11/20/2010

تحليل التكاليف والمنافع للعمالة الوافدة

جريدة يومية تصدر عن مؤسسة اليمامة الصحفية

الاثنين 16 رجب 1431 هـ - 28 يونيو 2010م - العدد 15344

المقال

د. فهد محمد بن جمعة*
    إن التحليلات المبنية على معلومات موثقة وعلى نماذج ومبادئ العرض والطلب في سوق العمل تحدد العجز أو الفائض في العمالة عند أفضل الأجور وأعلى إنتاجية ممكنة، حيث إن العامل غير المنتج سوف يخرج من السوق وهكذا. فمن يبحث في السعودية عن فرصة عمل سوف يجدها ولكن ليس عند رغبته ولا الأجر الذي يتمناه لأن البطالة المتفشية في المجتمع ليست بطالة اقتصادية وإنما بطالة عدم الرغبة.
إن الاستغناء عن العمالة الوافدة من خلال منع التأشيرات أو تقليصها يجب أن يبنى على تحليل التكاليف والمنافع بالنسبة للاقتصاد والمجتمع ككل، حيث إن تعطيل أهم عنصر من عناصر الإنتاج كارثة حقيقية سوف يدفع قيمتها المنشآت والمواطن. نحن أفراد المجتمع بعض الأحيان نكون متهورين في أحكامنا واتخاذ قراراتنا بما يخص اقتصادنا ومجتمعنا حتى على المستوى الفردي دون بذل أي جهد لجمع المعلومات الإحصائية أو حتى الإطلاع عليها ثم تفسيرها في المنظور القريب والبعيد لكي نعرف التأثيرات المحتملة نتيجة لتلك القرارات بعيدا عن العاطفة والإثارة. لأن صناعة القرارات الاقتصادية يجب أن تبنى على الرشادة وتعظيم المنافع وتقليص التكاليف في حدود الموارد الاقتصادية المتاحة.
إنه يمكن تحديد مدى نجاح أو فشل عملية تقليص العمالة الوافدة باستخدام تحليل التكاليف والمنافع وذلك برصد ومقارنة العوامل الايجابية بالسلبية التي تحدد النتائج النهائية. فتوفر الإحصائيات يساعدنا على تحديد (التكاليف) الناجمة من خفض حجم العمالة الوافدة من إغلاق عدد كبير من المنشآت الصغيرة، خسارة الاقتصاد السعودي بسبب تدني إجمالي الإنتاجية، تقلص دخل الدولة وتمويل صندوق الموارد البشرية، ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية، انخفاض فرص خلق وظائف جديدة، انكماش حجم وجودة الخدمات في مقابل (المنافع) الناتجة عن التصدي للعمالة المتسترة والهاربة، تقليص حجم التحويلات الأجنبية، تخفيض الازدحام في المدن، التخلص من بعض الجرائم والتجاوزات, احتمالية ارتفاع نسبة توظيف السعوديين. فعندما تتم مقارنة قيم هذه التكاليف مع المنافع لكل متغير نستطيع تحديد إذا ما كانت النتائج إيجابية أو سلبية. فطالما كانت تلك الأرقام غائبة فإننا لا نستطيع أن نحكم على تلك المتغيرات إلا من خلال تبني بعض الفرضيات على سبيل المثال لو تقلصت العمالة الوافدة
بنسبة 50% خلال عام واحد ما تأثير ذلك على أداء الأعمال والخدمات والأسعار والجودة وفائض المستهلك؟ إن هذا سوف يخلق فجوة كبيرة بين الطلب والعرض في سوق العمل وعلى حساب العرض الذي سوف يؤدي إلى رفع أجور العمالة وبدلا من أن يوظف المحل التجاري عاملين فإنه سوف يوظف واحداً فقط، ماذا يعني ذلك؟ إنه سوف يضيق الخناق على خلق وظائف جديدة، ويضعف جودة الخدمات ويطيل مدة الانتظار وارتفاع الأسعار بشكل كبير وينقص من فائض المستهلك في المدى القصير ويصبح المستهلك في حالة أسوأ في المدى البعيد. لا سيما أن ذلك سوف ينعكس على مستوى الإنتاجية الاقتصادية سلبيا ويضعف معدل النمو الاقتصادي بدلا من تحفيز إقامة المنشآت التي مازالت مشاركتها في إجمالي الناتج المحلي متدنية ولا تتجاوز 28% عند أفضل تقدير، ما يعني خسارة للاقتصاد السعودي من تقليص تلك العمالة الوافدة الشرعية التي تحتاجها المنشآت مقابل توظيف عدد محدود من السعوديين لا يكفي لتشغيلها، مما يجعل تقليص العمال الوافدة قرارا اقتصاديا غير رشيد، حيث إن المنافع مازالت تتجاوز التكاليف بنسبة كبيرة. فعلينا ألا نكون متهورين في تحليلاتنا لسوق العمل السعودي، فمازلنا نتذكر ما حصل خلال الحرب الخليجية عندما رحلت العمالة الأجنبية وتوقفت مدن صناعية من العمل بأكملها حتى المحلات التجارية أغلقت أبوابها. لذا الكلام عن عملية إحلال حقيقية يجب أولا أن نكون جاهزين وان تكون عملية الإحلال سلسة وأثارها السلبية محدودة على الاقتصاد والمستهلك وعلى مستوى المنافسة ورفع معدل الإنتاجية.

* عضو جمعية اقتصاديات الطاقة الدولية
عضو الجمعية المالية الأمريكية
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي "الرياض" الإلكتروني ولا تتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك، ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر، وللإبلاغ عن أي تعليق مخالف يرجى الضغط على زر "التنبيه" أسفل كل تعليق

عدد التعليقات : 6
(جديد) ترتيب التعليقات : الأحدث أولا , الأقدم أولا , حسب التقييم
عفواً تقييم التعليقات متاحة للأعضاء فقط...
سجل معنا بالضغط هنا
  • 1
    أخي العزيز فهد
    يكفيك تقرير القطاع الخاص لعام 2009
    147 الف مواطن طرد من عمله
    821 الف عامل استخدم ليسرق لقمة عيش المواطن المطرود.
    معظم العمالة الوافدة تشتغل احيابها الخاص. الوطن أصبح مستعمرة للعمالة الوافدة. تحياتي
    أمير (زائر)
    UP1DOWN
    05:25 صباحاً 2010/06/28
  • 2
    أشكر الدكتور على هذا المقال
    وبصراحه لول مره أجد كاتب يتحدث بواقعيه وعن كيفية إتخاذ قرار ليس فقط أخرجوا العماله الوافده دون معرفة إيجابيات القرار وسلبياته بالشكل الصحيح فما يجب هو دراسة الوضع بشكل دقيق ثم إتخاذ القرار
    أبو محمد (زائر)
    UP-1DOWN
    08:24 صباحاً 2010/06/28
  • 3
    كلام منطقي جدا... قبل التكلك في البطالة هل فعلا يرغب شعبنا بكافة أنواع الأعمال؟؟؟
    متابع (زائر)
    UP0DOWN
    10:33 صباحاً 2010/06/28
  • 4
    اتفق معك القوة العاملة السعودية لاشيء وذلك لقلة السكان هنا فا في مصر لايوجد اي اجنبي والسبب قوة الايدي العاملة وذلك نتاج الكثافة السكانية , لكن كوننا شعب سعودي لايتجاوز ال 16 مليون سعودي مواطن ومجنس فلا اظن ان توفير الوظائف التي تناسبنا نسبياً صعبة على الدوله او القطاع الخاص لا اضن ان السعودي بتلك البلادة لدرجة انه لايستطيع ان يقوم بالكتابة على الكمبيوتر او يقوم ببعض الاعمال (حسب شهاداته) مع السماح للقوة العاملة الاجنبية بمزاولة الاعمال الاقتصادية التي لايستطيع عليها السعودي او لايستسيغها عادة
  • 5
    فمن الظلم ان تقوم هل المواطن السعودي يقبل جميع الاعمال
    ولايمكن مقارنة السعوديه باليابان فمن الممكن ان تجد مواطن ياباني (زبال) وذلك لصغر االارض اليابانية وكثافة سكّانها بالاضافة الى الرواتب الجيدة لمثل من يقومون بهذه الاعمال
    اما السعودية دولة كثيفة الموارد قليلة السكان ربما السبب في عدم التوظيف اساسا انعدام الاقتصاد فلا يوجد اقتصاد حقيقي هنا بالمملكة حتى يكون المواطن السعودي شخص منتج !! سوا البترول فالحل توسيع الاقتصاد وفتح معاهد تدريب مهني ليكون السعودي قادراً على منافسة العمالة الاجنبية
  • 6
    كلام ميه ميه
    ابو مازن (زائر)
    UP0DOWN
    05:25 مساءً 2010/06/28

ليست هناك تعليقات:

الطلب على النفط.. يحدد الاستثمارات

  الثلاثاء 21 ذو الحجة 1446هـ 17 يونيو 2025م المقال الرياض د. فهد محمد بن جمعة صرّح هيثم الغيص، الأمين العام لأوبك، خلال معرض الطاقة العالمي...