2/18/2011

دبي نموذج في الاقتصاد والتخطيط

د/ فهد محمد بن جمعة

التاريخ: 15 -10 –2005


دبي
نموذج في الاقتصاد والتخطيط


قد يستغرب الكثير كيف تمكنت هذه الاماره
الصغيرة من تحويل مدينه دبي من صحراء جرداء إلى عاصمة الأعمال والاستثمارات المتنوعة
حيث تجاوز دخلها من المصادر المتعددة الغير نفطية دخلها النفطي ومازالت ماشيه في
طريقها نحو اقتصادا مزدهر ومتنوع في عائداته. إن الخطط ألاقتصاديه التي تتبعها دبي
في إنعاش اقتصادها لم تأتي من فراغ وإنما جاءت من الإحساس بالمسؤولية لتأمين دخلا
مصادره متنوعة لأجيالها القادمة لا يتلاشى مع تذبذب أسعار النفط وإنما يبقي معادلة
الاستقرار الاقتصادي متوازنة مهما اختلفت متغيراتها. لكن أسؤال الذي يطرح نفسه ما
هي اليد الخفية التي تحرك اقتصاد دبي وتزيد من حجمه و تجعل شركات العالم تتهافت
عليه من كل صوب وجهه وتهرول إليه الأموال السعودية وسائحيها مع انه لا يتمتع بطبيعة
مناخيه تغري هؤلاء السائحين؟.إنها فعلا روعة التخطيط التي فجرت بركان هذا الاقتصاد
ليضئ بناره جميع الأمارات من حوله ويلقي بحممه على الدول المجاورة فلم يكن ذلك
جزءا من ماضي الاستعمار الإنجليزي ولكنه جزءا من الحاضر والمستقبل الذي لم يفقده خصوصيتها
وهويتها الاسلاميه في ظل هذا التحرر السمح بل أنها مازالت إمارة متشبثة بعاداتها
وتقاليدها التي تعكس تراث عريق في تقاليدها التجارية ونشاطها
البحري. إن ذلك النموذج الناجح كان نتيجة التخطيط السليم المبني على معايير
اقتصاديه عالميه تصاحبه نماذج ومقومات تنموية اقتصاديه تجذب الرأسمالية بشتى الطرق
الممكنة من اجل تحقيق الأهداف المنشودة التي زادت معدل نمو إجمالي الناتج المحلي
بنسبه متوسطه تجاوزت 11% سنويا منذ عام م1988 ومن
المتوقع أن تتصاعد تلك النسبة طرديا مع تزايد نسبة الاستثمارات والإنفاق الحكومي.

هكذا ساهمت القرارات السياسية والاقتصادية
والتجارية والصناعية في تعزيز قدرة القطاعات الاقتصادية التنافسية وزيادة الطاقة الاستيعابية
لسوق المحلي وتنمية قطاع الصناعات التحويلية
بقصد التصدير التي حققت أعظم المكاسب لذلك الاقتصاد. لقد أصبحت دبي العمود الفقري للتجارة في الشرق الأوسط وساحة عالميه للاجتماعات والمؤتمرات والمعارض والسياحة
وموطنا للمراكز الرئيسية الإقليمية للشركات
وإقليما لنقل والتوزيع, الأعمال المصرفية والتمويل
والتأمين. المعلومات وتكنولوجيا الاتصال. والصناعات التحويلية
الخفيفة والمتوسطة.هكذا أثمرت التجهيزات والمقومات التي جسدتها خطه التنمية
الاقتصادية وكونت بنية نحتية المتطورة وفرت أرضا خصبه لنمو تلك الاستثمارات
المتنوعة المرتبطة طرديا بما يصدر من قرارات اقتصادية تحفز الاقتصاد وتمنحه المزيد
من الحرية والانفتاح العالمي وتوفر له عناصر الإنتاج من راسماليه وخليط من العمالة
الماهرة عند تكاليف متدنية من جميع الجنسيات.

لقد لعبت العلاقة الوطيدة بين الحكومة والقطاع الخاص دورا هام في التفاهم
وتبادل الآراء فيما يخدم الاماره ومنشآت القطاع الخاص ما أعطى حافزا قوي لتشجيع
هذا القطاع على الاستثمار في المراكز التجارية العملاقة التي وصلت قوة جذبها إلى
دول العالم عامة ودول الخليج خاصة. أن القطاع الخاص في دبي بعيش في بحبوحة من الازدهار
في ظل وجود حكومة متسامحة تهتم في تنميه القطاع الخاص بكل فعالية فلا تفرض سيطرتها
عليه ولا تشدد الخناق عليه من خلال قراراتها بل تسعى لتوفير كل ما يتطلبه هذا
القطاع من عناصر الإنتاج والتي من أهما العمالة الرخيصة. فعندما أرادت دبي أن تجعل
من صناعة السياحة مصدر دخلا مثمرا فلم يتوانى القطاع الخاص أن يضع ثقله المالي
ليستثمر في بناء الفنادق ذات الشهرة العالمية والتي يزيد معدل تشغيلها عن 90% وفي
معظم المواسم 100%والمنشآت السكنية والتجارية ومرافق الترفيه والاستجمام. أنها علاقة
الإعطاء والأخذ المتبادلة وليست للغة العصى والجزرة بل علاقتها يسودها الاعتدال والتسامح
وفي النهاية الإنجازات ألاقتصادية العملاقة.

إن دبي تنعم بمستوى من الحياة المعيشة ذات الدخل المرتفع المتناغمة مع انخفاض في معدل الجريمة ونظافة البيئة, التسامح, التنوع الثقافي وأسلوب الحياة المعاصر, الإدارة العامة الحديث. فهنيئا لك يا دبي لقد زرعتي اقتصادا منتجا ليحصد أفراد مجتمعك على جميع مستوياتهم وتخصصاتهم ثماره الآن وفيما
بعد. لقد أحسنت في تنمية مواردك ووفقت في توظيف أدماء الشابة في إداراتك ووزارتك
لقيادة مشاريعك الاقتصادية العملاقة المرتبطة بشبكة تجارة خارجية واسعة تغطي 179 دولة وتشمل أكثر من 120 خطا ملاحيا تمثله 85 شركة طيران وبأكثر من 130 وجهة عالمية ما يعطي المستثمر
خيارات متعددة يستطيع أن يمارس تبادله التجاري فيها بكل مرونة حتى انك أصبحت ثالث
أكبر مركز في العالم للصادرات وإعادة التصدير بعد هونج كونج وسنغافورة.

إن استقلال المحاكم الشرعية ووجود القوانين المكتوبة على قواعد راسخة قد حفظت الحقوق وحمت انتهاك قواعد الملكية وسمحت بتعددية وللأجانب بحقوق الملكية التي وصلت إلى 49% من الشركات ذات المسؤولية المحدودة التي تأسست داخل دبي و 100% للشركات المهنية وفروع ومكاتب التمثيل التابعة للشركات الأجنبية ومشاريع المناطق الحرة كل هذا جعلت دبي تحصل على
تقدير مؤسسة "موديز انفسترز سيرفيز" على تصنيف " درجه استثمار" في مجال استثمارات
الدخل الثابت.فلا توجد ضرائب مباشرة على أرباح الشركات أو على الدخل الشخصي
غير شركات النفط التي تدفع معدل ثابت قدره 55%، وفروع البنوك الأجنبية التي تدفع معدل ثابت قدره 20% من صافي الأرباح المحققة داخل دبي.أنه
فعلا نظام اقتصادي مفتوح يجذب المستثمرين والشركات في سوق تحركه عوامل
العرض والطلب بينما يبقي الدور الحكومي في نشاطات القطاع
الخاص عند حده الأدنى.

لقد تألقت أمارة دبي في الدعاية الاقتصادية التي تساندها المرونة والسماحة وعرضا لمزايا
اقتصادها على الشركات الدولية أما لتستمر في استثماراتها أو تجذبها من خلال تلك المزايا الهامة بالنسبة
للتكلفة التي قد لا تتوفر في مناطق أخرى من العالم مثل تكاليف العمالة الرخيصة والمتوفرة
من جنسيات متعددة وذات المهارات
عالية, تكاليف تنافسية في الطاقة و العقارات.
تكاليف مالية تنافسية ومستويات من السيولة العالية. كما أنها تسمح بسياسات
إصدار تأشيرات الدخول بكل سهولة لجلب العمال الأجانب ذوي
المهارات المختلفة من جميع أنحاء العالم فهل ياترى نتعلم دروسا من جارتنا أمارة
دبي أو نترك الباب مفتوحا ولا يهمنا من يذهب أو بعود.

 
 

 


 


    

     

 
.

 


 

 

    

 

 

 


 


 

 


 

 


 

 


 


 


 


 


 

















ليست هناك تعليقات:

الطلب على النفط.. يحدد الاستثمارات

  الثلاثاء 21 ذو الحجة 1446هـ 17 يونيو 2025م المقال الرياض د. فهد محمد بن جمعة صرّح هيثم الغيص، الأمين العام لأوبك، خلال معرض الطاقة العالمي...