ولكن تداعياتها الاقتصادية خطيرة على نمو الاقتصاد العالمي.
فأي من تلك المؤشرات يكون أقرب إلى الحقيقة؟ وماذا يعني ذلك لدولة مثل السعودية تمتلك أكبر طاقة إنتاجية في العالم قد تصل إلى 12.5 مليون برميل في اليوم يدعمها أكبر احتياطي نفطي في العالم؟ ولكي تكون الإجابة واضحة عن تلك الأسئلة فلا بد أن أسرد بعض آراء خبراء النفط وما أفضت إليه الدراسات والتحليلات من استنتاجات وتوقعات حتى نكون على بينة من امرنا ونستطيع أن نبدي رأينا في ذلك وما ينبغي علينا عمله الآن. إننا نستطيع أن نقول لقد برز في أدبيات النفط بعض النظريات التي من أهمها: نظرية المؤامرة وهي أكثر خداعا ونظرية بدائل الطاقة الأكثر تشاؤما ونظرية ذروة الإنتاج التي يبدو أنها أقرب إلى الحقيقة. وإذا ما سلمنا بإحدى تلك النظريات فإن ارتفاع أسعار النفط قد شجع حكومات الدول المتقدمة في السبعينيات على إنفاق مليارات الدولارات على مراكز بحوث الطاقة ودفع بشركات النفط إلى حفر الآبار ذات التكاليف الإنتاجية المرتفعة مقارنة بتكاليف الإنتاج في دول الخليج.
ففي نهاية مقاطعة النفط في عام 1973 كان عدد الحفريات rigs count في أمريكا أقل من 1500 حفار ثم ارتفع نشاطها تصاعديا مع ارتفاع الأسعار حتى بلغ عددها أكثر من 2000 حفار في عام 1979 وفي نهاية عام 1981 أصبح عددها أكثر من ضعفي العدد السابق. وعندما بدأت أسعار النفط تنحدر في نهاية عام 1985 غاب حفر الآبار ليكون عام 1986 نقطه انكسار في منحى حفر الآبار ما يؤكد أن ارتفاع عدد حفر الآبار مشتق من ارتفاع الأسعار والعكس صحيح. ولأول مرة يتجاوز إنتاج الدول من خارج الأوبك إنتاج دول الأوبك في عام 1979 ما أفقد دول الأوبك السيطرة على أسعار النفط المستقبلية وأصبحت فقط تتحكم في الكمية المتبقية من المعروض Residual supplier إما ارتفاعا وإما انخفاضا للمحافظة على استقرار الأسعار العالمية حتى لا يكون لها أثر سلبي في نمو الاقتصاد العالمي وإدخاله في حالة من الركود ما قد يخفض الطلب العالمي على النفط.
<img border="0" src="http://www.aleqt.com/picarchive/jomah11.jpg" width="350" height="310" align="center">
وإذا ما كان ما تدعيه هذه النظريات محتملا فماذا علينا في السعودية عمله حتى لا يصبح اقتصادنا ضحية المستقبل على أن النفط سلعه نابضة لا يمكن الاعتماد عليها في العقود القادمة, كما أشارت إليه خطه وزارة الاقتصاد والتخطيط بأن الاقتصاد السعودي سيكون ذا مصادر متنوعة الدخل بحلول عام 2025 بقيادة القطاع الخاص. فكيف يتم تفعيل خطة وزارة الاقتصاد والتخطيط المستقبلية التي تعول على أن يكون الاقتصاد السعودي معتمدا على القطاع الخاص في تنويع مصادره. إن الأهم ألا ننتظر حتى يأتي اليوم الذي نعض على أناملنا من الندم فيكفينا مضي أكثر من 35 عاما على خططنا الخمسية وها نحن في بداية الخطة الخمسية الثامنة فلا بد أن تكون خطه ذات نقلة نوعية مبنية على معايير ومقاييس تحدد اتجاهاتها وتقيم إنجازاتها بكل حسم وصرامة حتى لا نضيع 25 عاما أخرى دون أن نحقق الأهداف المتوقعة التي تحدد مسار نمو اقتصادنا عندما تكون مساهمة سلعة النفط في إجمالي الناتج المحلي عند أقل مستوياتها تاريخيا.
وإذا ما كانت الفترة المستقبلية تشبه في ملامحها ما حدث خلال الفترة 1973 و1978 عندما ارتفع سعر البرميل من ثلاثة دولارات إلى 13.55 دولار للبرميل وواصل ارتفاعه إلى 14 دولارا للبرميل عام 1978 إلى أن تجاوز 35 دولارا للبرميل عام 1981 وتزامن ذلك مع ارتفاع حفر الآبار في أمريكا ليصل إلى ذروته في منتصف الثمانينيات. فلا بد أن نذكر أن وصول النفط إلى ذروة الإنتاج لا يعني أن منابعه ستجف سواء كنا نتكلم عن بئر في حد ذاتها أو إقليم ما ولكن عند نقطة الذروة تكون عمليه الإنتاج قد استهلك منها ما يقارب 50 في المائة وسترتفع بعدها تكلفة الإنتاج عندما يجتاز الإنتاج النصف الأول من مخزونه ما قد يطيل من عمر العملية الإنتاجية من خلال ارتفاع الأسعار تصاعديا مع سعر التكلفة والكمية المطلوبة. فعلى سبيل المثال لو كانت ذروة الإنتاج هي عام 2005 فإن الإنتاج العالمي في عام 2045 سيكون مثل ما كان عليه عام 1960 ولكن الطلب العالمي لن يكون عند ذلك المستوى في العقود الأربعة القادمة مثل ما كان عليه في العقود الأربعة السالفة لزيادة الطلب العالمي الذي يدعمه التوسع الصناعي والزيادة السكانية وتحول الدول من الإنتاج المحلي إلى الإنتاج بقصد التصدير في إطار التجارة العالمية.
وبما أن النفط أهم سلعه يمتلكها اقتصادنا فإن أهمية الموضوع يتطلب أن أفرد لكل نظريه مقالا منفردا تتم فيه مناقشتها حتى نصل إلى استنتاجات تفيدنا في صياغة استراتيجياتنا المستقبلية في المديين القصير والطويل لبناء قاعدة اقتصاديه ثابتة توظف الموارد المالية والبشرية أفضل توظيف في خطى متكاملة يدعم بعضها بعضا ليكون الحديث عن تنويع مصادر الدخل جزءا من الماضي.
يتساءل الكثير إذا ما كان ارتفاع أسعار النفط إلى ما فوق 65 دولارا للبرميل يشير إلى مؤامرة يحاك لها من قبل شركات النفط العالمية التي ترغب في تحقيق أكبر قدر من الأرباح ذات السعر المخصوم مستقبلا بدلا من التوسع في بناء معامل تكرير جديدة تفك من اختناقاتها التي أدت إلى ارتفاع الأسعار في الولايات الأمريكية بدعوى المحافظة على سلامة البيئة, فكيف أصبح عدو الأمس صديق اليوم وفي صف أنصار البيئة الذين يحملونها تكاليف إضافية ويفرضون عليها قيودا تحد من نشاطاتها, ما يجعلنا نشكك في نياتها على أنها مؤامرة ضد المستهلكين والمصدرين تخفي في طياتها توقعاتها عن مستقبل إنتاج النفط الذي تتوقعه له أن ينخفض قبل منتصف هذا القرن وهو ما دفعها إلى عدم التوسع في استثماراتها إذا ما كان الإنتاج سيتناقص, أو أن ارتفاع الأسعار يشير إلى أن هناك حملة استنفارية لإثارة الرأي العام في الدول الصناعية المستهلكة للنفط كما ورد في خطاب الرئيس الأمريكي في لقاء اتحاد الولايات الأمريكية عام 2006 بأن أمريكا قد زاد إدمانها على استهلاك النفط Addiction to oil وأن هذا الإدمان يهدد الأمن الأمريكي ولا بد أن تتم معالجته بعدم الاعتماد على نفط الشرق الأوسط ما يدعم اختيار بدائل الطاقة الأخرى التي لم يكن مرغوبا فيها إما لأخطارها وإما لتكاليفها المرتفعة كما هو الحال بالنسبة إلى الطاقة الذرية. أو أن ارتفاع الأسعار يشير إلى أن طبيعة النفط كمصدر طاقه غير متجدد سينضب عاجلا أو آجلا كما يدعيه أصحاب نظرية ذروة النفط على أن إنتاج النفط سيبلغ ذروته الإنتاجية Peak Oil بحلول عام 1939 عند قمة منحنى الجرس Bell curve التي يبدأ عندها الإنتاج يتناقص على طول الجانب الأيسر من الجرس بينما الطلب العالمي عليه يتصاعد فتسود حالة من عدم التوازن بين العرض والطلب تعمق من الفجوة بينهما كلما طالت الفترة الزمنية, ما يجعل الأسعار ترتفع بمعدلات متضاعفة حتى تضيق من حجم تلك الفجوة وتطيل من أمد الإنتاج إلى عقود أخرى ولكن تداعياتها الاقتصادية خطيرة على نمو الاقتصاد العالمي.
فأي من تلك المؤشرات يكون أقرب إلى الحقيقة؟ وماذا يعني ذلك لدولة مثل السعودية تمتلك أكبر طاقة إنتاجية في العالم قد تصل إلى 12.5 مليون برميل في اليوم يدعمها أكبر احتياطي نفطي في العالم؟ ولكي تكون الإجابة واضحة عن تلك الأسئلة فلا بد أن أسرد بعض آراء خبراء النفط وما أفضت إليه الدراسات والتحليلات من استنتاجات وتوقعات حتى نكون على بينة من امرنا ونستطيع أن نبدي رأينا في ذلك وما ينبغي علينا عمله الآن. إننا نستطيع أن نقول لقد برز في أدبيات النفط بعض النظريات التي من أهمها: نظرية المؤامرة وهي أكثر خداعا ونظرية بدائل الطاقة الأكثر تشاؤما ونظرية ذروة الإنتاج التي يبدو أنها أقرب إلى الحقيقة. وإذا ما سلمنا بإحدى تلك النظريات فإن ارتفاع أسعار النفط قد شجع حكومات الدول المتقدمة في السبعينيات على إنفاق مليارات الدولارات على مراكز بحوث الطاقة ودفع بشركات النفط إلى حفر الآبار ذات التكاليف الإنتاجية المرتفعة مقارنة بتكاليف الإنتاج في دول الخليج.
ففي نهاية مقاطعة النفط في عام 1973 كان عدد الحفريات rigs count في أمريكا أقل من 1500 حفار ثم ارتفع نشاطها تصاعديا مع ارتفاع الأسعار حتى بلغ عددها أكثر من 2000 حفار في عام 1979 وفي نهاية عام 1981 أصبح عددها أكثر من ضعفي العدد السابق. وعندما بدأت أسعار النفط تنحدر في نهاية عام 1985 غاب حفر الآبار ليكون عام 1986 نقطه انكسار في منحى حفر الآبار ما يؤكد أن ارتفاع عدد حفر الآبار مشتق من ارتفاع الأسعار والعكس صحيح. ولأول مرة يتجاوز إنتاج الدول من خارج الأوبك إنتاج دول الأوبك في عام 1979 ما أفقد دول الأوبك السيطرة على أسعار النفط المستقبلية وأصبحت فقط تتحكم في الكمية المتبقية من المعروض Residual supplier إما ارتفاعا وإما انخفاضا للمحافظة على استقرار الأسعار العالمية حتى لا يكون لها أثر سلبي في نمو الاقتصاد العالمي وإدخاله في حالة من الركود ما قد يخفض الطلب العالمي على النفط.
<img border="0" src="http://www.aleqt.com/picarchive/jomah11.jpg" width="350" height="310" align="center">
وإذا ما كان ما تدعيه هذه النظريات محتملا فماذا علينا في السعودية عمله حتى لا يصبح اقتصادنا ضحية المستقبل على أن النفط سلعه نابضة لا يمكن الاعتماد عليها في العقود القادمة, كما أشارت إليه خطه وزارة الاقتصاد والتخطيط بأن الاقتصاد السعودي سيكون ذا مصادر متنوعة الدخل بحلول عام 2025 بقيادة القطاع الخاص. فكيف يتم تفعيل خطة وزارة الاقتصاد والتخطيط المستقبلية التي تعول على أن يكون الاقتصاد السعودي معتمدا على القطاع الخاص في تنويع مصادره. إن الأهم ألا ننتظر حتى يأتي اليوم الذي نعض على أناملنا من الندم فيكفينا مضي أكثر من 35 عاما على خططنا الخمسية وها نحن في بداية الخطة الخمسية الثامنة فلا بد أن تكون خطه ذات نقلة نوعية مبنية على معايير ومقاييس تحدد اتجاهاتها وتقيم إنجازاتها بكل حسم وصرامة حتى لا نضيع 25 عاما أخرى دون أن نحقق الأهداف المتوقعة التي تحدد مسار نمو اقتصادنا عندما تكون مساهمة سلعة النفط في إجمالي الناتج المحلي عند أقل مستوياتها تاريخيا.
وإذا ما كانت الفترة المستقبلية تشبه في ملامحها ما حدث خلال الفترة 1973 و1978 عندما ارتفع سعر البرميل من ثلاثة دولارات إلى 13.55 دولار للبرميل وواصل ارتفاعه إلى 14 دولارا للبرميل عام 1978 إلى أن تجاوز 35 دولارا للبرميل عام 1981 وتزامن ذلك مع ارتفاع حفر الآبار في أمريكا ليصل إلى ذروته في منتصف الثمانينيات. فلا بد أن نذكر أن وصول النفط إلى ذروة الإنتاج لا يعني أن منابعه ستجف سواء كنا نتكلم عن بئر في حد ذاتها أو إقليم ما ولكن عند نقطة الذروة تكون عمليه الإنتاج قد استهلك منها ما يقارب 50 في المائة وسترتفع بعدها تكلفة الإنتاج عندما يجتاز الإنتاج النصف الأول من مخزونه ما قد يطيل من عمر العملية الإنتاجية من خلال ارتفاع الأسعار تصاعديا مع سعر التكلفة والكمية المطلوبة. فعلى سبيل المثال لو كانت ذروة الإنتاج هي عام 2005 فإن الإنتاج العالمي في عام 2045 سيكون مثل ما كان عليه عام 1960 ولكن الطلب العالمي لن يكون عند ذلك المستوى في العقود الأربعة القادمة مثل ما كان عليه في العقود الأربعة السالفة لزيادة الطلب العالمي الذي يدعمه التوسع الصناعي والزيادة السكانية وتحول الدول من الإنتاج المحلي إلى الإنتاج بقصد التصدير في إطار التجارة العالمية.
وبما أن النفط أهم سلعه يمتلكها اقتصادنا فإن أهمية الموضوع يتطلب أن أفرد لكل نظريه مقالا منفردا تتم فيه مناقشتها حتى نصل إلى استنتاجات تفيدنا في صياغة استراتيجياتنا المستقبلية في المديين القصير والطويل لبناء قاعدة اقتصاديه ثابتة توظف الموارد المالية والبشرية أفضل توظيف في خطى متكاملة يدعم بعضها بعضا ليكون الحديث عن تنويع مصادر الدخل جزءا من الماضي.
لا يوجد تعليقات