2/16/2011

تخصيص المستشفيات العامة


د./ فهد محمد مانع بن جمعه  
كاتب إقتصادى


التاريخ:  21 March, 1998

تسعى حكومتنا الرشيدة دائماً إلى خدمة مواطنيها وتحاول أن تقدم أفضل الخدمات لهم حسب
إمكانياتها الموجودة . فعندما شعرت الدولة أن تخصيص بعض المؤسسات الحكومية هو الأفضل
لتحسين أدائها وتخفيض تكاليفها عملت ذلك . فباستطاعتنا أن نقول أن التسعينات هي
بداية عهد التخصيص المصاحب لظهور كثيراً من المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية
كتدني أسعار النفط وزيادة عدد السكان المستمرة مما زاد الطلب على الخدمات العامة .
كل هذا حتم على الدولة البدء في تأهيل بعض برامج الخدمات للقرن القادم عن طريق
التخصيص حتى تذلل معظم المشاكل المالية والاجتماعية المستقبلية . فإنه باستطاعتنا
القول إن القطاع الصحي السعودي أصبح مؤهلاً لعملية التخصيص للأسباب التالية :


1-استمرار ارتفاع تكاليف الخدمات الصحية بمعدل يزيد عن معدل الدخل الوطني . مما جعل تموين
الخدمات الصحية يمثل تحدياً كبير للدولة . فإن التخصيص يمهد الطريق لتقليص
التكاليف وتحسين أداء الخدمات الصحية وتخفيف الأعباء المالية على الدولة .


2-تدني الخدمات الصحية في المستشفيات العامة واستهلاكها بطريقة غير رشيدة . فهناك حاجة
ماسة لرفع الإنتاجية وتحسينها وزيادة فعاليتها ووصول الخدمات إلى أقصى مكان من
الوطن يمكن خدمته .


3-انخفاض أجور الأطباء المتخصصين والاستشاريين العاملين في المستشفيات مما أضعف جذبها
للأطباء ذو الخبرة الطويلة والتخصص الدقيق وكذلك عدم الاحتفاظ بما هم موجودين
لديهم . وأوضح دليل على ذلك القرار الأخير بالسماح للأطباء في القطاع العام
بممارسة العمل في المستشفيات الخاصة مما أضعف خدماتهم وزادهم إرهاقاً أكبر وأفقدهم
الدقة في عملهم . فالتحفيز الوظيفي يجذب أكبر عدد من الأطباء المتخصصين وذوي
الخبرة الطويلة ويزيد المنافسة بينهم لتقديم أفضل الخدمات وذلك عن رفع الأجور
وتوفير الامتيازات الأخرى .


القطاع الصحي السعودي :


لقد أوضح التقرير الصحي السنوي الصادر من وزارة الصحة لعام 1997م كما هو موضح في
الجدول التالي أن عدد المستشفيات العامة وكذلك المراكز الصحية في المملكة قد زاد
في عام 1997 عن السنة التي قبلها %2.3  و %
.35  على التوالي . أما عدد الأطباء فقد انخفض بـ % 3.6 في عام 1997 عن السنة السابقة لها مما رفع معدل الأطباء لكل 10000 نسمة وذلك نتيجة لتنقيص عدد الأطباء الغير سعوديين الذي انخفض بمقدار % 6.4 في عام 1997 مقارنة بعام 1996م . ولكن عدد الأطباء في القطاع
الخاص قد ارتفع بنسبة % 4.82 لنفس الفترة الزمنية وهذا يؤكد أن الأجور المرتفعة قد عززت موقف القطاع الخاص من جذب أكبر عدد من الأطباء بغرض تحسين الخدمة والأداء لتحقيق أكبر ربحية ممكنة . كما أنه واضح أن القطاع الخاص لديه الرغبة في الاستثمار في القطاع الصحي إذا ما سنحت له الفرصة حيث ارتفعت نسبة المستشفيات الخاصة بـ % 12 خلال عام 1997م مقارنة بالعام السابق له . فبناء المستشفيات العامة لم يتوقف ففي
عام 1997 تم بناء 4 مستشفيات و 6 مراكز صحية جديدة لتمكن الوزارة من خدمة المواطنين المتزايدة كل عام والتي تزيد عن ما لديها من مصادر مالية .


القطاع الصحي بالمملكة
 

 


 

 
% التغير بين 97 - 96

 

 
97

 

 
96

 

 
95

 

 
94

 

 
93

 

 
وزارة الصحة :

 

 


 

 


 

 


 

 


 

 


 

 


 

 
عدد
  المستشفيات

 

 
2.27

 

 
180

 

 
176

 

 
175

 

 
173

 

 
174

 

 
عدد
  المراكز الصحية

 

 
0.35

 

 
1737

 

 
1731

 

 
1725

 

 
1719

 

 
1707

 

 
عدد
  الأسرة

 

 
0.38

 

 
27058

 

 
26955

 

 
26737

 

 
26878

 

 
26974

 

 
معدل
  الأسرة / 1000 نسمة

 

 


 

 
1.44

 

 


 

 


 

 


 

 


 

 
عدد
  الأطباء

 

 
-3.6

 

 
14717

 

 
15266

 

 
15476

 

 
15125

 

 
14554

 

 
معدل
  الأطباء / 10000 نسمة

 

 


 

 
7.8

 

 


 

 


 

 


 

 


 

 
عدد
  الممرضين

 

 
-0.6

 

 
34739

 

 
34947

 

 
35219

 

 
35687

 

 
33373

 

 
عدد
  الصيادلة

 

 
-18.56

 

 
746

 

 
916

 

 
934

 

 
980

 

 
660

 

 
الفئات
  الطبية المساعدة

 

 
-0.59

 

 
20131

 

 
20250

 

 
19973

 

 
19325

 

 
18528

 

 
الجهات الحكومية الأخرى :

 

 


 

 


 

 


 

 


 

 


 

 


 

 
عدد
  المستشفيات

 

 
0

 

 
39

 

 
39

 

 
36

 

 
34

 

 
32

 

 
عدد
  الأسرة

 

 
2.0

 

 
8970

 

 
8794

 

 
8563

 

 
8357

 

 
7338

 

 
عدد
  الأطباء

 

 
0.15

 

 
6806

 

 
6796

 

 
6539

 

 
6176

 

 
5076

 

 
عدد
  الممرضين

 

 
4.9

 

 
16447

 

 
15679

 

 
15534

 

 
15622

 

 
12485

 

 
الفئات
  الطبية المساعدة

 

 
-7.11

 

 
9302

 

 
10014

 

 
9197

 

 
8958

 

 
7659

 

 
القطاع الخاص :

 

 


 

 


 

 


 

 


 

 


 

 


 

 
عدد
  المستشفيات

 

 
12.0

 

 
84

 

 
75

 

 
74

 

 
72

 

 
75

 

 
عدد
  الأسرة

 

 
19.04

 

 
8185

 

 
6876

 

 
6616

 

 
6592

 

 
7477

 

 
عدد
  الأطباء

 

 
4.82

 

 
8891

 

 
8482

 

 
8291

 

 
7926

 

 
8135

 

 
عدد
  الممرضين

 

 
2.0

 

 
10800

 

 
10588

 

 
9983

 

 
9937

 

 
11232

 

 
الفئات
  الطبية المساعدة

 

 
62.97

 

 
6540

 

 
4013

 

 
3877

 

 
3884

 

 
4653

 

 
المجموع :

 

 


 

 


 

 


 

 


 

 


 

 


 

 
عدد
  المستشفيات

 

 
4.48

 

 
303

 

 
290

 

 
285

 

 
279

 

 
281

 

 
عدد
  الأسرة

 

 
3.73

 

 
44213

 

 
42625

 

 
41916

 

 
41827

 

 
41789

 

 
عدد
  الأطباء

 

 
-0.43

 

 
30414

 

 
30544

 

 
30306

 

 
29227

 

 
27765

 

 
عدد
  الممرضين

 

 
1.26

 

 
61986

 

 
61214

 

 
60736

 

 
61246

 

 
57090

 

 
الفئات
  الطبية المساعدة

 

 
4.95

 

 
35973

 

 
34277

 

 
33047

 

 
32167

 

 
30840

 



** التقرير الصحي السنوي لعام 1997م وزارة الصحة السعودية .


الخدمات الصحية :

لقد نصت خطة التنمية الخامسة على تحسين جميع الخدمات الصحية في جميع مناطق المملكة
لجميع أفراد المجتمع السعودي ولم تتوقف عند ذلك بل طالبت بزيادة عدد الأسرة في
المستشفيات والوحدات الصحية والأطباء والممرضات .


فالقطاع الصحي في المملكة يقدم ثلاثة أنواع من الخدمات كما هو معروف :


1-خدمات أولية : مراكز الكشف والتشخيص وتلقى العلاج الأولي .


2-الخدمات الثنائية : مراكز التشخيص ومستشفى الولادة ومستشفى عام .


3-الخدمات المتخصصة : وتقدم أعلى خدمة علاجية ويشمل ذلك المستشفيات التخصصية للعلاج من أمراض
مستعصية أو مزمنة .


وجميع هذه الخدمات الصحية تقدم مجاناً لكل المواطنين مما أدى إلى زيادة الإنفاق الصحي
وارتفاع التكاليف لسوء استخدام المستهلكين لهذه الخدمات . فقد يأتي المستهلك ليحصل
على أي خدمة بمجرد ألم بسيط وتصرف له بعض الأدوية التي هو في غنى عنها . كما أن
مدة التمريض أطول في المستشفيات العامة مما تكون في المستشفيات الخاصة . ولقد أكدت
بعض الدراسات أن ارتفاع تكلفة الوحدة الإنتاجية من خدمات المستشفيات العامة تفوق متوسط
تكلفة السرير في اليوم في المستشفيات الخاصة بأكثر من %24 . كما إن معدل استهلاك
السرير زائداً متوسط تكلفة السرير في اليوم الواحد في المستشفيات العامة تزيد عن
%59 عن تكلفة القطاع الخاص .


فلا أحد يشك في عدم فعالية المستشفيات العامة مقارنة بالمستشفيات الخاصة وهذا يعود إلى
أن المستشفيات العامة لا تدار بمدراء متخصصين في إدارة المستشفيات وكذلك عدم وجود
الحوافز الفعالة في المستشفيات العامة التي هدفها المنفعة العامة . فلا تقارن مع
المستشفيات الخاصة التي يتميز أطبائها بالأجر المرتفع وهدفها الربحية التي تؤدي
إلى زيادة فعاليتها وإنتاجيتها .


كما أن سوء مراقبة المستودعات والمواد الصحية العامة وعدم وجود نظام تحكم دقيق قد أخل
بميزانيات تلك المستشفيات العامة حيث أن جزء كبير من ميزانياتها يصرف على شراء
الأدوية والأجهزة والأدوات ذات الاستخدام الواحد
(
Disposable )
وليس المتكرر .

إن تخصيص المستشفيات العامة ليس بالأمر اليسير ويحتاج إلى دراسة متكاملة بواسطة لجنة
متخصصة ومؤهلة لرسم الخطط اللازمة لهذه المرحلة الانتقالية ووضع برامج التحكم
والمراقبة للتأكد من أن الخدمات الطبية تقدم بشكل أفضل مما هي كانت عليه بعد أن
يتم التخصيص .


تحسين الخدمات الصحية :

إن أمام وزارة الصحة على الأقل اختيارين لتحسين وتطوير خدماتها وتقليص تكاليفها
وتموين ميزانياتها :


الاختيار الأول : إبقاء ملكية المستشفيات التابعة لوزارة الصحة قائمة وتحسين خدماتها على أن
يدفع طالب الخدمة %10 من تكاليف كل فاتورة حتى يكون هناك مصدر آخر للتموين ويؤدي
إلى ترشيد الاستهلاك . فمن ذلك يتم زيادة أجور الأطباء المتخصصين مما يشجعهم على
تقديم خدمات أفضل ومنعهم من العمل الخاص والتأكد أن ذلك التحفيز ينقص التكاليف
الغير ضرورية .


الاختيار الثاني : تخصيص المستشفيات العامة عن طريق تأجيرها على القطاع الخاص ليتم بيعها
تجزيئياً فيما بعد على أن يكون التأجير رمزياً في البداية حتى يشجع المستثمرين على
ذلك .

فإذا ما تم اختيار التخصيص الكامل فإن دفع تكاليف الخدمات الطبية يكون عن طريق شركات
التأمين الصحي التي لابد أن تقدم أسعار تأمينية متناسبة مع متوسط دخل الفرد
السعودي على أن لا يكون قيمة هذا التأمين الصحي يمثل عبئاً كبيراً لأي عائلة
فيستقطع جزءاً كبيراً من دخلها مما لا يحقق الهدف المنشود . كما إنه يستوجب على
أصحاب العمل دفع جزءاً من هذا التأمين الصحي للعاملين لديهم .

أما بالنسبة للأفراد ذو الدخل المحدود والذين لا يستطيعون دفع التأمين الصحي أن تقوم
المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بدفع قيمة التأمين عنهم بموجب فواتير تقدمها
المستشفيات الخاصة لها مباشرة .

أن هذا التخصيص لا يلغي مهام ومسئوليات وزارة الصحة بل سوف يزيدها من ناحية عملية
وإدارية في تنظيم ومراقبة أسعار الخدمات الطبية والتأكد من كيفية الخدمات ومستوى
جودتها وأن الأسعار المحددة تتفق مع تكاليف العلاج والخدمات عند مستوى معين من
التشغيل الفعال والحسم في القضايا التي قد تنتج من استغلال المستشفيات الخاصة
لزبائنها بقصد تحقيق أكبر قدر من الربحية . كما أنها سوف تعمل على التوزيع المكاني
للمراكز والمستوصفات الطبية الموجودة في المناطق النائية من قرى وهجر حيث يكون
هناك مركز طبي رئيسي لكل مجموعة من القرى يقدم خدمات أفضل بدلاً من وجود طبيب واحد
أو مستوصف غير فعال في كل قرية .


الخلاصة :
في رأيي أن التخصيص الكامل للمستشفيات العامة التابعة لوزارة الصحة والجهات الحكومية الأخرى مع بقاء مستشفيات وزارة الدفاع والحرس الوطني ووزارة الداخلية على ما هي عليه لأنها تتعلق بالأمن والطوارئ الغير متوقعة هو الأجدى والأفضل لتقديم خدمات مميزة للجمهور الذي سوف تفرضه المنافسة بين مستشفيات القطاع الخاص . كما أن هذا التخصيص سوف يزيح عبء مالي كبير من أكتاف الدولة لأن المشكلة ليست في الوقت الحاضر وإنما في المستقبل عندما
يزيد السكان ويتضاعف الطلب على الخدمات الطبية

ليست هناك تعليقات:

الطلب على النفط.. يحدد الاستثمارات

  الثلاثاء 21 ذو الحجة 1446هـ 17 يونيو 2025م المقال الرياض د. فهد محمد بن جمعة صرّح هيثم الغيص، الأمين العام لأوبك، خلال معرض الطاقة العالمي...