د/ فهد محمد بن جمعه
التاريخ: 29-3 –2003
إن الحرب التي تشنها الولايات الامريكيه والبريطانيه على الشعب العراقي العربي والإسلامي تتنافى شرعيتها مع
ميثاق الأمم المتحدة ومع المبادئ الانسانيه والاخلاقيه فهي حرب مدمره بلا شك لشعب
العراقي وموارده الاقتصادية والطبيعية.فان أهدافها الحقيقية بدأت تتبلور في ما
تقوم به من تدمير وتخريب في الوطن العراقي واستعمالها لجميع أنواع الاسلحه والمتفجرات
حتى المحرم منها. فلقد بررت أمريكا الغازية على إن الأهداف الحقيقية لذلك الغزو
القضاء على أسلحه الدمار الشاملة التي لم تبرهن فرقه تفتيش الأمم المتحدة على
وجودها وكانت تلك الفرقة على وشك القضاء على أشك باليقين بعدم وجود مثل تلك
الاسلحه في العراق لو إنها منحت بعض الأشهر لإنهاء تفتيشها. هكذا تسارعت الحكومة
الامريكيه في قرار الحرب لتبقي الشكوك حول وجود مثل تلك الاسلحه لتشن هجومها مع
تبعيتها بريطانيا جريا وراء أهداف دسيسة ليس لها علاقة بحرية العراق أو أسلحه
الدمار وإنما السيطرة على نفط العراق وأباده القاعدة التسلحيه للعراق من بكرة
ابيها وبسط هيمنتها على هذا الإقليم وما حوله من أقاليم عربيه أخرى وترسيخ أقدام
أبنتها الباطشة في ارض فلسطين هكذا جاء تهديد وزير الدفاع الأمريكي لكل من سوريا وإيران
ليكون ذلك شاهدا على أبعاد الأطماع الاستعمارية.ففي هذا الحديث سوف أتطرق إلى تلك
المواضيع وأثارها على الاقتصاد السعودي.
احتلال النفط:
إن المعركة الاستعمارية التي تقوم بها أمريكا وتبعيتها بريطانيا لا شك انه تهدف إلى منافع اقتصاديه كبيرة من بيع وسرق النفط من العراق لتحقيق الأهداف ألتاليه:
1- تعويض جميع الخسارات التي تعرض لها الاقتصاد الأمريكي منذ أحداث 11 سبتمبر.
2- بناء ناطحات السحاب التي تم تدميرها وقد انتهى فعلا تصميمها للبدء بتنفيذها في اقرب وقت ممكن.
3- تعويض ما خسرته أمريكا في حرب الخليج.
4- تعويض أهالي الضحايا الذين فقدوا بعض أفرادهم.
5- توظيف الشركات الامريكيه في قطاع النفط العراقي واستغلاله بشكل يعكس أهداف ذلك الاحتلال الغاشم.
6- تعويض تكاليف تلك الحرب الحالية وتعويض عائلات هؤلاء الجنود الذين قتلوا في تلك الحرب.
7- تعويض جميع الإعانات والرشاوى التي تم منحها لبعض الدول مقابل استعمال أراضيها أو تأييدها أو صموتها في وجه أمريكا.
8- تقسيم استعمار الأرض والنفط بين أمريكا وبريطانيا.
9- تعبأه المخزون
الاستراتيجي الأمريكي الذي قد وصل إلى اقل مستوى له هذا العام استعدادا لاستقبال
نفط العراق.
إن هذه الأهداف الاستعمارية
الشرسة تؤكد تطويل مده الحرب و بقاء تلك القوات الغازية في العراق إلى اجل غير
مسمى. إن الخطر لن يقف عند الضوء الأحمر بل سوف يتعداه ليقضي على ما تملكه ألامه
من قوه اقتصاديه وبشريه وهذا ما يحمله ذلك الاستعمار من أبعاد اقتصاديه استراتيجيه
لا يمكن تجاهلها سواء في المدى القصير أو الطويل. ففي الأجل القصير سوف تكون
النتائج غامضة وغير مستقره فقد أصاب الاقتصاد العالمي والمحلي نوعا من عدم
الاستقرار وفقد المستهلك ثقته في القوه الاقتصادية في ظل ظروف مجهولة ومحفوفة بالإخطار
والانعكاسات السلبية.فما زالت الحرب الاستعمارية قائمه والظروف الاقتصادية تتدهور
تدريجيا كلما طال مدى تلك الحرب التي تشير جميع الإحداث على إن مداها سوف يطول.وللأسف
إن أسعار النفط لم تترك لتعكس أجواء الحرب بل إن بعض دول منظمه الأوبك قد تبرعت بزيادة
إنتاجها لتخفيف من حده ارتفاع الأسعار لأجل تحقيق زيادة مؤقتة في دخلها. أما في الأجل الطويل فالوضع أعظم خطرا في كل من الحالات ألتاليه:
1- استعمار القوه الغازية للعراق لعده سنوات تتمكن فيها من امتصاص منافع النفط العراقي عند اكبر منفعة
اقتصاديه ممكنه. وهذا قد يكون مسعى أمريكي لتفكيك منظمه الأوبك واستعمال نفط
العراق كوسيلة لتحطيم أسعار النفط وإلقاء دول الخليج في دوامه اقتصاديه قد لا تخرج
منها.
2- تقسيم ارض العراق إلى عدة دويلات في الشمال والوسط والجنوب تؤدي إلى اضطرابات سياسية واجتماعيه واقتصاديه لا يمكن التحكم أو السيطرة عليها. وبذلك تنعكس تلك الاضطرابات على مناطق
الدول المجاورة للسنوات طويلة قادمة.
3- تكوين قياده جديدة في العراق لا تتفق أهدافها السياسة والاقتصادية مع دول الخليج مما يسبب قلق متواصل وخطير على جميع المستويات.
إن أي من الحالات السابقة يعتبر خطرا قائم بحد ذاته ويهدد المصالح الاقتصادية الخليجية بعد إن ثبت عدم مصداقية أمريكا مع حلفاءها وفقدان الثقة فلم تعد الاتفاقات أو القرارات ملزمه لدوله عظمى
مثلها تستطيع إن تعمل ما تشاء وتبرر شرعيتها تحت قاعدة " انك معنا أو ضدنا".
الاحتلال السياسي:
إن فشل أمريكا وبريطانيا في حصولها على غطاء شرعيا من الأمم المتحدة قد كشف عن نوياهما الاستعمارية
والتي تعرفه جيدا تلك الدول المعارضة للحرب.إن أمريكا تزحف إلى الشرق الأوسط من
خلال بوابتين البوابة الجديدة العراق أما البوابة القديمة هي العصابة الاسرائيليه
لوضع الدول العربية بين فكيها لتقضمهم عندما تشاء فاسمك الكبير لا بد إن يقضي على
اسمك الصغير يوما ما.إن دوله العراق بحضارتها العريقة ومولد أول حضارة مدنيه في
العالم أوشكت معالمها على الاختفاء لتطفوا أثارها على سطح مياه نهري دجله والفراة.
إن الخطر عظيم والصمت على ما يدور سوف يكون اخطر فلا تصدق ما يدعيه هؤلاء الغزاة
فهم يبطشون ويدنسون ارض العراق لخدمه مصالحهم السياسة فدائما الدم والأرض العربية رخيصة
بنسبه لهم. إنها فعلا حربا عالميه ثالثه ولكنها لم تكن على غرار الحرب ألعالميه الأولى
أو الثانية لأنها تمثل اعتداء مستبد رغبه في تحقيق منافع اقتصاديه وسياسية بحته
مخالفا للقرارات الدولية وانشقاقا فردي يتحدى جميع دول العالم مجتمعه.
توقعات:
لقد توقعت المنظمة المالية الدولية إن تلك الحرب في المدى الطويل تهدد انتعاش الاقتصاد العالمي و سوف يكون لها أثار اقتصاديه سلبية في المدى القصير لن تزول تلك السلبيات لمده قد يطول
مداها. فانه المتوقع إن تكلف تلك الحرب الاقتصاد العالمي بما لا يقل عن 240 مليار
في عام 2003 وتقليص معدل النمو العالمي من 3% إلى ما تحت 2%. وفي أسوء الأحوال إن
تكلف تلك الحرب الاقتصاد العالمي 3.5 تريليون دولار خلال 10 سنوات القادمة وإذا ما
كانت الحرب قصيرة فأنها سوف تكلف 1 تريليون دولار لنفس الفترة. فان تلك الانعكاسات
المتاتليه على الاقتصاد العالمي سوف تؤثر بلا شك على الاقتصاد السعودي وإذا ما
توسعت نطاق الحرب فان التأثيرات سوف تكون مضاعفه.إن استمرار هذه الحرب ألاستعماريه
لن تدر بالخير على اقتصادنا وتهدد مستقبل أسعار النفط الذي يعتمد عليه اقتصادنا
بشكل كلي.
استمرار الحرب:
لقد بدأت مؤشرات تظهر على طبيعة الحياة الاقتصادية المحلية وقد غير المستهلك فعلا سلوكه الإنفاق في
ظل تلك الظروف المجهولة نتائجها.إن استمرار تلك الحرب سوف يخفض معدل النمو
الاقتصادي وما قد يترتب على ذلك من تقليص إجمالي الناتج المحلي من خلال انكماش إنتاجيه
القطاع الخاص.ولكن الانتماء للوطن يلزم الدولة والقطاع الخاص والمواطنين بتماسك
فيما بينهم في وجه العواقب السيئة التي قد تنتج من جراء تلك الحرب. فعلى كل قطاعا
وفردا إن يعمل جاهدا في المحافظة على استمرار الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي وألا
يندفع وراء الشعارات التي ينشرها بعض الأعلام المغرض.إن الاقتصاد السعودي مازال
افظل من غيره في المنطقة رغم تلك الظروف القاسية ومازال المواطن السعودي ينعم بالأمن
والاستقرار ولا بد إن نتعلم درسا جديدا من تلك الحرب حتى نقدر تلك النعمة التي
حققت الرفاهية للمواطن السعودي.إن بعض الأعلام سواء كان العربي أو الغربي دائما
يظلل الحقائق وينشر الشك والبغضاء بين مواطنين الدول العربية الغنية تحت شعارات الديمقراطية
والحرية التي تكاد لا توجد تلك الأيام في أي بلدا من بلدان العالم حتى لا يستقر الأمن
من حولنا ولا نقطف ثمار الموارد االماديه والبشرية التي يمتع بها مجتمعنا.إن تلك ألازمات
تبرهن على مدى قوه المجتمع السعودي وتضامنه مع دولته في مواجه الأطماع التي وجهت
له منذ إحداث 11 سبتمبر.انه ليس من المستغرب عندما تتأثر أسعار الأسهم السعودية أو
يصبح النمو الاقتصادي متباطئ في ظل الظروف الحالية وإنما هذا يعتبر تغير نسبي
ومؤقت حتى تعود الظروف العالمية إلى وضعها الطبيعي. وفي مجمل الحديث مازال
الاقتصاد السعودي مستمرا في نموه في تلك الظروف الحالية معززا مشاريعه الاقتصادية والاجتماعية
فمازالت أسعار النفط مرتفعه مما قد يعوض الاقتصاد السعودي عن أي تكاليف أخرى نتجت
عن إخفاق إحدى القطاعات الاقتصادية الأخرى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق