2/16/2011

تعويم الريال السعودي (2 من 2)



أعداد: د/ فهد محمد بن جمعه


كاتب اقتصادي                                                          عدد الكلمات: 833




التاريخ: 31 -7 –2005





تعويم
الريال السعودي (2 من 2)


أن
أنظر في تلك التطورات النقدية التي اجتاحت اقتصاد الصين رغم نموها الاقتصادي القوي
يعلمنا درسا هام في إن لإصلاح اقتصادي يتطلب تفعيل السياسة النقدية بكل استقلالية ومرونة
لكي تتلاءم مع استراتيجياتنا ألاقتصاديه.فأنه لا بد أن نذكر إن الاقتصاد السعودي
يختلف تماما عن الاقتصاد الصين الضخم الذي يعتمد على قاعدة اقتصاديه متينة ومتنوعة يصاحبها معدل نمو اقتصادي مرتفع بلغ 9.5% في النصف الأول
من هذا العام ما مكنها من ممارسه سياسة نقدية فاعله من خلال تحكمها في سعر الفائدة
وتحديد معدل تذبذب لليوان قدره 2.1% بناء على وزن سلة من العملات الدولية كخطوه
أولى حتى لا يصاب اقتصادها بهزة اقتصاديه تربك حركة قطاعاتها ألاقتصاديه قبل أن
تتكيف مع هذه السياسة النقدية المرنة. لقد توقع الكثير من الاقتصاديين أن تنحصر التداعيات
السلبية لتقييم سعر اليوان في الأمد القصير ولكن في المدى الطويل ستكون النتائج في
صالح اقتصادها وكذلك العالم. لكن استمرارية الصين في تنافسها في الأسواق العالمية والمعتمد
على ميزة التكاليف المنخفضة وسياسة الإغراق التي واجهتها الدول الأوروبية وغيرها
بفرض رسوم مرتفعه لم تعد مجديه إذا لم يصاحبها كفاءة في الانتاجيه وتحسن في الجودة
النوعية لمنتجاتها بعد إن ارتفعت قيمة اليوان مع احتماليه ظهور طفرة شرائية من الخارج
تشبه تلك التي قامت بها الشركات اليابانية بعد عام 1985.أنه وبدون شك قد نجحت
الصين من خلال سعر اليوان الضعيف منذ ألازمة المالية الآسيوية في عام 1997 أن تغزي
صادراتها الأسواق العالمية وبكل قوه مقابل أتضحية بارتفاع أسعار مشترياتها المحلية
من الخارج حتى تحقق اكبر فائض ممكن في معادلة ميزانها التجاري الذي ما لبث أن أثار
حقيبة الأمريكان والأوروبيين والمشتريين المحليين وساد نوعا من الخوف الاقتصادي في
ظل استمرارية الحكومة في رقابتها على النقد الأجنبي من اجل ذلك الفائض التجاري وبناء
احتياطي أجنبي رسمي متراكم الذي ارتفع بمقدار 101 مليار دولار في النصف الأول من هذا
العام ليصل إلى 711 مليار دولار.لقد أيقض هذا القرار الصيني الدول الآسيوية الأخرى
التي أعلنت ماليزيا في أعقابه عن تخليها عن سياسة ربط عملتها الرينغيت والتحول إلى
نظام مرن يربط بين قيمة عملتها وسلة من العملات الأخرى ما أدى إلى رفع سعر عملتها
على الفور. كما إن البنك المركزي في سنغافورة و كوريا الجنوبية يتابعون هذا التغير
في العملات الآسيوية بكثب ما قد يدفعها إلى فك ارتباط عملاتها أيضا. إن ارتفاع العملات
الآسيوية أشارة أخرى إلى مدي أهمية تقييم سعر الريال في مواجه ذلك التحول في
السياسات النقدية التي سوف ترفع من أسعار السيارات في اليابان وكوريا مثل تويوتا
وهيونداي اللتان حققت ا كبر مبيعات في الأسواق الأوروبية.لقد حققت الصين نموا
مذهلا في صادراتها بنسبة 35% في الربع الأول من هذا العام حتى وصل فائضها التجاري
إلى 16.6 مليار دولار مقارنة بنفس الفترة في العام السابق لتحتل الصين المركز
الثالث في العالم وتلحق باليابان ولكن ارتفاع اليوان سوف يحد من قدرة صادراتها التنافسية
في الأسواق العالمية.إن هذا التميز التجاري لم يكن بدون ثمننا باهظ حيث جلب معه بعض
المشاكل المتعلقة بميزانها التجاري مع الولايات المتحدة ودول اليورو وكذلك أسعار
السلع الأولية. لكن هذا لم يمنع الصين إن تحول اقتصادها من صناعة المعدات الاستهلاكية
إلى صناعة وتصدير السلع الصناعية كالفولاذ والكيماويات الذي قلص استيرادها من
السيارات والمعدات الثقيلة معتمده في ذلك على شركاتها ذات الجنسيات المتعددة التي
تصنع هذه المواد والمعدات محليا ما جعل الصين أكبر منتجا ومستهلكا للحديد وأكبر
ثاني مستورد للنفط بعد الولايات المتحدة. لقد قاد هذا النمو السريع إلى خلق نوعا
من عدم العدالة في توسيع الدخل بين الطبقة الغنية والطبقة الفقيرة وعمق الفجوة بين
دخل أهل المدن وأهل الأرياف ما شجع على الهجرة من الأرياف إلى المدن بحثا عن دخلا أفضل.لاسيما
إن ذلك النمو قد حول الاقتصاد الصيني إلى بالون من التضخم يحتمل تفجره في أي لحظه
ما متسببا في حدوث أزمات اقتصاديه قد لا تحمد عقباها.
هكذا أصبحت تعد الحكومة
الصينية غير قادرة على التحكم في النمو السريع في قطاع
الاستثمارات العقارية التي تسلقت أسماء أسعاره في ظل توفر السيوله الغير موجهه،
حيث ارتفعت أسعار العقار السكني الى 14.4% في عام 2004 وأوصلت ارتفاعها بنسبة 12.5%
في الربع الأول من هذا العام إلى درجه إن هذه الأسعار لم تعد في متناول الصيني
العادي وذوي الدخل المحدود, ما أثار قلق الاقتصاديين وكذلك الدولة عندما أصبحت تلك
الأموال والاستثمارات تستثمر في قطاع العقارات وعلى حساب قطاعات هامه مثل الطاقة
والنقل التي أصبحت غير قادرة على تلبية الحاجات المتنامية نتيجة لنمو السكاني
والاقتصادي.أن سوء هذه السياسة النقدية ممارسة أدى إلى ارتفاع التضخم في الأسعار العامة
بنسبة 5.3% هذا العام وهي أعلى نسبه منذ عام 2000. هكذا ظهرت حاجه ملحه إلي إبطاء
عجلة النمو السريعة وخلق توازن بين جميع القطاعات ألاقتصاديه وتقليل ألإخطار الجانبية
التي أكدت على وجودها مؤشرات الربع الأول من هذا العام.لقد فرضت الظروف الاقتصادية
المحلية والعالمية إن تحول الصين اقتصادها الحكومي إلى اقتصاد رأسمالي تحدد طبيعته
عوامل السوق من عرض وطلب دون أي تدخل حكومي وذلك ضمن استراتيجيه تتفق مع قوى هذا
السوق العالمي لتحقيق الاستقرار الاقتصادي محليا وعالميا. لاسيما أن انضمام الصين إلى
منظمه التجارة العالمية يتطلب أن يكون لدي الصين نظام عملات مرن يتجاوب مع
احتياجات تلك التجارة العالمية حيث أنها تحتل المركز الثالث في تلك التجارة.أن هذا
المبدأ الحر قد يستدعي أن تستبدل الصين استخدام الكثافة العمالية الرخيصة التي
تستعملها الآن بالكثافة الرأسمالية المتعلقة بالتقنية الحديثة من اجل رفع نوعية
منتجاتها وجعلها في مصاف المنتجات العالمية ذات الجودة العالمية.







ليست هناك تعليقات:

الطلب على النفط.. يحدد الاستثمارات

  الثلاثاء 21 ذو الحجة 1446هـ 17 يونيو 2025م المقال الرياض د. فهد محمد بن جمعة صرّح هيثم الغيص، الأمين العام لأوبك، خلال معرض الطاقة العالمي...