2/16/2011

العولمة وإيقاف استنزاف الزراعة للمياه (1 من 5)

إعداد: د/ فهد محمد بن جمعه

التاريخ: 11 -12 –2005

لا شك إن قضية المياة هي هاجس كل مواطن سعودي مسؤول في ظل وجود مصادر مياه غير متجددة
واعتماد المملكة على مياه التحلية بشكل أساسي في توفير المياه العذبة إلى مواطنيها
الذين ينمو معدل تكاثرهم بمعدل 3.5% سنويا. ما دعا خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد
العزيز إن يصدر قرارا سام بإطلاق الحملة الأولى لترشيد المياه في عام 1998م، تلتها
مراحل أخرى في القطاعات الحكومية وحملات توعية للإفراد حيث أكدت وزارة المياه في
أكثر من مناسبة أن تنفيذ العديد من مشاريع المياه لا يكفي بمتطلبات المستهلكين إذا
لم يتم ترشيدها كثروة وطنية غير متجددة.فإن الحاجة ماسة لترشيد المياه ومطلب وطني
يتزايد يوم بعد يوم منذ بداية أولى خطط التنمية الخمسة في عام 1970م ثم تتالت بعده
تلك الخطط الخمسيه التي رافقها ازدياد في الطلب على المياه وما نتج عن ذلك من عدم
التوازن بين الكميات المطلوبة والمعروضة من المياه ما خلق نوعا من القلق لدي
الجهات الحكومية وجعل من عملية الترشيد سبيلا لا مفر منه
. فسوف ابني حديثي هنا   حول
ثلاثة محاور هامه هي: ندرة المياه, استنزاف بعض المنتجات الزراعية لها, و كيف
نستفيد من العولمة في تقليص استنزاف بعض المنتجات الزراعية للمياه مستشفا ببعض
البحوث والاطروحات الموثقة ليكون الموضوع أكثر موضوعيه وتبرز لنا الحقائق التي لا
بد أن يتعامل معها صانعين القرار في هذا البلد الغالي على الجميع.


فلقد أشارت وأكدت العديد من البحوث والدراسات على أهميه تقليص استهلاك المياه على جميع المستويات الاستهلاكية وتبني استراتيجيه ذات رؤية واضحة تؤمن بمستقبل المياه. فنرى إن مؤتمر الخليج السابع للمياه في اجتماعه الماضي الذي نظمه معهد الكويت للأبحاث العلمية بالتعاون مع جمعية علوم وتقنية المياه لدول مجلس
التعاون الخليجي قد أوصى بضرورة الإسراع بوضع سياسات مائية وطنية مبنية على مبادئ ومنهجيات الإدارة المتكاملة للموارد المائية من كفاءة اقتصادية وعدالة اجتماعية واستدامة بيئية. على إن تكون تلك السياسات واقعية وتوازن بين الاستهلاك الزراعي وقدرة الموارد المائية المتاحة المتجددة ومياه صرف صحي المعالجة على تلبية الطلب السكاني وزراعي وذلك بتطبيق الأدوات اقتصادية كإحدى الأدوات الإدارية الفعالة في إدارة
الموارد المائية.


 وفي موقعا أخر بعنوان ( الأمن المائي في الوطن العربي) نقرأ فيه انه في الوقت الذي ترتفع فيه معدلات استهلاك المياه بشكل كبير مازال الطلـب الزراعي على المياه يتزايد في دول مجلس التعاون خلال الفترة 1980-1990م بمعدل ثماني مرات، بقصد تحقيق الاكتفاء الذاتي بالنسبة لبعض المواد الغذائية، ومازال أيضا الاستهلاك المنزلي يتضاعف بمقدار ثلاثة أمثاله خلال نفس الفترة. فان الذي نستنتجه من ذلك إن سياسات الدعم الحكومي للقطاع الزراعي هو من ابرز المحفزات المؤدية إلى أزمة استنزاف الميـاه الجوفية في دول الخليج وعلى رأسهم السعودية.
 فلا شك أن تنسمة في السكان يمثل عبئاً على الموارد المائية في أي بلد من بلدان العالم حتى وإن كانت تمتاز سطوحها الترسبيه بوفرة المائية، ناهيك عن البلدان ذات الموارد المائية المحدودة مثل السعودية التي زاد عدد
سكانها من (12.846) مليون نسمة في عام 1985م إلى (17.119) مليون نسمة في عام 1993م
وتمثل هذه الزيادة 34%. كما إن استهلاك المياه لأغراض زراعية ارتفع من 5173 مليون متر مكعب في عام 1981م إلى 18000 مليون متر مكعب في عام 2000م أي بزيادة هائلة بلغت 248% حسب بيانات وزارة المالية.


أن هذا الحجم من الاستهلاك المتصاعد للمياه سوف يفضي بدون شك إلى عجز في مصادر المياه الجوفية الغير متجددة ما سوف يؤثر على تحقيق الأمن المائي في المملكة في المستقبل القريب في ظل هذا الاستنزاف لمصادر المتاحة دون رادعا وانظمه تلزم المستهلكين بسياسة المحافظة على المياه. فقد يقول البعض إن هذا ليس مستغرب في ظل النمو المستمر لعمليات التنمية الاقتصادية, اتساع حجم المدن وازدياد حركتها العمرانية,   توسع المشاريع الزراعية بشكل كبير لمواجهة الاستهلاك الغذائي المرتبط بمعدل النمو السكاني المتزايد ولكن هذا لا يمنعنا أبدا من ترشيد ووقف استنزاف المعروض من المياه الجوفية المصدر الرئيسي في المملكة والذي
يكلف استخراجه مبالغ طائلة. حيث أشارت بعض المصادر إن تكلفة المتر المكعب من المياه الجوفية غير المعالجة يبلغ (2 ريال) تقريبا, المياه البحر المحلاة بالتبخر ما بين (15 - 25
ريالات), المياه البحر المحلاة بتعامل العكسي (6 - 8 ريالات), المياه المعالجة (5 ريالات) في حين يكلف نقل المتر المكعب من المياه ما بين (15 - 25 ريالات) مع الأخذ في الاعتبار تفاوت التكاليف من دوله إلى أخرى. وإذا ما أردنا معرفه السعر الذي يدفعه الفرد السعودي لإجمالي تكاليف المتر المكعب من المياه المحلاة فانه لا يتجاوز بعض القروش لبعض شرائح الماء الاستهلاكية رغبة من الدولة في تحقيق المزيد من الرفاهية لمجتمعها ولا نعترض على ذلك أبدا ولكن لابد من ترشيد استهلاك المياه على جميع المستويات.وان ندرك إن من أبرز التحديات التي سوف تواجهها المملكة في المستقبل هو العجز الكبير في إمدادات المياه واعتمادها على مخزون المياه الجوفية الذي يقابله عجز في مخزون المياه الجوفية غير المتجددة التي تتناقص تدريجيا. وهذا ما أوضحه تقرير البنك الدولي ومعهد الموارد العالمية بان نصيب الفرد السعودي من المياه أخذا في تناقص وانه الأقل مقارنة بنصيب الفرد في الدول العربية الأخرى حيث أن خفض نصيب الفرد السعودي من (537) متر مكعب في عام 1960م إلى (156) متراً مكعباً في عام 1990م.كما توقعت دراسة أخرى أن ينخفض نصيب الفرد من المياه بشكل ملحوظ من 156مترا مكعبا إلى (49) متراً مكعباً في عام 2025م وهذا معدل يدل على وجود شح في مصادر المياه السعودية ما يتطلب التعامل مع هذه القضية بكل واقعية من خلال وضع استراتيجيات فاعله للمحافظة على أمن المخزون المائي في المملكة (الرياض,  14-4- 2005م).

ليست هناك تعليقات:

الطلب على النفط.. يحدد الاستثمارات

  الثلاثاء 21 ذو الحجة 1446هـ 17 يونيو 2025م المقال الرياض د. فهد محمد بن جمعة صرّح هيثم الغيص، الأمين العام لأوبك، خلال معرض الطاقة العالمي...