2/16/2011

تفعيل المرور



إعـداد: د./ فهد محمد مانع
بن جمعه



كاتب اقتصادي






التاريخ:  6 June, 1999


تفعيل المرور





إن
أشهر كلمة تم قولها في عصرنا السعودي الحديث كلمة ولي العهد الأمير عبد الله بن
عبد العزيز آل سعود
ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني في
القمة الخليجية الأخيرة عندما قال إن عصر الطفرة قد انتهى لذا لابد أن تعود
الموازين الاقتصادية إلى طبيعتها . أن هذه الكلمة تحمل بين طياتها معاني وتفسيرات
كثيرة . فإذا ما فسرناها اقتصادياً فإنها تعني انتهى التبذير وإنفاق الأموال بدون
محاسبة وأن العصر الذي نعيشه هو عصر الإنتاجية في حدود مواردنا المالية والبشرية .


فمن
هذا المبدأ فأنه باستطاعة إدارات المرور استغلال الموارد التي في حوزتها استغلالاً
فعالاً وكفؤاً مقاساً بما تقدمه من خدمات لأفراد المجتمع كتقليص عدد الحوادث
والمخالفات المرورية السعودية عن طريق مراقبة حركة المرور وتطبيق القانون حسب ما
تنص عليه . إن الحديث عن أسباب حوادث المرور والتي يعرفها كل شخص يعتبر برنامجاً
لتوعية المواطنين وليس حلاً جذرياً للمشكلة بل لابد من الربط بين التوعية والجزاء
لمن يخالف . وأنه على إدارات المرور التركيز على تطبيق القوانين وتنفيذ مسئولياتها
وواجباتها الوطنية على أكمل وجه فرجل المرور واجبه أعظم من واجب الطبيب الذي يأتي
إليه الشخص بعد إصابته أو مرضه ليعالجه لأن قوانين المرور وضعت لحماية السائق ومن
حوله من الحوادث المرورية والإصابات .





الوقاية خير من العلاج :


إن
الحوادث المرورية تحدث عند مخالفة تعليمات وقانون المرور من سرعة وتهور وعدم
الوقوف عند إشارات المرور وهكذا ولكن هل يستطيع رجل المرور أن يحد من حجم تلك
الحوادث ؟ نعم باستطاعته الحد من عدد تلك الحوادث إذا ما تم تفعيل الإدارات
المرورية بغرض تحسين أدائها وزيادة فعاليتها . إن الإمكانيات متوفرة لدى إدارات
المرور وإنما المشكلة تكمن بشكل عام في إدارتها التي لابد أن تدار بمدراء لديهم
خبرات إدارية تمكنهم من زيادة إنتاجية رجالهم والتأكد من إنتاجيتهم في كل يوم ؟
فما وقوف رجال المرور عند الإشارات إذا لم تكن معطلة هي مشكلة إدارية تدل على عدم
فعالية الإدارة . وإن وجود عدد كبير من سيارات المرور في شارعاً ما وغيابها عن
الشارع الآخر أيضاً مشكلة إدارية تتعلق بالتوزيع الغير مخطط والمدروس . وعندما ترى
رجل المرور واقفاً أمام الإشارة والسائقين يحاولون أن ينعطفوا يميناً وهم في أقصى
الشمال ولم يوقفهم يدل على أنه لا يؤدي عمله على الوجه المطلوب . إن وجود مجموعات
من رجال المرور متمركزين على الطرق السريعة لضبط السرعة لن يحقق النتيجة المطلوبة
بل يجب توزيعهم على مناطق متفرقة . كل ما تم سرده هو بعض الملاحظات وهناك الكثير
منها .





حقائق مرورية :


إن
ما تم ذكره ليس إجحافاً في حق المرور أو تشكيكاً في إخلاصهم لهذا الوطن وإنما محور
نقاش يقصد به تفعيل دور الإدارات المرورية حتى يتم استخدامها لمواردها استخداماً
فعالاً وتحقيق نتائج مرضية لأكثر أفراد المجتمع .


أيها
القارئ إذا لم توافقني في ذلك اركب سيارتك ثم توجه إلى إحدى الإشارات المرورية إذا
كنت في الرياض على سبيل المثال تقاطع إشارة شارع العليا مع شارع موسى بن نصير ثم
لاحظ ما يدور حولك من مخالفات بتحديد نوعين من المخالفات :


1-
انعطاف السائقين يميناً وهم في أقصى الشمال وهكذا .


2-
عندما تضئ الإشارة نورها الأخضر ثم يظهر النور البرتقالي فإن السيارات لن تقف بل
تستمر حتى والإشارة حمراء .


إن
هذان النوعين من المخالفات يحصل تقريباً عند إضاءة كل إشارة مرورية . كل هذا يدل
أن المرور غير صارم في أداء عمله ولم يخلق احترام له من السائقين فليس هناك توزيع
لأنشطته ومراقبة المخالفين وكذلك مراقبة رجال المرور للتأكد من أداء أعمالهم
بفعالية .


إحصائيات المرور مدهشة :


إن
الإحصائية السنوية لدوريات أمن الطرق خلال عام 1998م تدل على أن جميع أنواع
الحوادث لم تتقلص في عام 1998م عنها في عام 1997م بشكل هام بل زادت الانقلابات
ودهس الأشخاص رغم الزيادة في نسبة المخالفات بـ %20 في عام 1998م مقارنة بعام
1997م فلم يستطع المرور تخفيض نسب تلك الحوادث . إن هذا يدل على أن إعطاء
المخالفات لم يكن فعالاً في أداء هدفها مما يشير إلى أنه يجب زيادة إعطاء
المخالفات على أن يرتبط تسديدها بمدة لا تزيد عن 15 يوماً حتى تكون ردة الفعل أكثر
إيجابية .





**
الإحصاء السنوي لدوريات أمن الطرق **







<> <>   <>   <>   <>   <> <> <>   <>   <>   <>   <> <> <>   <>   <>   <>   <> <> <>   <>   <>   <>   <> <> <>   <>   <>   <>   <> <> <>   <>   <>   <>   <> <> <>   <>   <>   <>   <> <> <>   <>   <>   <>   <> <> <>   <>   <>   <>   <> <> <>   <>   <>   <>   <> <> <>   <>   <>   <>   <> <> <>   <>   <>   <>   <> <>

 
عدد الحوادث

 

 
1997م

 

 
1998م

 

 
% التغير

 

 
انقلاب

 

 
1662

 

 
1744

 

 
%5

 

 
تصادم

 

 
1933

 

 
1916


 

 
%1-

 

 
ارتطام

 

 
1249

 

 
1258

 

 
%1

 

 
دهس
  أشخاص

 

 
65

 

 
66

 

 
%2

 

 
دهس
  حيوانات

 

 
381

 

 
361

 

 
%5-

 

 
احتراق

 

 
129

 

 
119

 

 
%8-

 

 
أخرى

 

 
84

 

 
42

 

 
%50-

 

 
المجموع

 

 
7500

 

 
7504

 

 
%0

 

 
المخالفات

 

 
1,122,238

 

 
1,403,832

 

 
%25

 

 
إصابات
  حوادث

 

 
0

 

 
4,892

 

 
%0

 

 
وفيات
  حوادث

 

 
0

 

 
507

 

 
%0

 



* (الاقتصادية)





إجمالي
أعداد الحوادث المرورية المسجلة







<> <>   <>   <>   <>   <>   <>   <>   <>   <>   <>   <> <> <>   <>   <>   <>   <>   <>   <>   <>   <>   <>   <> <> <>   <>   <>   <>   <>   <>   <>   <>   <>   <>   <> <> <>   <>   <>   <>   <>   <>   <>   <>   <>   <>   <> <> <>   <>   <>   <>   <>   <>   <>   <>   <>   <>   <> <> <>   <>   <>   <>   <>   <>   <>   <>   <>   <>   <> <> <>   <>   <>   <>   <>   <>   <>   <>   <>   <>   <> <>

 
السنة

 

 
1991م

 

 
1992م

 

 
1993م

 

 
1994م

 

 
1995م

 

 
1996م

 

 
1997م

 

 
1998م

 

 
المجموع

 

 
الحوادث

 

 
27127

 

 
40076

 

 
85277

 

 
125324

 

 
122140

 

 
167265

 

 
135763

 

 
153727

 

 
856699

 

 
% تغير الحوادث

 

 
0

 

 
%48

 

 
%113

 

 
%47

 

 
%3-

 

 
%37

 

 
%19-

 

 
%13

 

 


 

 
الوفيات

 

 
3232

 

 
3495

 

 
3719

 

 
4077

 

 
3789

 

 
3123

 

 
3131

 

 
3474

 

 
28040

 

 
% تغير الوفيات

 

 
0

 

 
%8

 

 
%6

 

 
%10

 

 
%7-

 

 
%18-

 

 
%0

 

 
%11

 

 


 

 
الإصابات

 

 
25516

 

 
27385

 

 
34880

 

 
32133

 

 
31033

 

 
26115

 

 
25078

 

 
28144

 

 
230284

 

 
% تغير الإصابات

 

 
0

 

 
%7

 

 
%27

 

 
%8-

 

 
%3-

 

 
%16-

 

 
%4-

 

 
%12

 

 


 



* (الاقتصادية)





وإذا
ما نظرنا إلى إجمالي الحوادث المرورية في السعودية فإن الوضع يكون أسوأ حيث زادت
النسب في عام 1998م عنها في عام 1997 وكانت مجموع الزيادة %36 وقد كنا نتوقع العكس
.





الآثار الاقتصادية :


إنه
عندما يفقد المجتمع واحد من أفراده بسبب حوادث السيارات فإن حياة ذلك الفرد تفوق
أي قيمة توضع عليها .


ولو
نظرنا إلى تقييم حياة الشباب المتوفين في الحوادث في الولايات المتحدة الأمريكية
بغرض مطالبة المذنب أو الحصول على التأمين فإننا نجد أن حياة هذا الشاب تقيم بمئات
الملايين من الدولارات . وقد أشارت بعض الدراسات الإحصائية إلى أن إجمالي تكاليف
الحوادث المرورية في السعودية تزيد عن 21 مليار ريال سنوياً أي ما يعادل %5 من
إجمالي الناتج المحلي . فإننا لو أضفنا خسارة ما قد يكسبه أكثر من %75 من المتوفين
في حوادث السيارات والذين لم تتجاوز أعمارهم سن الـ 45 سنة من بداية مشوارهم
العملي حتى سن التقاعد فإن خسارة الاقتصاد والمجتمع سوف تكون أكبر بكثير من الرقم
المذكور . إن خسارة المجتمع لأفراده بسبب حوادث السير يزيد من مشكلة العمالة خاصة في
مجتمع تقل فيه الأيدي العاملة السعودية إذا ما نظرنا إلى العدد الهائل من الأيدي
الوافدة في مجتمعنا .





إن
تطبيق الأنظمة المرورية بكل صرامة ومنع المخالفات يحقق عدة فوائد من أهمها :


1-
تكوين مصدر اقتصادي يؤخذ من هؤلاء المخالفين لأنهم أصلاً مذنبون لمخالفتهم للقانون
فهم يهددون حياتهم وحياة وممتلكات الآخرين .


2-
تخفيض تكاليف المستشفيات سواء كان على الدولة أو العائلة .


3-
تقليص ما يخسره المجتمع سواء من حياة أفراده أو اقتصاده .


4-
إظهار المجتمع السعودي بصورة حضارية تعبر عن التزام السائق السعودي بنظم المرور
وكذلك حرص المرور على تطبيق الأنظمة والتعليمات .


5-
تمهيد الطريق والتخطيط للمستقبل عندما يتضاعف عدد السكان بعد 25 عاماً ويتزايد عدد
السيارات من 3 ملايين سيارة إلى ما قد يزيد على 5 ملايين .





هيئة وطنية :


إن
تكوين هيئة وطنية ميدانية في كل مدينة من أفراد المجتمع يتم اختيارهم عشوائياً
للتجول في شوارع المدن ورصد بعض المخالفات التي يتم من خلالها تقييم عمل المرور
سواء في الشوارع الداخلية أو على الطرق السريعة لأن هذا يخدم المصلحة العامة وهكذا
يتم تفعيل كل قطاع . فلقد أخبرني محامي أمريكي مشهور عن المحاكم القضائية في
أمريكا فلقد قال أن الذي جعل المحاكم الأمريكية أكثر عدالة هو وجود 12 قاضي في
المحكمة يتم اختيارهم عشوائياً من المجتمع بغض النظر عن مستواهم التعليمي أو عملهم
طبعاً هذا مثل من بلد غربي وبعضنا عنده حساسية من الغرب ولكننا نأخذ بالأفضل ونترك
ما لا يناسبنا . إن مهام هذه اللجنة هو رفع تقارير مباشرة إلى الجهات العليا حتى
يتم البت في وضع الحلول المناسبة .





اقتراحات :


نحن
نعرف الإدعاء القديم أن الواسطة هي المشكلة وأنا أقول هذا غير صحيح فمع تطور
الأنظمة الإلكترونية وتقدمها خاصة في منح المخالفات يصعب إلغائها حتى ولو كانت
هناك واسطة . إذ يجب على رجل المرور أن يتبع نظاماً محدداً حتى يتم معاقبة المخالف
عندما يتم إيقافه وأخذ رخصته وذلك بالاتصال مباشرة بالحاسب الآلي وفحص ملف المخالف
ثم تسجيل مخالفته مباشرة ثم بعد ذلك يسلم للمخالف مخالفته دون أن يتكلم معه فإذا
ما كان الحاسب الآلي لا يمكن إلغاء ما تم إدخاله فإن الواسطة لا تفيد شيئاً في ذلك
حيث أنه سوف يتم مطابقة عدد وقيمة المخالفات مع المبالغ المستلمة في نهاية كل عام
للتأكد أن ليس هناك أي نقص ثم بعد ذلك يأتي دور المحاكم المرورية إذا لدى المخالف
أي اعتراض في وقتها .


إن
تعديل الأنظمة إلى مستوى يتناسب مع طبيعتنا أمراً هاماً وبناءاً على ذلك اقترح
أيضاً التالي :


1-
توزيع رجال المرور على عدد الكيلوات المرغوب مراقبتها حتى يتم مراقبة الشوارع
والطرق الرئيسية بطريقة منظمة وعدم ظهور سيارات المرور للعيان بشكل مباشر فجميع
البلدان المتقدمة لا تشاهد سيارات مرورها بكثرة .


2-
تعديل السرعة القصوى من 120 كيلو في الساعة إلى 150 كيلو في الساعة فإن ذلك سوف
يقلل من تكاليف المرور ويقنع أكثر السائقين بالالتزام بهذا الحد الأعلى .


3-
إلغاء إضاءة كشافات سيارات المرور سواء داخل المدن أو على الطرق السريعة فالهدف من
هذه السيارات هو اكتشاف المخالف عندما تتم مخالفته وليس تنبيهه على أن لا يخالف
طالما هو يشاهد هذه الأضواء .


4-
التشديد على الفحص الدوري على أن يكون كل سنة على السيارات التي تعدى عمرها ثلاث
سنوات حتى يتم التأكد من سلامة تلك السيارات والتأكد أن كل سيارة تتوفر بها جميع
وسائل السلامة .


5-
فرض غرامة رادعة على من لم يقم بإصلاح سيارته قبل انتهاء تصريح الإصلاح ثم مضاعفة
الغرامة مع تكرار عدد تصريحات الإصلاح الممنوحة .




ليست هناك تعليقات:

الطلب على النفط.. يحدد الاستثمارات

  الثلاثاء 21 ذو الحجة 1446هـ 17 يونيو 2025م المقال الرياض د. فهد محمد بن جمعة صرّح هيثم الغيص، الأمين العام لأوبك، خلال معرض الطاقة العالمي...