11/17/2010

المضاربون سيعطلون تنفيذ إصلاحات حوكمة الشركات


العدد:4672    الموافق:2006-07-27

الاقتصادية

د. فهد محمد بن جمعة


إن المستثمرين المضاربين سيهددون تنفيذ إصلاحات حوكمة الشركات ويعتبرونها عثرة في طريقهم لأنها قد تحرمهم من استغلال المعلومات الداخلية وتضعف ربحيتهم في السوق, فلن يجد هؤلاء المضاربون أي حافز لإنفاق مواردهم ذات القيمة على تنفيذ الحوكمة الجيدة الحوكمة corporate governance مبادئ ومجموعة من القواعد والأنظمة والإجراءات والقوانين التي تحكم العلاقات بين الأطراف الأساسية, إدارات الشركات, المساهمين, أصحاب المصالح, ونظم الرقابة والإفصاح، التي تؤثر في أداء الشركات وتهدف إلى تحقيق الجودة ورفع معدلات الأداء من خلال وضع الخطط والأهداف لتلك الشركات، كما أنها تشمل تحديد الحوافز المناسبة للإدارات من أجل تحقيق أهدافها بما يخدم مصلحة حملة الأسهم ويرغبهم في تطبيق مبدأ الشفافية ومنع تضارب المصالح والتصرفات غير المقبولة مادياً وإداريا وأخلاقياً ضمن الأنظمة الرقابية على إدارات الشركات وأعضاء مجلس إداراتها, وتحديد توزيع كل من الحقوق والمسؤوليات فيما بين مجالس الإدارة والمساهمين، وتطبيق الإجراءات التي تحدد سير العمل في الشركات من أجل تحقيق أهداف الحوكمة. وعلى ذلك فإن الحوكمة تشمل خمسة مجالات هي: حقوق المساهمين، المعاملة المتكافئة للمساهمين، دور أصحاب المصالح، الإفصاح والشفافية، ومسؤوليات مجلس الإدارة، وهي تهدف إلى فرض نظام رقابي على الشركات من أجل الإفصاح السليم والشفافية العالية بما يخدم في النهاية المساهمين والمتعاملين معها وأصحاب المصالح ومنع تفرد أو تلاعب أعضاء مجلس الإدارات بالقرارات دون مشاركة المساهمين وأصحاب المصالح وحصولهم على المعلومات ذات الصلة بالشركة في الأوقات المناسبة وبصورة منتظمة.

إن مفهوم الحوكمة هذه الأيام مرتبط بعمليات الإصلاح الاقتصادية، ليصبح شعاراً إصلاحياً يجسد مدى فعالية السياسات الاقتصادية للحكومات في طرح آليات فاعلة للتعامل للوفاء بالاستحقاقات الإدارية والمالية والمحاسبية, المهنية والأخلاقية للشركات. إذاً الحوكمة تلعب دورا في توجيه اقتصادات الدول النامية ضمن برنامجها الإصلاحي وإعادة هيكلة أنظمتها والعناية بالجودة وتحقيق العوائد الاقتصادية المجزية. إن تلك الإصلاحات الاقتصادية يكون لها تأثير إيجابي كبير في أداء الشركات في الأسواق المالية من حيث: حجم التداول، أسعار الأسهم، وزرع الثقة بين الأطراف المتعاملة. إن التطبيق الحقيقي لقواعد وضوابط الحوكمة يحقق الشفافية والعدالة ويجيز مساءلة إدارات الشركات ما يحمي المساهمين وحملة الوثائق جميعا ويراعي مصالح العمل والعمال والحد من استغلال السلطة في غير المصلحة العامة ما ينعكس إيجابيا على تنمية الاستثمار وتشجيع تدفقه وتنمية المدخرات وتعظيم الربحية وإتاحة فرص عمل جديدة. وسيما أن الحوكمة تزيد من الثقة في الاقتصاد القومي وتعمق دور سوق المال وزيادة قدراته على تعبئة المدخرات ورفع معدلات الاستثمار، والمحافظة على حقوق الأقلية من صغار المستثمرين ما يشجع على نمو القطاع الخاص ويدعم قدراته التنافسية ويساعد المشاريع في الحصول على التمويل، وتوليد الأرباح. إن عملية الإفصاح عن المعلومات المالية تعتبر عاملا مهما في تخفيض تكلفة رأسمال المنشأة وضمان استمراريتها في أداء أعمالها، حيث إن الحوكمة تسهم في جذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية وتساعد على الحد من هروب رؤوس الأموال ومكافحة الفساد المالي والإداري اللذين يقفان عثرة في طريق التنمية الاقتصادية ويؤديان إلى ازدياد إتاحة فرص التمويل ذي التكلفة المنخفضة ما يزيد من أهمية الحوكمة بشكل خاص في الدول النامية. إن حوكمة الشركات الجيدة التي ترفع من معدل الإفصاح والشفافية وتقدم المعلومات المالية المهمة تخفض من تكلفة رأسمال المنشآت الصغيرة والمتوسطة من خلال اكتشاف نقاط القوة والضعف حتى يمكنّها من تحسين أدائها التشغيلي وتنويع استثماراتها ما يرفع من العائد على استثماراتها.
فلا شك أن الحوكمة هي أحد المجالات التي تؤدي إلى انتعاش الاقتصاد ورفع كفاءة الأسواق من خلال حماية الاستثمارات الوطنية ومنح هؤلاء المستثمرين الثقة بنظام الدولة ما يجعل المنطقة أكثر جاذبية للاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة خاصة بعد ما انضمت السعودية إلى منظمة التجارة العالمية ويعزز من قدرة القطاع الخاص التنافسية.
إن حوكمة الشركات تعتمد في نهاية المطاف على التعاون بين القطاعين العام والخاص لتطبيقها ومدى قوة السلطة التشريعية على إرغام تلك الشركات على تطبيقها، لذا من المتوقع أن يكون هناك نوع من عدم التجاوب من الشركات الخاسرة التي يغلب عليها طابع المضاربة، حيث إن الحوكمة تبطل أهمية الشائعات وتردع الفساد الإداري والمالي الذي دائما ما يكون مرتبطا بمثل هذه الشركات، كما أن المستثمرين المضاربين سيهددون تنفيذ إصلاحات حوكمة الشركات ويعتبرونها عثرة في طريقهم لأنها قد تحرمهم من استغلال المعلومات الداخلية وتضعف ربحيتهم في السوق, فلن يجد هؤلاء المضاربون أي حافز لإنفاق مواردهم ذات القيمة على تنفيذ الحوكمة الجيدة, فهم يسعون دائما إلى الاستثمار في أصول تقيم بأقل من قيمتها الحقيقية وتدر عائدًا كبيرًا على المدى القصير عن طريق إحداث نمو كبير في أسعار الأسهم ورأس المال ويمكنهم أن يتحملوا مخاطر كبيرة بغياب تطبيق الشركات لتلك الحوكمة، فيكون موقف شركات المضاربة ضعيفًا جدًا في الحصول على أي مبالغ إضافية تكفي لإحداث تحسين في حوكمة الشركات من هؤلاء المضاربين ما يصبح ضغطا عليها في إفشال تطبيق مبادئ الحوكمة.
وبما أن مبادئ الحوكمة هي تعزيز دور الإفصاح والشفافية إذا ما تم تطبيقه متزامنا مع المبادئ الأخرى، وهنا يبرز دور هيئة سوق المال السعودية في تطبيق هذه المبادئ كافة كما ورد في لوائحها دون تجاهل أي جزئية منها لتفعيل ضوابطها ورفع كفاءة السوق، وألا ينتهي دور الهيئة عند نشر وتطبيق تلك اللائحة وإنما تعتبرها البداية لخلق رؤية مالية واقتصاديه بعيدة المدى تتناغم مع الأنظمة الدولية ذات الخبرة الطويلة في حوكمة الشركات. وعلى كل حال فإن الأهم هو رفع مستوى الإفصاح والشفافية لدى الشركات المساهمة وتطبيق المعايير الدولية في المراجعة والإفصاح الفعلي لتحقيق العدالة في توفير المعلومات لجميع أطراف المعادلة الاستثمارية. فلا شك أن مبدأ الشفافية والإفصاح الدقيق أمر أساسي في منظومة الحوكمة ولكن هناك أمورا مهمة يمكن إضافتها لهذا النظام:
1- إلزام الشركات بإعداد تقرير سنوي يوضح خططها الاستثمارية المستقبلية وتوقعاتها عن أدائها طول العام مع تفصيل ربع سنوي يتم تعديله بعد كل ربع سنوي تصدر أرقامه الحقيقية حتى يعرف المستثمر مسار الشركة و يمنع تسرب المعلومات الداخلية على ألا تتجاوز نسبة الخطأ في ذلك التقرير 10 في المائة.
2- أن تصدر الهيئة بالتعاون مع تلك الشركة المعنية تقييما لها يحدد أداءها طبقا لمعيار 1-10 تصاعديا كلما زاد أداؤها حتى يعطي المستثمر فكرة عن أداء الشركة دون أن يبحث في التفاصيل ويحفز الشركات على تحسين أدائها.
3- تحديد الجزاءات المترتبة على مخالفة أنظمة الحوكمة المنصوص عليها في تلك اللائحة وأن يكون نوع الجزاء مثل نوع المخالفة.

لا يوجد تعليقات


ليست هناك تعليقات:

الطلب على النفط.. يحدد الاستثمارات

  الثلاثاء 21 ذو الحجة 1446هـ 17 يونيو 2025م المقال الرياض د. فهد محمد بن جمعة صرّح هيثم الغيص، الأمين العام لأوبك، خلال معرض الطاقة العالمي...