11/20/2010

لا اقتصاد بدون الأعمال الصغيرة

جريدة يومية تصدر عن مؤسسة اليمامة الصحفية

الأثنين 6 ربيع الاخر 1431هـ - 22 مارس 2010م - العدد 15246

المقال

د. فهد محمد بن جمعة *
    من الخطأ أن تعتقد ان الشركات الكبيرة هي التي تساهم في إجمالي الناتج المحلي بنسبة اكبر من مساهمة المنشآت الصغيرة لأنها الأقل. إن المنشآت الصغيرة والمتوسطة تمثل العمود الفقري لأي اقتصاد وبدونها لا ينمو الاقتصاد ولا تتنوع مصادر دخله، هل سألت يوما نفسك لماذا البلدان التي لا يعتمد اقتصادها على النفط تنمو بنسبة تفوق نمو اقتصاديات بلدان النفط؟ لأن معظم البلدان الصناعية والناشئة مثل اليابان، كوريا الجنوبية، الصين وحتى سنغافورة تعتمد اقتصادياتها بنسب كبيرة على مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في اقتصادياتها، أما في اقتصادنا فبلغ إجمالي المنشآت العاملة نحو 90% من إجمالي المنشآت وتشغل نحو 84% من إجمالي العمالة في القطاع الخاص وتساهم فقط بما نسبته 29% تقريباً في إجمالي الناتج المحلي. وللأسف عندما تتصفح تعداد المنشآت في موقع وزارة الاقتصاد والتخطيط، فإنك تجد ان آخر تعداد تم عمله في 2003م وكأن تعداد المنشآت أصبح جزئياً من الماضي. لكن علينا أن نستنتج شيئاً مفيداً من تلك الأرقام غير المحدثة والمتناقضة في بعض الأحيان من خلال عمل بعض الحسابات التي تعيننا على معرفة عدد المنشآت الذي يعكسه الى حد بعيد إجمالي السجلات التي بلغت 788.5 ألف سجل ويعمل منها 695 ألف منشأة، ما يجعلنا نقدر عدد المنشآت الصغيرة والمتوسطة عند 625.5 منشأة تقريباً، لكن لماذا مساهمتها خجولة في إجمالي الناتج المحلي؟ فعندما نقارن ذلك بمشاركة مثل هذه المنشآت في اقتصاديات البلدان المتقدمة والنامية مثل الصين نجد ان النسب تتراوح ما بين 80% إلى 90%، أما في السعودية فهي نسبة تقل عن 30% عند أفضل تقدير. هل تتفق معي أن هناك خللا هيكليا؟
دعنا لوهلة نفسر إحصائيات وزارة الاقتصاد والتخطيط التي أوضحت ان مساهمة القطاع الخاص بلغت 46.6% في عامي 2007م و2008م دون تغيير، بينما ارتفعت تلك النسبة فقط 1% إلى 47.8% في 2009م. رغم ان السجلات القائمة بلغت أكثر من 750 ألف سجل في 2009م، ما يشير إلى ضعف أداء تلك المنشآت وأن مصير البعض هو الإفلاس، فلا نعرف كم عدد المنشآت الصغيرة والكبيرة العاملة ومن فشل منها ومن أغلق فهما مختلفان ولماذا؟ لكن اننا نعرف ان أهم فشل تلك المنشآت عائد الى تدني الجودة الاقتصادية، ضعف التمويل، عدم توفير العمالة، سوء الإدارة والتخطيط.
إنها فعلاً منشآت هزيلة ومنهكة من دفع الإيجارات التي ترتفع بشكل مطرد ومن منافسة المحلات الكبيرة مثل الهايبر ماركت والعمالة المتسترة حتى ان معظمها لم يعد له القدرة على دفع راتب لسعودي أعلى من 1500 ريال شهرياً، دون ان تتجاوز مصروفاتها إجمالي إيراداتها تحت نقطة التسوية محققة خسارة، إنها عاجزة عن بيع المزيد من السلع والخدمات أو عن رفع أسعارها على المستهلك في سوق تنافسية، ما يرغمها قهراً على إغلاق أبوابها في أول عام من تأسيسها. هل هذا الأداء السلبي سبب جوهري في عدم توظيفها لسعوديين؟ نعم، بدون هامش ربحي جيد لها لا تستطيع أن توظف المزيد من السعوديين وهي مهزوزة الكيان. لكن على الجهات الحكومية دعم تلك المنشآت بتحويلها إلى منشآت فاعلة على الأقل أن ترتفع نسبة مشاركتها في الاقتصاد وتوظيف الحد الأدنى من السعوديين والحد الأقصى في المنشآت الكبيرة تحت شرط القضاء على العمالة المتسترة وغير الشرعية من خلال تحويل المبيعات في حساب بنكي باسم المنشأة، البيع من خلال الكاشير. خدمة المدقق المحاسبي من قبل مصلحة الزكاة.

*عضو جمعية اقتصاديات الطاقة الدولية
*عضو الجمعية المالية الأمريكية
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي "الرياض" الإلكتروني ولا تتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك، ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر، وللإبلاغ عن أي تعليق مخالف يرجى الضغط على زر "التنبيه" أسفل كل تعليق

عدد التعليقات : 12
(جديد) ترتيب التعليقات : الأحدث أولا , الأقدم أولا , حسب التقييم
عفواً تقييم التعليقات متاحة للأعضاء فقط...
سجل معنا بالضغط هنا
  • 1
    لابد من اعادة النظر في هيكلة المنشآت الكبيرة..لربطها بالصغيروة وضمان استمرارية كلاهما
    وهذا يتيح فرص عمالة اكبر وربحية اوفر..
    وقد يصاحبها توطين اكبر..حسب اهواء القطاع لخاص المدلل
  • 2
    ما أحلى هذا العنوان المعبر والذي أتمنى أن يحث جهات الإختصاص الحكومية وشبه الحكومية بالقضاء على العراقيل وتبسيط الإجراءات للمنشآت الصغيرة والمتوسطة الدول الغربية الصناعية أدركت هذا ففي فرنسا مثلا زادت نسبة منح القروض 3% للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. هذه الشركات تصنع المنافسة أما الكبيرة فهي في الغالب ينتج عنها الإحتكار والمونوبلي
    المص45000
    UP0DOWN
    07:53 صباحاً 2010/03/22
  • 3
    المنشأت الصغيرة والمتوسطة تمثل 98 % من اجمالي الناتج القومي لكثير من الدول المتقدمة ونحن هنا للتو انتبهنا لها والحمد لله انا من من استفاد من دعم الدولة في فتح مؤسسة صغيرة
    basim52 (زائر)
    UP0DOWN
    08:04 صباحاً 2010/03/22
  • 4
    للاسف الاهتمام عندنا للكبار و حمايتهم والصغار بسلامتهم
  • 5
    مشكلتنا في من يقود اقتصادنا هم من القداما من اكل على عقله الاقتصادي الدهر وشرب وتخلل في المنصب لينسى ابجديات الاقتصاد
  • 6
    كان لي شرف الحصول على نسخة موقعة من كتابكم
    ( الأعمال التجارية الصغيرة ) في معرض الكتاب.. و كان هدية قيمة لي و لأخوتي و أخواتي بعد فشلنا في مشاريع كثيرة رغم حسن التخطيط ودراسة الجدوى.. و لا زلنا نأمل في مشروع جديد صغير لكن بالاعتماد على الوكالة عن مشروع أجنبي فهل سينقذنا من الخسائر المتلاحقة..؟ أين الثغرة.. ؟ أم أنه سوء حظ أو سوء توقيت..
    دمت راقيا كما وجدناك..
  • 7
    أهلا وسهل بك
    الاخت صفيه ليس سوء حظ قد يكون سوء توقيت ولا يعني ان لديك تخطيط وجدوى اقتصاديه ان المشروع ينجح والا كل شخص كتب خطة عمل وعلم دارسه جدوى في كتابي لا حظي ان ذكرت هل تحب العمل لديك هل لديك استعداد ان تضحي بوقتك. الوكالة فكرة جيدة ولكنها مكلفه ولها شروط وحد أدى من الطلبات سنويا وليس هناك
    د. فهد بن جمعه (زائر)
    UP1DOWN
    01:54 مساءً 2010/03/22
  • 8
    الوكالة لا يعني النجاح اذا لم يكن هناك طلب عليها في السوف وبفكره متميزه. عليك مراجعه حسابتك جيدا سوف تجيدين الاسباب التي ادت الى فشل مشروعك قد يكون عدم الصبر، الموقع، المنافسه لانك لا تستطيعين المنافسه من اول عام
    ويوم سعيد
    د. فهد بن جمعه (زائر)
    UP1DOWN
    01:58 مساءً 2010/03/22
  • 9
    المنشأت الصغيرة.. لقمتها صغيرة.. فلماذا يتعبون أنفسهم.. عندنا هوامير يبون اللقم الكبيرة.. ما يملى بطونهم شىء..
    مخاوي الذيب (زائر)
    UP0DOWN
    02:28 مساءً 2010/03/22
  • 10
    جزيل الشكر والامتنان لردكم د. فهد بن جمعة على استفساري.. اخجلتني بتواضعك وطيب تواصلك.. و ايقنت رقيك يقينا فوق يقين..
    مشروعاتنا كانت بالشريط التجاري بالعليا و فكرته مميزةوخدماتنا راقية.. وبعضنا متفرغ تماما للمشروع والمكان راقي لكننا فشلنا فشل ذريع لا يشجع على المجازفة بالاستمرار ربما لارتفاع اسعارنا وصغر المكان.. وفكرتنا الجديدة مميزة ولايوجد لها مثيل بالرياض كمكان متخصص الا مكان واحد بالرياض.. ولكن توجد كخدمة بسيطة المستوى في أماكن كثيرة.. لن نجازف بسرعة ونتمنى التوفيق هذه المرة.. دمت سالما
  • 11
    موضوعك ممتاز وجديد اول مرة احد يتطرف لة شكرا
    الملاذ
    UP0DOWN
    03:09 مساءً 2010/03/22
  • 12
    للأسف أن الذي يضع العقبات جهات يتوقع منها تقديم الدعم والمساندة للمشاريع الصغير وتتمثل في وزارة العمل والغرف التجارية، وزارة العمل مثلا ترفض منح تأشيرات العمل الضرورية والغرف التجارية ترعى مصالح أصحاب الشركات الكبرى رغم أنها ترغم على دفع الاشترا كات صعوبة الحصول على قروض من البنوك..إلخ
    nhar (زائر)
    UP0DOWN
    07:24 مساءً 2010/03/22

ليست هناك تعليقات:

الطلب على النفط.. يحدد الاستثمارات

  الثلاثاء 21 ذو الحجة 1446هـ 17 يونيو 2025م المقال الرياض د. فهد محمد بن جمعة صرّح هيثم الغيص، الأمين العام لأوبك، خلال معرض الطاقة العالمي...