11/17/2010

نظرية ذروة إنتاج النفط

صحيفة الاقتصادية الالكترونية
العدد:4749  old  الموافق:2006-10-12

نظرية ذروة إنتاج النفط

د. فهد محمد بن جمعه

إن نظرية ذروة إنتاج النفط   Peak Oil التي طرحها  هوبرت   Hubbert في عام 1956 عندما توقع إن ذروة الإنتاج في الولايات المتحدة ستحدث في عام 1970 وهذا ما حدث فعلا حيث بلغ إنتاجها تسعة ملايين برميل في اليوم, والآن تحت ستة ملايين برميل في اليوم. ومنذ ذلك اليوم أصبح الاقتصاديون والجيولوجيون يستخدمون طريقته لتقييم إنتاج النفط في العالم. وعلى سبيل المثال كان يقدر نمو الطلب العالمي على النفط في عام 1999 بنسبه 2 في المائة سنويا بينما كان الإنتاج يقدر بأقل من 3 في المائة وعلى ذلك فإن العالم يحتاج إلى 50 مليون برميل يوميا إضافية بحلول عام 2010. فدائما أصحاب نظرية الذروة يطرحون السؤال التالي: إذا ما كانت نسبه 5 في المائة نقص في الإنتاج العالمي في عام 1973 قد رفع الأسعار ثلاث مرات مضاعفه فماذا نتوقع إذا ما تقلص الإنتاج بنسبة 50 في المائة في المستقبل؟ إن 8 في المائة نقص في الإنتاج العالمي سنويا سوف يتسبب في 50 في المائة نقص في الإنتاج في أقل من تسع سنوات. وهذا ما جعل بعض الخبراء يتوقعون أن نسبه النقص في الإنتاج ستراوح بين 10 في المائة و13 في المائة وأن عام 2005 هو نهاية الأسعار الرخيصة وقد تكون نهاية من دون عودة كما يتوقعونه. حينما تتوقع شركات النفط إن الفجوة بين العرض والطلب سوف تتشكل في عام 2007 وستصل إلى ذروتها في الفترة ما بين عامي 2008 و2012، وقد تكون بداية العصر الجديد الذي أسماه بعض العلماء بالعصر الصناعي الحجري الثاني.
وهذا لا يعني بمجرد وصوله النفط إلى ذروة الإنتاج سواء كنا نتكلم عن بئر في حد ذاتها أو دولة منتجة أن منابع النفط ستجف ولكن عند نقطة الذروة تكون عمليه الإنتاج قد استهلك منها ما يقارب 50 في المائة ما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج على إنها من أهم المتغيرات التي تحدد حجم الإنتاج وسوف تتصاعد كلما اجتاز الإنتاج النصف الأول من مخزونه أي عندما يتجاوز الإنتاج قمة منحنى الجرس ويأخذ شكل المنحنى الهابط فإن الأسعار سوف تتصاعد إلى معدلات لم نعهدها من قبل مع ارتفاع سعر التكلفة والكمية المطلوبة. وعلى سبيل المثال لو كانت ذروه الإنتاج هي عام 2006 فإن الإنتاج العالمي في عام 2046 سيكون مثل ما كان عليه في عام 1959 ولكن الطلب العالمي لن يكون عند ذلك المستوى في عام 2046 مثلما كان عليه قبل 46 عاما لزيادة الطلب العالمي الذي يدعمه التوسع الصناعي والزيادة السكانية وتحول الدول من الإنتاج المحلي إلى الإنتاج الخارجي بقصد التصدير ضمن منظومة التجارة العالمية.
إن السؤال المفروض طرحه ليس "متى يتوقف الإنتاج؟" وإنما هل ما يتم إنتاجه مستقبليا سيكفي لسد الفجوة بين العرض والطلب المتزايدة؟ فلو توقعنا أن الزيادة في الطلب على النفط سترتفع من 2 في المائة إلى 10 في المائة فإنها نسبة كافيه لرفع الأسعار إلى معدلات قد تتجاوز 200 دولار للبرميل ويكون لها تداعيات اقتصاديه خطيرة على الاقتصاد العالمي وعلى مستوى معيشة الأفراد. وعلى النقيض قد يحدث في جانب العرض مثلما حدث في عام 1973م عندما انخفض حجم الإنتاج العالمي بنسبه 5 في المائة ودفع الأسعار إلى أن تتضاعف قيمتها إلى إن عاد الإنتاج مره ثانية في نهاية السبعينات وخفض الأسعار إلى أدنى مستوياتها. لكن ماذا تتوقع عندما يتناقص إنتاج النفط في المستقبل بمقدار 4 في المائة وهو سيناريو محتمل حدوثه عندما نشاهد حاليا إن معظم الدول المنتجة للنفط تنتج عند أعلى طاقة إنتاجيه ممكنة لها وبعضها قد وصلت إلى ذروة إنتاجها ولم تستطع أن تزيد من إنتاجها إلى أكثر من 84 مليون برميل في اليوم ما جعلها تدعو إلى المزيد من الاستثمارات في الطاقة الإنتاجية في المستقبل. فلو إننا نظرنا إلى الجدول التالي سنلاحظ أن أكبر حقول النفط العالمية في انخفاض من الآن فما بالك في عام 2037 وهي نقطة الذروة التي يتوقعها أنصار تلك النظرية, ولكن بتأكيد أن الانخفاض سيستمر نسبيا مع حجم الطلب عليه. أما الذين لا يتفقون مع تلك النظرية فإنهم يقولون إنها السطورة  The Myth Of Peak  Oilوأن موقف أنصار نظرية الذروة لا يختلف كثيرا عن موقف أنصار نظرية المؤامرة فكلاهما يحاولان أن يخلقا ندرة إنتاجيه مصطنعة حتى ترتفع الأسعار أما لتحقيق هامش من الأرباح في ظل ارتفاع هامش تكلفة إنتاجية معامل التكرير الأمريكية أو دعما لتطوير بدائل الطاقة الأخرى.
فكيف نصدق نظرية الذروة والسعودية لديها مخزون نفطي مثبت يبلغ 267 مليار برميل حسب تقديرات عام 2006 وهذه كمية كافية لما يزيد على 70 عاما وقد تصل إلى 100 عام حتى ولو زاد إنتاجها إلى 15 مليون برميل في اليوم حسبما هو متوقع في المستقبل القريب. وإن زيادة طاقة السعودية الإنتاجية لا تعني أبدا أن الذروة قد اقتربت وإنما أمر طبيعي أن تزيد السعودية إنتاجها. كما أن هناك تقارير تتحدث عن زيادة كبيرة في مخزون روسيا النفطي بشكل ملحوظ قد يتجاوز احتياطي السعودية. هنا يتضح لنا التعارض بين نظرية الذروة التي تؤمن بتناقص الإنتاج واستمرارية تزايد المخزون النفطي والإنتاج ما يجعلنا نشكك في قوة تلك النظرية وإنها لا تتفق مع الحقائق في البلدان المنتجة للنفط. وفي الحلقة المقبلة سأتكلم عن نظرية بدائل الطاقة.

لا يوجد تعليقات


ليست هناك تعليقات:

الطلب على النفط.. يحدد الاستثمارات

  الثلاثاء 21 ذو الحجة 1446هـ 17 يونيو 2025م المقال الرياض د. فهد محمد بن جمعة صرّح هيثم الغيص، الأمين العام لأوبك، خلال معرض الطاقة العالمي...