جريدة يومية تصدر عن مؤسسة اليمامة الصحفية
الأثنين 10 جمادى الاخرة 1431هـ - 24 مايو 2010م - العدد 15309
المقال
عندما نطبق تحليل الفجوة على أداء المشروعات الحكومية والذي يقيس الفرق بين ما تم انجازه وبين ما هو متوقع انجازه ضمن الخطط الإستراتيجية والتنفيذية ذات الأهداف المحددة، يتضح لنا حجم هذه الفجوة وكيف نستطيع تضييق نطاقها عن طريق تحديد المشاكل سواء كانت تنفيذية أو مالية والتي حدت أو أفشلت نجاح المشروع من اجل وضع الاختيارات البديلة واتخاذ القرارات المناسبة لاستكمال تلك المشاريع في إطار قدراتنا البشرية والمالية. إن الانتقاد الحاد غير المبني على أسس تحليلية تدعمها النظريات العلمية وتقيسها النماذج الرياضية التي تشخص أداء إدارة المشروع وإذا ما كان التقصير نتيجة عوامل خارجية لا تستطيع الإدارة السيطرة عليها على سبيل المثال ارتفاع أسعار المواد الأولية بنسبة كافية ترفع من تكاليف المنفذ إلى درجة انه لا يستطيع استكمال المشروع. علينا إبراز الحقائق بأسلوب علمي وحضاري يجعل الانتقاد والحوار مثمرا، ويبعدنا عن شبح الاتهامات والإشاعات التي قد تكون في بعض الأحيان مغرضة أو على الأقل ضررها أكثر من منفعتها.إن الأحداث الأخيرة كشفت تعثر بعض المشاريع الحكومية أو إن بعضها لم يتم تنفيذه فنيا وبمواصفات هندسية عالمية تضمن الجودة والنتائج المنشودة، مما يجعلنا نعتقد ان هناك خللا ما في طرح المناقصات الحكومية والتقييم الاقتصادي والهندسي والزمني للمشروعات الحكومية التي يتم تسليمها لمقاولين غير مصنفين ومؤهلين، فلا يمكن الاعتماد عليهم في تنفيذها وتحقيق أهداف خطط تلك المشروعات التنمية. كل هذا أدى إلى إهدار الأموال العامة وتأخير تنفيذ تلك المشروعات ما انعكس سلبيا على أداء الخطط الاستراتيجية وعلى المجتمع ككل. لكن الذي تم كشف النقاب عنه أخيرا هو تراكم تلك المشاكل منذ سنوات دون معرفتها وبشكل واضح واعتراف الأطراف المشتركة بذلك، ما يجعل الحلول ممكنة لان الأهم دائما تشخيص وتحديد المشاكل قبل رسم أي خطة استراتيجية وتحديد الحاجات حسب أولوياتها في إطار الموارد المالية والبشرية المخصصة لتنفيذ تلك المشروعات.
إن مثل تلك الإخفاقات تحدث في البلدان المتقدمة فما بالك بالبلدان النامية مثل بلدنا، وأنا لا أبرر ما حصل لكن علينا أن نقطع التشاؤم بالتفاؤل ونتطلع إلى مستقبل أفضل بقيادة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله. فرغم أن تلك الإخفاقات كبيرة أضرارها، لكن في المقابل هناك ايجابيات عظيمة أيضا تتمحور في المزيد من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي بدأها خادم الحرمين الشريفين منذ سنوات، حيث تمت الموافقة على الإستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد في 2007م والتي من أهم أهدافها تحقيق حماية النزاهة ومكافحة الفساد بشتى صوره ومظاهره وتحصين المجتمع السعودي ضد الفساد من خلال إنشاء هيئة وطنية لمكافحة الفساد لمتابعة تعنى بتنفيذ الإستراتيجية الوطنية ورصد نتائجها وتقويمها ومراقبتها ووضع برامج وآليات تطبيقها وقيام الأجهزة الحكومية المعنية بحماية النزاهة ومكافحة الفساد بممارسة اختصاصاتها وتطبيق الأنظمة المتعلقة بذلك وتقليص الإجراءات وتسهيلها والعمل بمبدأ المساءلة لكل مسؤول مهما كان موقعه وفقا للأنظمة.
فمنذ تلك اللحظة لم تتوقف هذه الهيئة عن أداء أعمالها، فان المتابع لم يجر في الحكومة من تغييرات سواء كانت إجرائية أو نظامية أو تغيير مناصب سوف يعرف ان هناك متابعة وملاحقة لكل من تسول له نفس بالفساد أو إلحاق الضرر بأمن وسلامة هذا الوطن ومواطنيه. فقد يتكلم البعض عن غياب مبدأ المساءلة والمحاسبة، ولكن لم يعد هذا غائبا بل أصبح مطبقا على ارض الواقع. لكن معظم تلك الإخفاقات لا تبدو واضحة في المظهر بينما تكون فاسدة في الجوهر، فان اكتشافها يمكن في وجود الأيدي البشرية السعودية الماهرة والأمينة والحريصة على المصلحة العامة، لذا نتفاجأ عندما تهطل الأمطار لبضعة أيام وتغرق بعض شوارعنا وبيوتنا بسبب فشل مشاريع تصريف المياه وبالتحديد ما حصل في جدة ، فعسى كارثة ضارة تكون نافعة من خلال تحمل المزيد من المسؤوليات ومعاقبة المتورطين كما جاء في الأمر الملكي الكريم الصادر بإحالة كافة المتورطين بكارثة جدة إلى هيئة التحقيق والادعاء العام وهيئة الرقابة والتحقيق. أن القرار الملكي الصادر بعد وقوع الكارثة بشأن محاسبة المقصرين والمتورطين شمل عدة مفاهيم أبرزها ما تضمنه القرار من "محاسبة أي شخص وكائنا من كان" في سبيل تحقيق المصلحة العامة، وترسيخ مفهوم مكافحة الفساد وحماية النزاهة. فهنيئا لهذا البلد وإلى المزيد من تحقيق طموحاتنا.
* عضو جمعية اقتصاديات الطاقة الدولية
عضو الجمعية المالية الأمريكية
رابط الخبر : http://www.alriyadh.com/2010/05/24/article528680.html
هذا الخبر من موقع جريدة الرياض اليومية http://www.alriyadh.com/
سجل معنا بالضغط هنا
.
.
وتحقق المركز الأول في جمع ضرائب ساهر ورسوم إختبارات قياس و و و و...!!!